تقع بلدة "الهيت" في اللحف الشرقي من منطقة "اللجاة البركانية"، شمال شرقي "شهبا"، وتبعد عنها حوالي 13 كم، وتبعد عن مدينة "السويداء" حوالي/32/ كم، وترتفع عن سطح البحر حوالي 1109 أمتار، وهي من قرى ناحية "شقا" في منطقة "شهبا".

أما بالنسبة لتسميتها فقد ذكر الباحث "ج.ل.بركهاردت" في كتابه "رحلات في سورية والأرض المقدسة" عامي 1810-1812، أنها سميت في العهود القديمة جداً "إيتا" أو "إيتيا"، والتي كانت تعني باللغة اليونانية: الزمن المتعاقب، أو الدلالة على التباين والمفارقة، وفي اللغة العربية هيَّتَ تهيتاً بفلان: صاح به ودعاه، وهات: اسم فعل بمعنى أعطني، وهَيْتَ وهيْت لك "بتثليث التاء فيهما" أي هَلُمَّ وتعال، و"الهيْت": الغامض القعر من الأرض.

"الهيت" قرية تقع في منطقة شرقي "اللجاة" وعدد سكانها الحالي حوالي 2000 نسمة، وفيها آثار كثيرة، أهمها "القصر الروماني"، وفيها ما يزيد على خمسين بيتا قديما وهناك اهتمام من قبل الجهات المعنية في الدولة بعملية إصلاح هذه البيوت والمحافظة عليها، وبالنسبة للزراعة تنتشر فيها زراعة القمح والشعير وزراعة الزيتون واللوزيات، والأراضي الصالحة للزراعة حوالي /10000/ دونم من الأرض

كما دعيت باسم "قيصرية" حيث لا يزال فيها حتى اليوم مبنى فخم يعرف بهذا الاسم.

وعن "الهيت وتاريخها" تحدث الباحث في الآثار الدكتور "علي أبو عساف" في 19/7/2008 لموقع eSuweda قائلا: «جبل العرب في نهاية القرن السابع عشر الميلادي كان مأهولاً بالسكان، وكان بعض البدو الرُّحَّل يتوافدون إليه بقصد الرعي، غير أن بعض الحضريين كانوا دون شك يقطنون ضمن خرائب مهجورة منذ عصور سابقة، وكانت بالنسبة لهم واسعة جداً، وعلى العموم كانت المنطقة تعتبر ضعيفة الكثافة بالسكان، ففي "أقسومة" من الأرض على المنحدرات الشرقية والجنوبية من جبل العرب كانت تتضمن حوالي /300/ مدينة وقرية مهجورة، أما المأهول منها فعدده فقط /14/ موقعاً ومنها "الهيت"، بالإضافة إلى "شقّا والهيّات والجنينة وغيرها... في الشمال الغربي"، أما المواقع الأخرى من الجبل وحوران. فقد كان التصحر يفرض علينا التساؤل لمعرفة ما الجوانب السيئة التي حدثت في تلك البلاد؟».

ويتابع الدكتور "أبو عساف" قوله: «تم العثور على دلائل تشير إلى وجود أعمال تحديد وتحرير لأراضي "الهيت" وما حولها منذ عهود ما قبل الرومان، كما برهنت على ذلك "نقوش وكتابات" مكتشفة في المنطقة سابقاً، وخاصة في "الهيت" التي كانت إحدى نماذج المدن ذات الطابع الإغريقي- الروماني في "نهاية القرن الأول قبل الميلاد" وبداية القرن الأول ميلادي، وكانت هناك حقائق تشير إلى وجود بنى أساسية أصلية أكثر قدماً في حوران كما أكدتها النقوش السابقة التي ذكرناها، ومنها نقش كتابي مكتشف في "الهيت" يحفظ لنا ذكرى أحد المواطنين الذي يحمل اسم "الحارث" الذي كان قائداً لكتيبة فرسان رومانية، وأسندت إليه مهمة تتعلق بالبدو الرحل، ويرجح أنها المهمة التي أطلق عليها اسم "ستراتيغوس نومادون" والوثيقة المذكورة هذه تشير بوضوح أن هذه الاسم هو مواطن بدوي يتولى عملياً منصب الشيخ التقليدي في القبيلة، ويتمتع من ناحية أخرى بالسلطة التي أسندت إليه من قبل الإدارة الرومانية، وذلك من أجل استتباب الأمن في أوساط القبيلة وأطراف الصحراء، وهذا النظام المتميز بدأ يتكرس ابتداء من القرن الثاني الميلادي، وهو يبرهن بشكل جيد على تمفصل السلطة المركزية مع البنى السياسية المحلية منذ القرن الأول ق.م، وهذا ما أشار إليه عالم اللغة "وادنغتون" في ترجمة إحدى كتاباته اليونانية إلى أن "الهيت" قد تبوّأت مركزاً عسكرياً هاماً في المنطقة خلال العصرين الروماني والبيزنطي».

أما بالنسبة للديانة فيقول الدكتور"علي": «لقد عبد السكان في العصر الروماني في "الهيت" وباقي المواقع في الجبل آلهة "عربية شرقية، يونانية ورومانية"، وقد دلّ على ذلك وجود بعض الكتابات اليونانية التي عثر عليها في قرية "الهيت" والعديد من المدن والقرى المجاورة وأهم هذه الكتابات: كتابة يونانية تشير إلى بناء معبد وثني، وكتابة يونانية تذكر إهداءات مقدمة إلى معبد للإله" بعل شامين" رب السموات، بالإضافة إلى كتابة يونانية مكونة من ثلاثة أسطر وأخرى من سبعة أسطر، تذكر تقدمات إهداءات إلى الإله "زوس" أو "بعل شامين"، وأيضا هناك كتابة يونانية تذكر إهداء إلى معبد البطل الأسطوري "هيراكليس" الذي عبد في "الهيت" والعديد من قرى الجبل».

أما فيما يتعلق بالمدافن القديمة فيقول الدكتور" أبو عساف": «الباحثة الفرنسية "آني سارتر فوريا" ذكرت لدى دراستها للأبنية الجنائزية في المنطقة ومنها "الهيت"، نموذجاً لأحد المدافن البرجية والبالغة أبعاده /5×5/ أمتار، ومن خلال دراستها لأرشيف الباحثين: "بانكس، راي، دولابورد، بورتر"، الذين تركوا معلومات ومخططات تتعلق بتلك الأبنية، والتي اختفت تماماً منذ بدايات القرن العشرين، ويعود تاريخ بنائها إلى بداية عصر الولاية العربية الرومانية القرن الثاني الميلادي».

د.علي أبو عساف

وبالنسبة إلى آثار العصر البيزنطي يتابع قائلا: «لقد كان لبلدة "الهيت" أهمية كبرى، فقد تبوأت مكانة مرموقة ومركز صدارة خلال العصر البيزنطي، حيث تعددت فيها "المنازل الفخمة" ذات الطراز المعماري المتميز والتي لا تزال آثارها ماثلة حتى يومنا هذا في أرجاء البلدة القديمة، وتشهد على عظمة ما صنعه الأجداد، كما تم تشييد كنائس هامة ودير رهباني فيها، تدلنا على ذلك أطلالها الباقية أو الكتابات الشاهدة على وجودها، وكان للهيت منذ القرن الرابع الميلادي ما يسمى بـ"هيرارخية" أي "النظام الكنسي" الذي يتكون حسبما ورد ضمن كتابة يونانية مسيحية من كاهنين أحدهما بمرتبة "أرشمندريت"، يرأس كنيستها ويرشد مؤمنيها، وشماسَيْن إنجيليين وإيكونوموس، كما وقد عثر في "الهيت" على عدة مبان وكتابات وزخارف من العصر البيزنطي أهمها:

دار معمودية مكرسة للقديس "سرجيوس" الشهيد، يعود تاريخها إلى عام /354/ ميلادي، وكنيسة مشيدة تكريماً للقديس الشهيد "جاورجيوس"، يعود تاريخ بنائها إلى القرنين الرابع والخامس الميلاديين، وقد عثر أيضا على كتابة يونانية مسيحية تقول بعد ترجمتها: في عهد الكاهن "مكسيموس"، و"كيرياكوس" الشماس الكلي التقى وبقية الإخوة، بُلطت أرضية هذه الكنيسة المقدسة، وتحدد هذه الكتابة التدشينية للكنيسة ثلاثة أصناف من الشخصيات التي كان لها اهتمام بالكنيسة: السلطات الكنسية، المحسنون والعاملون ولعلهم كانوا صناعاً للفسيفساء قدموا من مدرسة أو ورشة الفسيفساء في منطقة "مأدابا" من "الأردن"».

eSuweda التقى أيضا بعض أهالي البلدة الذين حدثونا عن واقع البلدة الحالي بالإضافة إلى ما يعرفون عن تاريخها.

السيد "أحسان زين" رئيس الجمعية الفلاحية في القرية حدثنا بقوله: «"الهيت" قرية تقع في منطقة شرقي "اللجاة" وعدد سكانها الحالي حوالي 2000 نسمة، وفيها آثار كثيرة، أهمها "القصر الروماني"، وفيها ما يزيد على خمسين بيتا قديما وهناك اهتمام من قبل الجهات المعنية في الدولة بعملية إصلاح هذه البيوت والمحافظة عليها، وبالنسبة للزراعة تنتشر فيها زراعة القمح والشعير وزراعة الزيتون واللوزيات، والأراضي الصالحة للزراعة حوالي /10000/ دونم من الأرض».

الأستاذ "غاوي عامر" أمين الفرقة الحزبية حدثنا بقوله: «إن أجمل ما تتمتع به قرية "الهيت" هو آثارها الجميلة والقديمة، حيث إن هذه الآثار تعود إلى مئات السنين، مثل "القصر الروماني" القديم الذي يقع في الجنوب الغربي من القرية وهو أهم الآثار فيها وهناك "القصيرية" وهي كنسية تقع في وسط القرية وهناك "مطخ الهيت" وهو مكان لتجمع المياه حيث تصل إليه المياه عبر قناة رومانية قديمة وكان هذا المطخ يروي أهالي "الهيت والهيات وتعلا والبثينة والخالدية"، ولكن القناة والمطخ أهملوا بعد بناء سد الغيضة، وبالنسبة للبيوت القديمة في "الهيت" فعددها كثير وهي تتميز بسقوفها التي صنعت من "الربد" والنقوش مزينة برسومات مثل ورق العنب، وتتميز القرية بنهضتها الثقافية والعمرانية الحديثة، حيث إن القرية خالية من الأمية، ويوجد فيها /20/ طبيباً وهناك /15/ شخصاً من حملة الشهادات الجامعية والقرية فيها مدرسة للتعليم الأساسي ومدرسة للتعليم الثانوي ومبنى للبلدية خاص بقرية "الهيت والهيات" وهي تتمع بشوارع منظمة وجيدة.