عند مرورك بأحد أنشط ساحات حمص وأكثرها ازدحاماً، تجد هناك ركناً هادئاً يضم في حناياه شباباً أحبوا العودة إلى الأصالة فاختاروا مقهى سور حمص القديم ملاذاً لهم.

التقينا صاحب المقهى السيد مظهر دياب وهو رجل في الثانية والأربعين من العمر وابن حارة شعبية من حارات حمص القديمة، يعمل موظفاً في دائرة العدلية, قال لنا: "ورثت العقار عن والدي المرحوم وصفي دياب، وكان العقار فرناً مهدداً بالهدم من قبل بلدية المدينة، تعاونت مع مديرية الآثار والمحافظة ووقفنا في وجه قرار الهدم لأن هناك مرسوم رئاسي صدر عام\ 1968 \ م يصنف العقار أثرياً ويتطلب هدمه مرسوماً رئاسياً معاكساً، وهذا ما سمح لي بالمحافظة على إرث والدي, الذي كان قد رسم له أن يتحول إلى حديقة وإذا به يتحول إلى مقهى أثري عائلي من أجمل الأماكن التي يرتادها عشاق الأصالة.

بني العقار خارج المدينة القديمة على حائط سورها الأثري المعمر منذ أكثر من /1300/م عام والذي نراه بوضوح في صدر المقهى وكان العقار في القديم خاناً لاستقبال الوافدين إلى مدينة حمص يقيمون فيه إلى حين الحصول على موافقة والي حمص بالدخول إليها، ثم تحول بعد ذلك إلى طاحونة وفرن يخدم المنطقة وبقي كذلك حتى عام /2002/م حين توفي صاحبه المرحوم وصفي دياب.

تشغل مساحة العقار (160) متراً مربعاً ويتسع إلى (100) شخص من العائلات، وهو المقهى الوحيد المرخص للعائلات في مدينة حمص، يقدم المقهى المشروبات الساخنة والباردة بالإضافة إلى النرجيلة ويسعى صاحبه إلى فتح قسم للمأكولات الحمصية القديمة:( شيش برك ، كبة حيلة ، سختورة ومقادم ، مجدرة مع المخلل ) ويقدم المقهى برنامجاً فنياً من تراث حمص القديم يومياً، بالإضافة إلى الحكواتي والفرق الشعبية في شهر رمضان الكريم والمناسبات والاحتفالات الشعبية والدينية، ومن اللافت أن جميع البرامج الفنية التي يتميز المقهى بتقديمها مجانية.

تواجه المقهى مصاعب نذكر منها: يقع المقهى في منطقة حيوية مزدحمة السير وتشهد يومياً العديد من الحوادث المرورية، تعكر صفو الجلسة الهادئة والجميلة التي يسعى القائمون على المقهى إلى تأمينها. كما يأملون زيادة المساحة الخضراء المحيطة بالمقهى في حين تحيط بالمقهى العديد من المقابر والمساكن الحديثة الإسمنتية.

كذلك يواجه القائمون على المقهى مشكلة البيروقراطية والتأخير في الموافقة على المقترحات المقدمة من قبلهم لإدخال التعديلات والإضافات على المبنى الأثري من الداخل ومن الخارج. يسعد جميع الزائرين بدخول هذا المقهى كما يسعد القائمين عليه بزيارتكم له.