كثيرة هي العادات والتقاليد التي لا تزال موجودة ومتداولة بين أفراد المجتمع مهما اختلفت ثقافاتهم لكونها تمثل إرثاً اجتماعياً له مكانته الخاصة لديهم لأنه يمثل جزءاً من التاريخ الذي تناقلوه عن الآباء والأجداد، و"الجاهة" أو كما تعرف عند أهل مدينة "إدلب" بـ"التحشيم" هي واحدة من تلك العادات والموروثات الاجتماعية التي يحرص الكثيرون على التمسك بها باعتبارها تحمل الكثير من المعاني والصفات التي غالباً ما يكون لها أثرها الاجتماعي البالغ سواء في موضوع الخطبة أو في فض الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة للتصالح والتصافي.

وفي لقاء لموقع eIdleb مع الباحث "هيثم نجار" تحدث عن معاني ودلالات "الجاهة" حيث قال: «"الجاهة" موروث اجتماعي ورثناه عن آبائنا وأجدادنا وغالباً ما يتم اللجوء إلى "الجاهة" لحل الكثير من الخلافات والعقبات التي تعترض أهل الحي أو البلدة الواحدة وحتى بين أفراد العائلة الواحدة، كما أن لها وجوداً هاماً في موضوع الخطبة حيث يصطحب أهل الخطيب معهم وجهاء وأشراف الحارة أو البلد عند خطبة إحدى البنات لابنهم وكلما كانت "الجاهة" تضم أشخاصاًَ لهم مكانتهم كان ذلك تشريفاً وتقديراً لمكانة وشأن أهل العروس، حتى إن دعوة "الجاهة" تسهم في تعزيز العلاقات والمحبة بين أهل الحي، وإذا كان هناك خلاف بين الطرفين يقوم الوفد الذي تضمه "الجاهة" بالتدخل لحله وتقريب وجهات النظر للوصول إلى القبول والموافقة».

"الجاهة" هي بالأساس تكبير لمقام الشخص الذي تتم زيارته سواء والد العروس أو أي شخص، ولا تزال هذه العادة الاجتماعية موجودة في مختلف المناطق والبيئات مهما اختلفت عاداتها وطباع أهلها فهي تبقى من الموروثات الإيجابية التي تكون ذات مدلول اجتماعي كبير تزيد من محبة وتوافق الناس

ويضيف "نجار": «ومن العبارات التي تقال من قبل "الجاهة" في مناسبات الخطبة سواء عند الطبقات الفقيرة أو عند الأغنياء مع اختلاف ببعض الكلمات وطريقة الكلام، العبارة المشهورة (لقد دخلنا بيتكم ودسنا بساطكم وجايبين معنا هالوجوه الطيبة حتى نتشرف ونطلب يد كريمتكم ذات الحسب والنسب لتكون زوجة لابننا على سنة الله ورسوله)، هذه الوجوه الطيبة التي جاءت مع أهل الخطيب هي ما يعرف باسم "الجاهة" وغالباً ما تكون حديث الناس بما تضمه من أشخاص لهم مكانتهم أو حتى بعددهم».

الباحث هيثم نجار

أما "أسعد سليمان" وهو مختار سابق لـ"لحارة الشمالية" في مدينة "إدلب" فيقول: «"الجاهة" هي بالأساس تكبير لمقام الشخص الذي تتم زيارته سواء والد العروس أو أي شخص، ولا تزال هذه العادة الاجتماعية موجودة في مختلف المناطق والبيئات مهما اختلفت عاداتها وطباع أهلها فهي تبقى من الموروثات الإيجابية التي تكون ذات مدلول اجتماعي كبير تزيد من محبة وتوافق الناس».

ويقول"عبد الحميد نجار": «من العادات المعروفة خلال زيارة "الجاهة" أن يقوم أكبرهم شأناً وقدراً بعدم شرب فنجان القهوة المرة الذي يقدم له حتى يتم تلبية طلبهم حيث يسعى صاحب الضيافة أن يلبي طلبهم ليكون كبيراً بأعين زواره، ومن الضيافات المشهورة التي تقدم للزوار التين والزبيب والتين بالعجين وكسيب حلاوة».

المختار أسعد سليمان
قراءة الفاتحة بعد الخطبة