«تعتبر جامعة "حلب" من أكبر جامعات القطر العربي السوري، فتضم طلاب المرحلة الجامعية للمنطقة الشمالية عموما إضافة لبعض الطلاب من المحافظات الأخرى، الأمر الذي يسبب اكتظاظا طلابيا كبيرا مما يزيد من الضغط على الوحدات السكنية، حيث يصل عدد الطلاب في السكن الجامعي إلى خمسة أو ستة عشر ألف طالبا وطالبة».

بهذه الكلمات افتتح الدكتور "محمود قاسم" نائب رئيس جامعة "حلب" حديثه لموقع eAleppo عندما زرناه في 15/11/2008 على خلفية شكاوى توجهت لموقعنا من بعض طلاب السكن الجامعي في جامعة "حلب" معربين عن وضع سيئ يعيشونه في المدينة الجامعية ومؤكدين على عدم جاهزية الغرف لتنفيذ القرار الصادر أخيرا بإضافة شخص رابع لكل غرفة، حيث قال أحد سكان الوحدة الخامسة عشر "حسان محمود" القادم من "دمشق" والذي يدرس في السنة الخامسة من كلية الطب البشري: «نحن طلاب طب بشري، أي أن حياتنا في السكن الجامعي تعتمد على العمل والدراسة المستمرة، لكن الوضع المتردي يعرقل مسيرتنا الدراسية، فالمرافق العامة تشكو من أعطال جمة، والماء ينقطع باستمرار الأمر الذي يجبرنا على قطع مشوار طويل لتلبية حاجياتنا، كما أن إضافة الشخص الرابع تخلق مشكلة جديدة، حيث أن الغرف بالكاد تسع لاثنين».

إن انقطاع الماء كان في العام الماضي بسبب انقطاعه عن مناطق مدينة "حلب" كافة، ودرءاً لهذه المشكلة قمنا هذا العام بتمديد خط ماء مباشر للمدينة الجامعية، كي نبتعد عن مشكلات الماء في المدينة وكي يكون للطالب تيارا متواصلا لا ينقطع إلا في حالات الأعطال الطارئة

أما للطالبات كان هناك رأي مختلف، إذ قالت الطالبة "إيمان الخطيب" القادمة من مدينة "حماه" والتي تسكن الوحدة الرابعة وتدرس في السنة الثالثة من قسم اللغة العربية: «الطلاب هم الذين يسيؤون استخدام المرافق العامة مما يؤدي إلى سوء حالة النظافة، لكن الوضع بشكل عام جيد فقاعات المطالعة جيدة إن خلت من المخربين والتدفئة تعمل بشكل جيد، لكن المشكلة التي نعاني منها نحن الطالبات هي التأخر بتسليم الغرف الذي قد يكون بعد شهر تشرين الثاني مما يجبرنا على عدم الالتحاق بكلياتنا في الوقت المحدد، كما أن الازدحام أثناء عملية التسجيل يضيف للمهمة صعوبة كبيرة».

وفي لقاء آخر مع الطالبة "بريفان محمد" التي تدرس في السنة الثالثة من قسم علم الاجتماع قاطنة في الوحدة السكنية السادسة تقول: «الشخص الرابع فيما إن تم الاتفاق معه فهو ليس بمشكلة، حيث أن أغلب الغرف يسكنها على الأقل ثلاثة وبعض الغرف يسكنها خمسة أو ستة أشخاص، أما السوق التجاري هو الذي يسبب مشكلة حقيقية، حيث أن أسعار السلع المباعة فيه أغلى من أسعار الأسواق ضمن المدينة بكثير وتفتقد للنظافة أو الاهتمام الصحي».

هكذا تناول الطلاب أطراف الحديث متحدثين عن مشكلات تعنيهم وأخرى لا تعنيهم أما السيد "محمود قاسم" نائب رئيس جامعة "حلب" يرى المشكلات من وجهة نظر أخرى، فقال متحدثا عن مشكلة إضافة الشخص الرابع إلى الغرف:

«نحن نعلم أن الأمر قد يسبب تضايقاً معيناً للطلاب، لكن عدد طلاب السكن الجامعي يزداد سنويا بشكل كبير ووحداتنا السكنية محدودة، إذ إنه ليس بالإمكان خلق وحدة سكنية جديدة بين ليلة وضحاها، لذا اضطررنا هذا العام لضغط استيعاب الغرف فأسكنا بشكل نظامي أربعة طلاب بدل ثلاثة في كل غرفة، باعتبار أن الغرفة لا تستخدم إلا للنوم بوجود قاعات المطالعة المخصصة للدراسة والمحال التجارية المخصصة لتناول الوجبات، وكان هذا الحل بديلا لعدم تأمين سكن للطالب الجامعي بسبب عدم وجود السكن له».

أما عن موضوع المرافق العامة وسوء حالتها التي يشتكي منها الطلاب قال: «أن نسير مدينة جامعية تحتوي على خمسة عشر ألف طالبا على قدم وساق أمر يتطلب تعاونا من جميع الأطراف، ونحن بدورنا نرصد سنويا مبلغا يتجاوز الملايين الثمانية مستأجرين عمال نظافة يقومون بواجباتهم ضمن دوام محدد، كما نقوم شهريا بحملات إصلاحات للمرافق العامة في الوحدات السكنية كافة راصدين مبلغا كبيرا من المال، لكن الأمر لا يقف عند رصد الأموال وإستئجار العاملين، إذ أن الأوساخ والتخريب يكون نتيجة لاستخدام الطالب نفسه، وأحيانا يكون التخريب متعمدا، حيث رصدنا أكثر من حالة كسر للزجاج وسرقة صنابير الماء وغير ذلك من عمليات تخريبية، الأمر الذي يدل على استهتار الطالب بالسكن الجامعي الذي يعتبر ملكاً عاما وليس خاصاً».

وبشأن انقطاع الماء تابع السيد "محمود قاسم" متحدثا: «إن انقطاع الماء كان في العام الماضي بسبب انقطاعه عن مناطق مدينة "حلب" كافة، ودرءاً لهذه المشكلة قمنا هذا العام بتمديد خط ماء مباشر للمدينة الجامعية، كي نبتعد عن مشكلات الماء في المدينة وكي يكون للطالب تيارا متواصلا لا ينقطع إلا في حالات الأعطال الطارئة».

وعندما نقلنا الحديث إلى وضع السوق التجاري تحدث الدكتور "القاسم" قائلا: «علمنا بوضع المستثمرين الذين يستغلون المحال التجارية ضمن المدينة الجامعية لإرضاء أهوائهم التجارية، وقد وردتنا العديد من الشكاوى متحدثة عن حالة الغلاء بالأسعار وحالة النظافة المتدنية بالأطعمة، لذا عمدنا هذا العام إلى تسليم كافة المحلات التجارية لمستثمر واحد يوضع تحت الرقابة الصحية والتموينية المباشرة في محافظة "حلب" وليس في الجامعة فحسب».

وأضاف السيد "محمود" ختاما: «نأمل أن نشهد تعاونا من الطلاب وأن يكون هناك حملات توعية في بداية العام تضمن سلامة وراحة الطلاب كما تضمن سلامة هذه المباني التي تقوم على خدمة الطلاب أجمع إذ إن الطالب ليس حراً يصنع ما يشاء في السكن الجامعي، إنما مطالب بواجبات تحفظ جودة استخدام هذا المكان المخصص لخدمته».

يذكر أن جامعة "حلب" تأسست عام 1957 وضمت وحدتين سكنيتين للطلاب الغرباء أخذتا بالاتساع حتى أصبحتا اليوم عشرين وحدة سكنية مقسمة ما بين الشباب والبنات ووحدة سكنية مخصصة للضيافة إضافة إلى وجود ملاعب رياضية متنوعة وحديقة ومقصف وسوق تجاري ومكتبات للدراسة ولتلبية حاجيات الطالب.

هكذا وبين شكاوى الطلاب وآمال رئاسة الجامعة في التعاون والتوعية تبقى المدينة الجامعية مأوى لا ثانٍ له للطالب الجامعي القادم من محافظة أخرى.