تعد "الناعورة" ابنة "حماة" التي تعرف بـ"أم النواعير"، فتجد أبناء المدينة متعلقون بها لحد الشغف، إذا فارقوها حنوا وعادوا ليتذكروها، وإذا اشتاقوا لها زاروها، وارتباطهم بها أزلي، فتجد صورة هذه البدعة تزين بيوتهم ومكاتبهم، وصورهم التذكارية بجانبها أو عليها، ومجسماتها الصغيرة تزين جلساتهم ومنازلهم وحتى حدائقهم. موقع eHama توجه إلى أحد أشهر صناع النواعير في المدينة وهو المعلم "عبد الحميد أبو خصرين" الذي اشتهرت عائلته أبا عن جد بصناعة وصيانة النواعير ليحدثنا عن كيفية صناعتها حيث قال:
«يتخيل للبعض أن الناعورة مجرد قطع عشوائية جمعت سويا لتحمل الماء، لكن بالحقيقة صناعة الناعورة من أعقد الأمور، فهي تتألف من العديد من الأجزاء الكبيرة والصغيرة، حيث تبدأ بـ"الكفت" وهي قطعتين من الخشب المقعر من المنتصف والذي يجلس عليه "محور الناعورة" ثم تحاط بقطع خشبية تشبه "الأسافين" تدعى بـ"الصر".
هناك الكثير من العائلات التي اشتهرت بهذه المهنة منذ القديم، فقد كان عدد نجاري النواعير يبلغ (110)، منهم "محمد السلق" و"عادل العلواني" من الحاضر وجدي "عبد الغني أبو خصرين" الذي كان يدعى بـ"الشيخ وز" والذي توارثناها عنه، حيث كنا دائما ما نرافقه في عمله لصيانة النواعير الكبيرة، لكن الآن قل العدد كثيرا، وهناك من افتتح ورشات لصناعة النواعير لكنها لا تمت بأي صلة للناعورة الحقيقية
بعدها تركب "الأعتاب" وعددها في أي ناعورة (16) حيث يركب نصفها الأمامي من جهة قناة الماء والنصف الآخر للخلف، ثم ننتقل إلى "الوشاحات" الطويلة والتي يبلغ عددها في الناعورة الكبيرة (48) بحيث يتقابل كل اثنين سوياً وتربط من الأسفل بـ"الأعتاب" ومن الأعلى بـ"القيود" التي هي قطع خشبية صغيرة وعريضة بمقدار يصل ما بين وشاحين لتشكل ما يشبه "السلم".
بعدها تدق دائرتين، كبرى هي التي سوف تحمل الماء وأخرى صغرى حيث تتألف كل دائرة من مجموعة قطع خشبية تدق سويا بواسطة "الأطابيع" وهي تشبه المسامير مما يربط الوشاحات مع بعضها بشدة مع الدائرتين، بعدها تدق الرؤوس السفلية لـ"الرادين" بالدائرة العليا بواسطة "قبون" يختلف باختلاف حجم الناعورة ويثبت بواسطة أسافين صغيرة تسمى "قراعات" وضع تحت كل "قبونة" لتثبيتها بـ"الرادين" ويغطى كل "قبون" من الخلف ويتشكل جدار"الصندوق" الخلفي.
أما من الأمام يغلق القسم الأمامي فقط ليشكل القسم الخلفي فتحة الصندوق الذي يجمع الماء ويصبه في "قناة الناعورة"،وبعدها تدق "الريش" على النهاية الخارجية لـ"الرادينة" بواسطة مسامير ورشة وتكون ناحيتها الخلفية أطول من الأمامية،وهذه "الريش" تعد أهم الأجزاء حيث تعطي قوة دوران للناعورة، وفي المراحل النهائية تدق "المزاريب" و"الجامعات" على العضيدة والرباط مع تثبيتها بالريشة، وتركب زوايا على نهاية الجامعة في النواعير الكبيرة وأخيرا "بيكار الناعورة" وأسافين الصر التي تزيد من متانة الناعورة».
وعن نوعية الأخشاب المستخدمة في صناعة النواعير قال: «لكل جزء من الناعورة عمر معين لذا قد يدخل في صناعة النواعير أكثر من نوع من الأخشاب، ويأتي في مقدمتها خشب "الجوز" و"التوت" والتي تعد من أمتن الأنواع ومقاومة للعوامل الجوية وتتحمل وزنا كبيرا وهي مخصصة لصناعة الهيكل الأساسي في الناعورة وفي مقدمتها محور الناعورة حيث هذا الجزء لا يبدل إلا كل (40) إلى (50) عاما، ثم يليه خشب "المشمش" و"الحور" الذي يعتبر من الأشجار الطويلة حيث قد يزيد طول الشجرة عن (12م) و"الحور" مناسب جدا لصناعة "الوشاح"، وهناك خشب "السنديان" لصناعة "الأطابيع"».
وعن الوقت المستغرق لصناعة الناعورة قال: «كل ناعورة لها مدة لكي تستطيع الدوران، وغالبا ما تكون هذه المدة حسب الحجم وأيضا حسب توافر المواد الأولية لصناعتها وأهمها "الخشب"، وبشكل عام الناعورة ذات الحجم المتوسط تقريبا (10م) تحتاج ما لا يقل عن (45) يوما مع كادر مؤلف من ثمانية عمال يعملون بشكل متواصل. أكثر الذين يشترون النواعير التذكارية هم من خارج "حماة"، وتوضع كزينة في بيوتهم أو في المطاعم الفخمة وتدعى "نواعير الزينة" والتي يبلغ طولها (40سم)، والكثير من الأجانب من يطلبها وينقلها معه إلى بلده».
وعن أبرز من عمل في هذه المهنة من أبناء "حماة" قال: «هناك الكثير من العائلات التي اشتهرت بهذه المهنة منذ القديم، فقد كان عدد نجاري النواعير يبلغ (110)، منهم "محمد السلق" و"عادل العلواني" من الحاضر وجدي "عبد الغني أبو خصرين" الذي كان يدعى بـ"الشيخ وز" والذي توارثناها عنه، حيث كنا دائما ما نرافقه في عمله لصيانة النواعير الكبيرة، لكن الآن قل العدد كثيرا، وهناك من افتتح ورشات لصناعة النواعير لكنها لا تمت بأي صلة للناعورة الحقيقية».