الأول ضم سابقا الزاوية "الجيلانية" الدينية, والثاني ضم أول مطبعة للحروف العربية, اتحدا اليوم ليشكلا فندقا "دار زمريا و بيت شرقي" اللذان قامت على إنشائهما شركة "مارتيني" للمنشآت السياحية, ساعية للحفاظ على الشكل الحضاري والأثري لهذين الدارين الأثريين.

موقع esyria زار الفندقين في 1/12/2008واطلع على الأسس التي يقومان عليها, حيث يتميز الفندقان بكونهما محافظين على الشكل الأصلي الذي بنيا عليه, فجولة صغيرة تجعلك ضمن التراث الحلبي الأصيل, إذ لا يخفى (الليوان وأرض الدار والعلية إلى القبو وبيت المونة والبحرة التي تتوسط الدار والسراديب الضيقة إضافة إلى الدرج الذي يقود إلى الطابق العلوي من الدار) تلك الأماكن التي عمل مالكو وإدارة الفندقين على الحفاظ على شكلها الأصلي فتقول السيدة "ريما بالي" مديرة الفنديقين معا:

هذا الفندق يتميز عن سواه من الفنادق العالمية, إذ أنه يجعلنا نعيش جوا خاصا مميزا مرتبطا بالمدينة التي نحن نزورها, الأمر الذي يزيد من خصوصية الزيارة والذي يستحيل تواجده إلا في هذه المدينة, ونحن كسياح لا نبحث عن الرقي إنما عن التراث والتميز لتبقى الصور عالقة في أذهاننا وذاكرتنا

«إن أكثر ما يعنينا هو الحفاظ على القيمة الأثرية والتاريخية لهذه المنازل التي تحمل تاريخ مدينة "حلب" العريق بحذافيره, إذ أن تأسيسها واستخدامها كدور للسكن يعود إلى حقب قديمة جدا من تاريخ المدينة, ومن جهة أخرى لا بد أن نقوم بالترميمات التي تضمن سلامة الغرف وصلاحيتهم للسكن الراقي, لأن أكثر زوارنا هم السياح الأجانب, لكننا نعمد دائما إلى الحفاظ على الشكل الأصلي لهذا المكان لأنه واجهة تراثية براقة, إضافة أننا نستغل كامل الأماكن المتواجدة في الدارين استغلالا لا يضر القيمة التاريخية لهذين المبنيين.».

الزاوية الجيلانية قديما

وتابعت السيدة "بالي" حديثها عن الأثاث الذي يشغل الدارين: «الأثاث والمفروشات والديكور المنتشر داخل غرف الفندقيين ليست أثرية إنما تم تصميمها على هذا الأساس, لتتلاءم مع الجو العام المفترض داخل الفندقين, وكي يشعر الزائر أنه يعيش في قلب مدينة "حلب" العريقة بتاريخها, كما أننا عمدنا إلى نشر صور متعددة لأعلام مدينة "حلب" وصور لمدينة "حلب" القديمة في كامل أنحاء الفندقيين لنجعل السائح يعيش جوا خاصا لا يمكن أن يعيشه في أي مكان آخر في العالم أجمع».

وعن المطبعة والزاوية الجيلانية قالت: «هذا من أهم ما يميز فندقينا, حيث يمتلك هاذين المنزلين قيمة تاريخية كبيرة وعالمية, تجذب العديد من السياح والزوار لرؤية هاتين الظاهرتين الأثريتين واللتين تحملان قيمة حضارية كبيرة, ونحن بدرونا سعينا إلى الحفاظ على ما تبقى من آثار هاتين الظاهرتين, وجعلنا الغرفة التي كانت قديما الزاوية الجيلانية مميزة بمظهرها و خدماتها, حيث لا ننزل فيها إلا أصحاب المكانة الكبيرة, حفاظا على قيمتها».

وأضافت السيدة "ريما" في حديثها عن فكرة هذا المشروع: «إن مشروعنا ليس ماديا فحسب, إنما هو مشروع سياحي وأثري في آن واحد, حيث أن هذا الجو المفترض في فندقي "دار زمريا وبيت شرقي" يجذب السياح أكثر من السلاسل العالمية التي يمكن زيارتها في أكثر من دولة عالمية, لأن السائح في عموم الأحوال يبحث عن الجديد والمتميز, الأمر الذي نسعى إلى تقديمه, ومن جهة أخرى نعمل على الحفاظ على تاريخ هذه المدينة والحفاظ على حضارته التراثية العتيقة والتي تعود إلى حقب بعيدة».

وعند لقائنا بإحدى السائحات من النزلاء في الفندق السيدة "كيتي ماكنساير" القادمة من "بريطانيا" قالت: «هذا الفندق يتميز عن سواه من الفنادق العالمية, إذ أنه يجعلنا نعيش جوا خاصا مميزا مرتبطا بالمدينة التي نحن نزورها, الأمر الذي يزيد من خصوصية الزيارة والذي يستحيل تواجده إلا في هذه المدينة, ونحن كسياح لا نبحث عن الرقي إنما عن التراث والتميز لتبقى الصور عالقة في أذهاننا وذاكرتنا».

يذكر أن "بيت شرقي" قد بني في القرن السابع عشر وتأسست فيه أول مطبعة للحروف العربية, أما "دار زمريا" فتم بناؤه في ذات الحقبة الزمنية وسكنه "آل زمريا" بعد ساكنه الأصلي المجهول وأطلق على الدار اسم هذه العائلة حتى يومنا هذا.

وبدأ العمل بهذين البيتين كفنادق في العام "1997" على يد السيد "رامي مارتيني" حيث ضم الفندق 14 غرفة ومطعمين, ليتم في عام "2000" إضافة منزل آخر إلى دار زمريا مضيفا ثمان غرف جديدة, وفي عام "2006" تم إلحاق منزلين إلى هذا الفندق "من ضمنهم بيت شرقي" ليصبح بهذا عدد غرف الفندق خمسين غرفة بطراز حلبي اصيل.

أما عن الزاوية "الجيلانية" نذكر أنه قد ترأسها الشيخ "عبد القادر الجيلاني" واتبعت مبدأ التصوف الموجه, حيث يذكر الشخ "عبد القادر الجيلاني" في كتابه "فتوح الغيب" "التصوف ليس أخذ عن القيل والقال ولكن أخذ عن الجوع وقطع المألوفات والمستحسنات ولا تبدأ الفقير بالعلم وابدأه بالرفق فإن العلم يوحشه والرفق يؤنسه."

وعن المطبعة الأولى في "بلاد الشام" يذكر أنه قد قام بجلبها من بوخارست مطران "حلب" السيد "اثنايوس الدباغ" والتي لاقت العديد من الصعوبات في بداية عملها إلا أنها قامت على نشر العديد من الكتب الدينية والتاريخية في العام 1725 بعد تأسيسها بشكل رسمي.

هكذا وبين التطور المطبعي والزوايا الدينية نهض فندق حضاري يحافظ على القيم الحضارية التاريخية لمدينة "حلب" مستضيفا ومعرفا العالم أجمع بالأثر الحضاري لهذه المدينة الضاربة جذورها بالتاريخ.