لعلّ أهمية الموضوع الذي اختارته أو جنحت نحوه الأديبة "توفيقة خضور" في روايتها "بوجهَكَ عمّدتُ مرآتي" والذي تطرقت فيها لآثار الحرب النفسية والاجتماعية، كان أحد أسباب انتزاعها جائزة "توتول" للإبداع الادبي في دورتها الرابعة، من بين 58 مشارَكة على مستوى الوطن العربي.
اكتشاف الذات
تستعرض الأديبة "خضور" في حديثها للمدونة محطات من مسيرتها الأدبية، وهي التي كتبت في السنة الأولى من دراستها الجامعية قصّة متكاملة وأعادت قراءتها بعد أن انتهت منها لتبكي بحرقة على بطلها المأزوم ثم تكفكف دموعها وتكتشف موهبتها في الكتابة، وذلك بالتزامن مع زواجها المبكر والقريب من موعد انطلاقتها في عالم الأدب، حيث تزوجت عندما كانت في الصف العاشر، وأنجبت أولادها خلال دراستها، وأسرتها المحبّة المتفهّمة ساعدتها في المضي بطريقها المزدحم بالأعباء.
أدباء وجوائز
ترى الأديبة "خضور" أن الرواية السورية كانت ولاتزال بخير وكذلك القصة القصيرة، ففي بلدنا أقلام فذّة تنتج أدباً رفيعاً يضاهي ما يكتبه المبدعون في مختلف أقطار الوطن العربي.
تتميز الرواية السورية، حسب قول الأديبة، بالخوض عميقاً في الواقع والانطلاق منه إلى فضاء التخيل السحري، ومعظم كتّابنا يمتلكون وبقوة أدوات القصّ والسرد الفنّي.
أما بالنسبة للجوائز فهي تعني بالنسبة لها كما تضيف: "اعترافاً صريحاً بقيمة الكاتب الذي نال الجائزة، فلجنة التحكيم لأي جائزة تتكوّن من نقّاد وكتّاب ومختصّين، وبالتالي فتقييمهم له أهميته، فالجائزة هي مكافأة على عمل ناجح وحافز للتطوير والاشتغال على الذات والأدوات الفنية".
المعلّمة والأديبة
وعن التقاطعات بين مهمتها الأساسية كمدرّسة للغة العربية وبين كونها أديبة تقول "خضور": "مع أني أحب شخصيّة المدرّسة لكن هذه الشخصيّة قلّما تلتقي مع شخصية الكاتبة، فالمدرّسة متمترسة على أرض الواقع وواجبها يحتّم عليها البقاء في هذه الخانة وتفتش دوماً عن أبسط السبل لإيصال المعلومة لطلابها، أمّا الكاتبة فمركبها الخيال الخلّاق وهو ديدنها وعالمها ولو حطّت على أرض الواقع فللحظات قلقة وحسب".
وتضيف: "كل أديب يمرّ بمراحل مختلفة في حياته الأدبيّة ولا يمكن له إذا كان مبدعاً أن لا يتدارك العديد من الأمور في كل رواية لاحقة له، فكل عمل تنجزه يكون أفضل وأقوى من سابقه، فالأعمال الأولى لي كبدايات معظم الكتّاب تتّسم بالمباشرة والتقريرية، وغلبة الصوت الواحد على الشخصيات، لكني تخلّصت جزئياً من هذه الشوائب في العمل الثاني، وفيما بعد صُقلت تجربتي وتحرّرت من تلك الثغرات على ما اعتقد".
خصوصية العمل
نعود إلى خصوصية العمل الروائي الذي فازت به الأديبة بجائزة "توتول" لنجد أنه يمتلك أكثر من سبب للفوز، وهذه الأسباب يوضّحها "لمدونة وطن" رئيس لجنة تحكيم المسابقة "محمد الحفري" ويقول: "أوّل الأسباب هو قدرتها على كتابة هذا العمل من حكاية بسيطة تمثّلت في زواج بطلتها شمس من ابن الجيران، ومن تلك النقطة تقريباً بدأت الرواية، والسبب الثاني تصاعد عملها نحو أكثر من ذروة، وثالثاً هو قدرتها على المراوغة واللعب بطريقة ماهرة فوق أرض روايتها، أو لنقل مطارح ذلك اللعب وأسباب أخرى كثيرة لكن هذه أبرزها".
ويتابع حديثه: "يتوجّب القول أن الرواية ذات مضمون فكري سامق ورفيع، وأهم ما تميزت به رشاقة السرد والقدرة على جذب المتلقي، وفي النهاية أُضيف أن تلك الكاتبة الشفافة والرقيقة تمتلك روح طفل يعبث مع الحياة ويشاغب فوق دروبها، هي إنسانة بحق وبما تعني الكلمة من معنى وتستحق كل نجاح وتقدير".
جوائز متعددة
لم تكن جائزة" توتول" الجائزة الأولى التي حصلت عليها الأديبة، فقد سبق لها وإن فازت سابقاً بعدّة جوائز أدبية مهمة منها جائزة "الطيب صالح" العالمية و"إيبيدي" في مصر ودار الوطن في المغرب، و"نبيل طعمة" في اتحاد الكتاب العرب".
ويقول مدير دار "توتول" للنشر" محمد الطاهر إن الفوز هو حصيلة تحكيم من أجل اختيار ثلاثة روايات من أصل 58 رواية واختيار القائمة الطويلة التي شملت 15 متسابقاً، ثم القائمة القصيرة التي أفضت إلى ثلاثة فائزين، وفي كل عام يتنافس على هذه الجائزة مجموعة من الكتّاب من مختلف بلدان الوطن العربي، ولا نحصر أو نلزم المتسابق خلالها بموضوع معين.
تبقى الإشارة إلى أنه أصبح في جعبة الأديبة "توفيقة خضور" بعد فوزها بهذا العمل الروائي، ست روايات مطبوعة وسبع مجموعات قصصية.