منذ أن بدأت مشوارها الفني، عملت الفنانة "ربا قرقرط" على التفرد في اللوحات التي أنجزتها والتي تعتبر كل لوحة منها بمثابة مشروع ثقافي، فقد استخدمت فيها تقنيات عدة فجمعت بلوحاتها بين الفن التجريدي والفن التعبيري اللوني الذي استقت مفرداته وجوهره من الطبيعة، كما منحت لوحاتها خشونة ملمسية وسماكات أخرجتها عن المألوف.

رؤية فنية

بدأت الفنانة "قرقرط" الرسم منذ طفولتها حيث كانت ترسم على جدران منزلها وأبوابه حسب قولها، خصوصاً أنها تنتمي لعائلة فنية فخالها كان فناناً موهوباً وكانت تراقبه وتتعلم منه.

وتضيف: "شاركت في معارض الرسم التي كانت تقام بالمدرسة، ومن بعدها بدأت أتدرب أكثر بهدف الوصول إلى كلية الفنون الجميلة التي كانت حلمي الذي حققته بكل إصرار وعزيمة".

من أعمال الفنانة

وتؤكد "قرقوط" أن عمل الفنان لا يتوقف على تقنية واحدة، فالفنان الموهوب يستخدم تقنيات عدة ويجمعها بطريقة فنية مبتكرة تشكل رؤيته ورسالته الفنية، ولا يتوقف على نوع لوني واحد لأن الحالة التي يعيشها الفنان أثناء رسم لوحته تجعله بشكل عفوي يخرج مكنوناته ومشاعره ليحول بياض اللوحة إلى عمل تشكيلي ينقلنا إلى عالم آخر، فلابد للفنان أن يكون لديه حالة بحث دائم عن الجديد.

وتقول: "بالنسبة لي لن أقدم لوحة سطحها مقروء بسهولة وإنما أتعب على التقنية أكثر ليظهر سطحها حي وكأنه يحكي، لتبقى في الذاكرة وقتاً أطول، فإن لم تخلق اللوحة أسئلة وحوار فكأنك لم تفعل شيئاً بعملك الفني هذا من وجهة نظري، لذلك جمعت بلوحاتي بين الفن التجريدي والتعبيري، كما استخدمت ألواناً عدة بلوحاتي كالمائية التي تتماهى مع حالاتي التي تنتابني وتنقلني إلى عوالم عدة تتشكل بلوحاتي، ثم انتقلت إلى الزيتي والأكرليك، لأنني وجدت أن لوحتي بحاجة إلى إضافات ومتغيرات لتعبر عن رؤيتي الفنية".

الناقد التشكيلي أديب مخزوم

مشاركات

الفنانة خلال عملها

شاركت الفنانة "قرقوط" بمعارض عدة داخل سورية وخارجها منذ تخرجها عام 2003، عن هذه المشاركات تقول: "في سورية كان لي معرض فردي بعنوان "أمواج من بوح" بصالة "لؤي كيالي"، وتناولت لوحاته مواضيع إنسانية وأخرى معبرة عن أهمية الطبيعة وكان للبحر حضور لافت، فأنا اعتبره مرتبطاً بالحالة النفسية التي تبعث على المحبة والتفاؤل والسكينة، فالموج هو الوحيد الذي يستطيع أن يترجم الحالات الإنسانية التي نعيشها، من خلال حركته الصاخبة وتناوب المد والجزر الذي يعبّر عن انفعالاتنا عن غضبنا عن الإعصار الذي نعيشه بداخلنا.

وتضيف: "قدمت في المعرض المشترك "تلاقي" لوحات بتقنيات مختلفة من الألوان والمرايا والمائيات في تشكيل فني تقني وفي انعكاسات الآخرين الذين تعرفت إليهم زمن الحرب، للتعبير عن استمرار المجتمع السوري بممارسة الحياة والعيش بكل طاقاته وإبداعاته، فيما كانت لوحاتي بمعرض "سكون" عن المرأة من خلال سكونها وتعابير الوجه والجمال الأنثوي والتشخيص لتفاصيل جسدها بأسلوب واقعي أو انطباعي، عبر توظّيف الدلالات اللونية كما شاركت بمعرض مشترك مع الفنان "بسام الحجلي" بعنوان "عندما تزهر الروح" وشاركت بمعارض الربيع والخريف بدورات عدة، وأقمت عدة معارض بتركيا والعراق ومصر.

والجدير بالذكر أن الفنانة "ربا قرقوط "خريجة قسم الاتصالات البصرية بكلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق وهي عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين، وهي مدرّسة فنون.

رأي نقدي

الناقد التشكيلي "أديب مخزوم" يرى في حديثه للمدونة أن اللوحة بالنسبة للفنانة "ربا قرقوط" هي مشروع ثقافي قبل أي شيء آخر، ولهذا نراها تغامر مع اللون والخط والتقنيات المستخدمة، لدرجة أنها تستخدم ألواناً خطرة في معالجة الوجوه، وفي مقدمتها اللون الذهبي، وهي تعالج النحت بالرسم، أي أنها ترسم كما لو أنها تنحت، بدليل أنها أنجزت منحوتة لوجه في معرضها السابق وطلته بنفس الألوان المستخدمة في لوحاتها ولاسيما اللون الذهبي، في خطواتها الرامية لتقريب اللوحة من المنحوتة، حتى أنها تمنح اللوحة خشونة ملمسية وسماكات وسطوح تضاريسية في أماكن متفرقة من اللوحة، ما يخرج اللوحة من أفقية الامتداد التصويري التقليدي والاستهلاكي والتجاري، ويدخلها في إطار البحث والاختبار التقني البحت المرتبط بتقنيات فنون القرن الماضي والحالي، ويعمل على تحريك سطح اللوحة المتفاوت السماكات، جامعة بذلك بين السكون والحركة.