تعدّ "قلعة حلب" من كبرى قلاع العالم وأقدمها، وتقع وسط المدينة القديمة، وعلى هضبة يصل ارتفاعها إلى /40/ متراً، وتتميز بشكلها الإهليلجي، ويتم الدخول إليها عن طريق مدخل أمامي ذي برج بشرفات دفاعية، وكان هناك في السابق- قبل عهد "الظاهر غازي"- درج خشبي متحرك يربط بين المدخل الأمامي والخندق، وهو قابل للرفع في حالات الحرب، ثم تحول إلى درج حجري ثابت.
ومن المؤكد أن مكان قلعة "حلب" الأساسي هو مرتفع طبيعي أضيف إليه ارتفاع صناعي، بحيث أخذ شكل التل العالي المرتفع في وسط المدينة "المركز".
إن عمارة القلعة تعكس التطور الذي وصلت إليه فنون العمارة العسكرية من خلال طريقة عمارتها، وبأشكال أبراجها المربعة والمستطيلة والسداسية، وبالمدخل المتعرج، والأعمدة العريضة في السور الذي يجعل الجدار متماسكاً بالإضافة إلى المسامير الحجرية في السور الضخم، والكوات المتعددة، لرشق السهام، والأبواب الحديدية المصفحة، والمعترضات الهندسية، التي تؤلف عنصراً زخرفياً ذا طابع جمالي في المنشآت المدنية كالقصر الملكي، وقاعة العرش، وأعالي الأبواب، إضافة إلى استخدام الممر الخارجي المكشوف، بحيث يسمح للمدافعين ضرب المهاجمين الذين يتمكنون من كسر خط الدفاع الأول. ولا يؤدي الجسر مباشرة إلى المدخل الرئيس، وإنما ينحرف بزاوية قائمة ليؤدي إلى المدخل، وضلعا الزاوية عبارة عن جدارين مجهزين بالسقاطات، ومرامي السهام، التي تسمح بالقضاء على العدو المهاجم بأعداد صغيرة بسبب ضيق المساحة التي تتقدم المدخل، كما تمنعهم من استخدام الأداة القديمة في تحطيم الأبواب "الكبش"؛ وهذا النوع من المداخل يسمى المداخل المنكسرة "الباشورة"، وهي المداخل التي يرجع فضل تصميمها إلى المعماريين العرب
وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن وجود البقايا التي تعود إلى العصر الحثي من خلال معبد "الإله تيشوب"، ثم معبد الإله "حدد الآرامي"، وغيره من المعابد التي بنيت في عهود لاحقة، كلها تؤكد وجود القلعة منذ الألف الثاني قبل الميلاد أو على الأقل وجود المركز "الأكروبول"، ولكن أقدم المنشآت الباقية إلى الآن تعود إلى العصرين الأيوبي والمملوكي؛ وذلك من خلال الأبراج والأبواب التي شيدت في العصر الأيوبي، والتي تم تجديدها في العصر المملوكي
مظهر العمارة العسكرية في القلعة...
eSyria التقى المهندس المعماري "محمود زين العابدين" مؤسس مركز" شادروان" للتراث العمراني يوم الخميس 30/10/2008م والذي حدثنا عن مظاهر عمارة القلعة عسكرياً فقال: «إن عمارة القلعة تعكس التطور الذي وصلت إليه فنون العمارة العسكرية من خلال طريقة عمارتها، وبأشكال أبراجها المربعة والمستطيلة والسداسية، وبالمدخل المتعرج، والأعمدة العريضة في السور الذي يجعل الجدار متماسكاً بالإضافة إلى المسامير الحجرية في السور الضخم، والكوات المتعددة، لرشق السهام، والأبواب الحديدية المصفحة، والمعترضات الهندسية، التي تؤلف عنصراً زخرفياً ذا طابع جمالي في المنشآت المدنية كالقصر الملكي، وقاعة العرش، وأعالي الأبواب،
إضافة إلى استخدام الممر الخارجي المكشوف، بحيث يسمح للمدافعين ضرب المهاجمين الذين يتمكنون من كسر خط الدفاع الأول. ولا يؤدي الجسر مباشرة إلى المدخل الرئيس، وإنما ينحرف بزاوية قائمة ليؤدي إلى المدخل، وضلعا الزاوية عبارة عن جدارين مجهزين بالسقاطات، ومرامي السهام، التي تسمح بالقضاء على العدو المهاجم بأعداد صغيرة بسبب ضيق المساحة التي تتقدم المدخل، كما تمنعهم من استخدام الأداة القديمة في تحطيم الأبواب "الكبش"؛ وهذا النوع من المداخل يسمى المداخل المنكسرة "الباشورة"، وهي المداخل التي يرجع فضل تصميمها إلى المعماريين العرب».
أما عن العناصر الدفاعية للقلعة فيضيف الأستاذ "محمود": «ومن العناصر الدفاعية للقلعة الخندق الذي يحيط بها من جميع الجهات، ويبلغ عمقه أحياناً نحو /22/ م، وعرضه نحو /30/ م، وكان يملأ بالماء وقت الحصار مكوناً بذلك حاجزاً مائياً بين المدافعين والمهاجمين، كما يوجد تحصينات مائلة بالخندق للمشاركة في وظيفة عرقلة تقدم المهاجمين صعوداً في حال تمكنهم من اجتياز الخندق، وجرى تسفيح سطح التل الذي تقوم عليه القلعة بحجارة ملساء يصعب تسلقها، وخاصة في حال وجود الماء في الخندق، وتساعد هذه الإعاقة التي تقوم بها التحصينات المائلة على إعطاء الفرصة للمدافعين لاقتناص الأعداء وردّهم، ولا تزال بقايا تلك التحصينات ماثلة للعيان، وبعضها يغطيه التراب، وذكر أن سبب تخريبها هو استعمال حجارتها لبناء المشفى الوطني بـ"حلب" قديماً؛ أي المشفى الواقع أمام القلعة وبناء أبنية أخرى؛ وذلك قبل الاستقلال الوطني، مثل البناء المعروف بـ "رباط إبراهيم باشا"، وبناء المشفى العسكري، وبناء الثكنة العسكرية بقلعة "حلب" في عهد "إبراهيم باشا". وقد قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بترميم بعض الأجزاء الظاهرة من التحصينات المائلة وتدعيمها خوفاً من الانزلاق».
أخيراً قلعة "حلب" تستحق أكثر من ذلك بكثير، فهي خير شاهد على حضارات مرت من هنا وحضارات باقية للأبد استطاعت تسجيل اسمها بحروف من ذهب لمدينة تستحق بوزنها ذهباً.