تميزت المغنية الشابة "نور خوري" بلونها الخاص في تقديم الأغنية الشعبية والتراثية وأغاني الزمن الجميل بأسلوب مستساغ وسلس، اعتمد على تجديد اللحن وتطويع الألحان الغربية بآلاتها الموسيقية لخدمة الفن الشرقي وأغاني الطرب والتراث، ولاقت تجربتها تشجيعاً وترحيباً في الوسط الفني وإقبالاً من الشباب الذين وجدوا فيها تجربة فريدة.

علم وفنّ

على الرغم من شغفها بالموسيقا الغربية وتميز تجربتها فيها، تحمل الفنانة "نور خوري" ابنة "دمشق" 33 عاماً، مؤهلات علمية، فهي حاصلة على الإجازة بالأدب الفرنسي، وشهادة في علم التربية من جامعات "النمسا"، وتتحدث عدة لغات أجنبية منها الفرنسية والإنكليزية والألمانية.

وفي عام 2017 ازداد شغفي بالموسيقا للتعلم على آلات جديدة، الغربي منها والشرقي مثل "اليوكو ليلي" وهي آلة موسيقية تشبه الغيتار ولكنها أصغر حجماً منه، مؤلفة من أربعة أوتار، وعلى آلة "الكاخون" الإيقاعية الإسبانية، وعلى آلة "البونجز" الإيقاعية، كما تعلمت العزف على آلات "بيركاشن" من خشاخيش وغيرها يطلق عليهم اسم "الشيكرز" بالإضافة إلى الدربكة الشرقية (الإيقاع)

تشير "خوري" في حديثها لـ"مدونة وطن" إلى أن بداية تجربتها الفنية كانت في عام 2011، تزامناً مع بدء الأزمة السورية، كانت الرغبة بمتابعة الحياة والغناء لديها أقوى من الحرب، لتكون أولى حفلاتها في "دمشق القديمة" بدعم من المبادرة الشبابية "مبادرتي"، حيث عزفت فيها على آلة الغيتار، وقامت بغناء بعض الأغاني السورية القديمة.

وتضيف: «وفي عام 2017 ازداد شغفي بالموسيقا للتعلم على آلات جديدة، الغربي منها والشرقي مثل "اليوكو ليلي" وهي آلة موسيقية تشبه الغيتار ولكنها أصغر حجماً منه، مؤلفة من أربعة أوتار، وعلى آلة "الكاخون" الإيقاعية الإسبانية، وعلى آلة "البونجز" الإيقاعية، كما تعلمت العزف على آلات "بيركاشن" من خشاخيش وغيرها يطلق عليهم اسم "الشيكرز" بالإضافة إلى الدربكة الشرقية (الإيقاع)».

تجديد الفنِّ

أخذت الصدفة "خوري" إلى ضفة الغناء، حيث غنت من باب الدعابة أغنية "شعراتا ولو" بعزف كلاسيكي متفرد على الغيتار، لتحصد الكثير من الإعجاب والتشجيع خاصة من فئة الشباب، ومن هنا خلقت فكرة الجولة في البيئات السورية والتعرف على الصبغة الشعبية لكل منها، كأغنية "سيري يا اسمرانية" وهي من التراث الحوراني، كذلك أغاني "مسعد يا تنور"، و"محبوب قلبك"، و"منين أبدأ"، وغيرها من أغاني التراث السوري، والتي جرى طرحها لكن بتوزيع حديث وجديد ترافق مع عزف "خوري" على الآلات التي تجيدها بما يتناسب ويحترم الأغنية التراثية من دون لغط أو تعديل باللحن والكلام.

وتشير "خوري" إلى شغفها بالتراث الشعبي في بلاد الشام، بدءاً من "سورية" الوطن الأم، وانتهاء بـ"فلسطين" المؤمنة بقضيتها وشعبها، فغنت "يا يما في دقة عبابنا"، "راجع عبلادي"، ومؤخراً أغنية "شدوا بعضكم" التي سمعناها بصوت الحاجة الفلسطينية "أم العبد".

عائلة فنِّيَّة

شاركت "نور" شقيقتها الممثلة "نانسي خوري" في عمل سينمائي مع المخرج "زهير قنوع" بفيلم "البحث عن جولييت"، حيث قدمت فقرة قصيرة بأدائها لأغنية "سما"، لتكون المشاركة اليتيمة للشقيقتين معاً، وهي تأمل أن تتكرر هذه التجربة.

تتحدث "خوري" عدة لغات أجنبية، لكنها تغني فقط باللغتين الإيطالية والإسبانية اللتين لهما جمهورهما المنفتح على العالم من بوابة السوشل ميديا على حد قولها، وترى أن غناء الأغنية التراثية مسؤولية كبيرة، فالمستمع هنا ليس فقط من الجيل الرابع أو الخامس، هناك فئة الشباب التي باتت تهتم بهذا النمط، وتفاعلت معه بشكل كبير في الحفلات التي قدمتها.

رعاية وترويج

تعد "خوري" من المواهب التي عادت إلى أرض الوطن والتي تحاول تقديم الفن الراقي الذي يحتاج إلى شركة إنتاج تعنى بالترويج والانتظار، وهي ترى أن ما نعيشه حالياً من ظروف قاسية ينعكس سلباً على الفنان وعلى من تبقى من شركات الإنتاج، لكنها ومن خلال وجودها الدائم بين الناس وتقديم الحفلات بإمكانات بسيطة تتيح لها ولهم التواصل الحي، وحالياً تعمل على تسجيل أغاني "covers" جديدة، وأغنية خاصة إلى جانب حفلاتها خارج "سورية".

وتختتم حديثها بتوجيه رسالة امتنان للمحيط الذي أعطاها مقومات الاستمرارية، وبشكل خاص لشريكتها في عالم الفن والموسيقا "علا محفوض".

شرقيّة وغربيّة

في السياق يقول الموزع الموسيقي "محمد مرزوق": إن الدمج بين الموسيقا العربية والغربية ليس بجديد، وأول من استعمل هذا اللون هو الفنان "زياد الرحباني" حين أعاد توزيع أغاني والدته السيدة "فيروز" بطريقة "أورينتال"، فالمزج بشكل عام، حسب رأيه، يضيف ويجمّل، شرط الابتعاد عن التقليد، وألا نجعل من موسيقانا غربية صرفة، للحفاظ على طابعنا الحقيقي.

"مرزوق" الرافض لأسلوب الاجترار بالتراث ولا يستسيغ هذا النمط، لكن برأيه فقد نجحت "خوري" باختياراتها القائمة على تغيير التوزيع مع الحفاظ على القالب الأصلي للأغنية وتمكنها من ثقافتها الموسيقية المدركة لما تفعله، لأنها على الأقل تغني "الربع تون" بشكل صحيح من دون أي تحريف بالعلامات الشرقية، فهي فنانة خلاقة ومبدعة باختياراتها لنوع التراث الذي تعيد تجديده.

ويشير "مرزوق" إلى أن أذن المستمع هي ما اعتادت عليه، فالسلسلة البشرية هي ذاتها، لكن الجديد هو أن الموسيقا قد تغيرت كما الكثير من المفاهيم، و بالتدريج اعتاد البعض على هذا الرتم الفني، وشريحة أخرى لم تستسغه، فمعظم الجيل تقبل فكرة سماع الفلكلور كما تقدمه "نور"، والدليل أن معظم جمهورها من الشباب والشابات في مقتبل العمر، وهذا مهم لتعريفهم بتراثهم الفني شرط أن (لا نطالعو من تيابو) ونصبه في قالب غربي صرف، وننزع منه النوتات الشرقية التي تعطيه روحاً وجمالاً.