«لا يمكن أن ننظر إلى جمال مدينة «الثورة» وأهميتها، دون تذكُّرِ «مئذنة برج أبي هريرة» التي تشمخ كأيقونة رائعة، ترصع صدر الضفة اليمنى لنهر «الفرات» ولكنها رغم ذلك، قلما تذكر!!.. ربما لأن العين قد اعتادت رؤياها؟!... لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن يتم تجاهلها إلى هذا الحد، والأمل كبير في أن يتم الاعتناء بها، والتعريف بها في كل المحافل الثقافية والآثارية».
هكذا تحدث السيد «عبد الإله الحاصود» أحد سكان مدينة «الثورة» لموقع eraqqa عن هذا المعلَمْ الأثري الهام والمهمل.
موقع المئذنة وحكايتها
إلى الشمال حيث تشمخ «جعبر»... القلعة الأثرية، ويطل منها على البعد مئذنة كبيرة، يناهضها شموخاً على الضفة الأخرى إلى الشرق قليلاً: «مئذنة برج أبي هريرة»... تفصلهما «بحيرة الأسد» مكاناً، ويجمعهما تاريخ حضاري زماناً.
تنتصب المئذنة على كتف الضفة اليمنى، مطلة على البحيرة والسد وأحياء «الثورة» محاطة بحديقة مسيّجة و«جدُّ صغيرة»، والمئذنة التي تأخذ شكلاً اسطوانياً ترتفع نحو ثمانية عشر متراً، وهي شيِّدت من الآجر المشوي في القرن السادس الهجري، وهي لا زالت محافظة على شكلها ومتانتها، وزيادة في الحماية لها والحرص عليها، أعيد ترميمها عام «1939».
لكن مع بداية العمل في بناء «سد الفرات» كانت العين تتوجه بقلق نحو المواقع الأثرية التي سوف تغمرها البحيرة التي ستتشكل عقب نهوض السد، لذا فقد سارعت المديرية العامة للآثار للحيلولة دون غمر المئذنة وتلاشيها تحت هدير المياه التي ستتدفق بقوة مشكلة جسم البحيرة، وقد كان لمنظمة «اليونيسكو» حضورها، فقد جاء تقريرها ليبت بإمكانية نقل جسم المئذنة كتلة واحدة مع الحفاظ على سلامتها، بيد أن الخبراء السوريين رأوا في ذلك مغامرة قد تؤدي إلى تفتتها، وكان الرأي بأن يتم تقسيم المئذنة إلى عدة قطع، بحيث يتم نقلها فرادى، ويتم العمل على تجميعها بحيث تعود إلى سيرتها الأولى كما كانت، والجدير ذكره أن العمل استغرق نحو تسعة أشهر وبجهود وطنية خالصة أسهمت نهاية في الحفاظ على هذا المَعْلَمِ الأثري وصيانته من الاندثار.