يعد حي "الأعظمية" واحداً من أهم الأحياء الشعبية في مدينة "حلب"، مع حركة تجارية وصناعية لاتهدأ، وفضلاً عن اكتظاظه بالسكان يتميز الحي بموقعه وترابطه مع باقي الأحياء المجاورة، حيث يتداخل بشكل انسيابي مع أحياء "الحمدانية وصلاح الدين وسيف الدولة والفرقان" ويربطها ببعضها البعض.

جغرافيا وحدود

يقع حي "الأعظمية" في أقصى الجهة الغربية الجنوبية من المدينة، ويطل في جزئه الشمالي على المحلق وكازية "الأكسبريس" وجامع "آمنة بنت وهب" مع الجسر والنفق الدولي الذاهب باتجاه مدينة "دمشق"، ويجاور الحي من جهة الغرب "حي الحمدانية" الواسع ويفصل بينهما الأوتوستراد الدولي، ومن الشرق "حي سيف الدولة" ومن الجنوب "حي صلاح الدين" الشعبي، ووسط الحي هناك سوقان تجاريان كبيران الأول العُلوي وهو الأكبر والأهم، وفيه الأسواق المهمة للذهب والخضار والحلويات والألبسة والمواد الغذائية، فيما يسمى الآخر سوق "بازركان"، وتكثر في الحي العيادات الطبية وورشات الخياطة والنجارة مع تواجد لمحال الأطعمة والحلويات ومقر شركتي "رودكو والطرق والجسور" .

الطابع الشعبي

يتحدث مختار الحي "مجاب عكام" والذي رحب بحضور المدونة، عن بداية نشأة حي "الأعظمية" وأهميته التجارية والصناعية، فيقول: " يعود تأسيس الحي، وحسب ما علمت من بعض كبار السن، إلى أكثر من مئة عام مضت، حيث أقيم وسط أراضٍ زراعية ممزوجة بالتربة الحمراء، اتخذت بيوته شكل وطابع البيت العربي الذي تحيط به أشجار الفستق الحلبي والزيتون والتوت، ومع مرور الزمن والكثافة السكانية وبدء حقبة الثمانينيات، هدمت أغلب تلك البيوت وتحولت لأبنية طابقية.. الحي يتموضع على هضبة مرتفعة تطل على باقي الأحياء المنخفضة من حوله، صبغة وطابع الحي شعبية خالصة، هنا تسكن مختلف فئات وطبقات المجتمع الحلبي من الفقراء إلى المتوسطين والميسورين، الكل يعيش هنا بأمان واطمئنان ويسعون في طلب أعمالهم وأرزاقهم بمهن وحرف تعلموها".

مرافق حيوية رياضية هامة داخل حي الأعظمية .

ويشير المختار" عكام" إلى أن عدد سكان الحي يقارب الـ24 ألفاً، يقطنون الأبنية الطبقية، مع وجود أكثر من ثلاثين محلاً لصياغة الذهب والمجوهرات.

مرافق حيوية

يضم الحي عدداً كبيراً من مستودعات المؤسسة السورية للتجارة، مع صالة رئيسية تبيع بالمفرق، وحسب ما يشير " عكام" توجد داخل الحي ملاعب المدينة الرياضية المؤلفة من الاستاد الدولي والملعب الآخر المجاور له مع الصالة الدولية العملاقة لكرة السلة، ومقر شركتي "رودكو والجسور للطرق" ومركز جمعية "التآلف"، وعدد كبير من المدراس لمختلف المراحل الدراسية مع أربعة مخابز، وهناك سوق الخضار الذي يؤمن حاجيات القاطنين فيه.

الشارع الرئيسي مع السوق في حي الاعظمية.

ويضيف: "ما يميزه إطلالته على الطريق الدولي الواصل اتجاه العاصمة، وخلال أزمتي الحرب والزلزال كان الحي القبلة المفضلة للكثير من أهالي المدينة، نظراً لرخص أسعار آجار منازله وتوافر فرص العمل والخدمات فيه، وهو مخدم بشبكة طرق ومياه وكهرباء وخطوط نقل للسرفيس العام وقربه نوعاً ما من مقر الجامعة".

قبلة للتسوق

يمتاز حي "الأعظمية" بالإقبال والازدحام الشديد للأهالي والسيارات الواصلة إليه من أحياء "الحمدانية والراموسة والمشهد" ما جعله قبلة للتسوق.

أبناء من حي الأعظمية المختار مجاب عكام والمحامي عبد الكريم شوكة.

المحامي "عبد الكريم شوكة" يصف الحي بالشعبي الذي ترى فيه نماذج مختلفة لساكنيه، وهم منهمكون بأشغالهم وأعمالهم ومحلاتهم، ما يخلق ويولد حالة تنافسية بالبيع والشراء لأصحاب تلك المحال.

يقول "شوكة": " هنا داخل الحي يسكن عدد كبير من المحامين والقضاة وأساتذة الجامعة، نظراً لقرب الحي من الدوائر الرسمية العامة، ومهاودة قيم أسعار تلك المنازل مقارنة بأسعار المنازل في الأحياء المجاورة، وصبغة وطابع القاطنين الطيبة والمحبة والمسامحة فيما بينهم، فنادراً ما نسمع عن خلافات او منازعات وإذا وجدت يتم حلها بسرعة من دون أن تترك لها أي أثرجانبي".

كما يضم الحي سوقاَ تجارياً ضخماً يحتوي مختلف صنوف المواد الغذائية والمعجنات والحلويات والموالح.

ألفة ومحبة

بدوره يستعيد "جلال لحموني" /62/ عاماً وهو صاحب مكتبة وسط حي "الأعظمية"، بعضاً من ذكريات بدايات سكنه في الحي ويقول: "أذكر في بداية وصولنا إلى هنا، في ثمانينيات القرن الماضي، كانت أغلب المنازل مشيدة بطريقة الدور العربية ولم يكن ذلك الازدحام الذي نشهده اليوم، وكنا نعرف بعضنا بالأسماء والعوائل والأشخاص، وبالقرب من منزلنا هذا كان هناك مخبز يدوي ومدرسة وملعب ترابي ومسجد، وأجمل ما في الذكريات أيام شهر رمضان والأعياد، حيث التآلف والمحبة التي كانت سمة الجميع، ومع مرور الوقت تم هدم تلك البيوت وإنشاء الأبنية الطابقية مكانها، ومع ذلك يبقى الحي في قلبي وقلب أصحابه الأصليين محبة ومودة".

ختام حديث المدونة مع أهالي الحي كان مع الحاج "أحمد حمادة" /55/ عاماً والذي يقول: "أذكر أنه عندما جئنا إلى هنا كانت الدور عربية خالصة، محاطة بأشجار الزيتون والتوت والفستق الحلبي، وفي المكان الذي نحن فيه الآن كان هناك ملعب ترابي لكرة القدم لعبنا فيه أيام الصبا، وكانت تحضر إلينا مختلف فرق الأحياء الشعبية للعب المباريات، تلك الأيام الخوالي كانت أيام بركة وتسامح تحمل الخير والمحبة بين الجميع، وخاصة في شهر رمضان والأعياد والمناسبات، وكان أهالي الحي يتشاركون جميعاً بالأفراح والأحزان والهموم ومساعدة بعضهم، والآن تغيرت الكثير من معالم حينا حيث بدا مزدحماً والناس لم تعد تعرف بعضها كثيراً، ومع ذلك سمة وطابع الحي السمة الشعبية التي يغلب عليها الخير والمحبة".

تم إجراء اللقاءات والتصوير داخل "حي الأعظمية" بتاريخ الثامن من شهر أيلول لعام 2023.