تعلّم على يده أغلب أدباء ومسرحيي مدينة "حمص" عبر سنوات حياته، فاعتبروه القدوة الأولى لهم في المجال الشعري والأدبي؛ لما يملكه من ذاكرة توثيقية كبيرة وقدرة على توجيه كل شخص بما يناسبه فيحسب له أنه قاد عدداً من المثقفين في مدينته ليصبحوا من وجوهها الثقافية.

الأديب "راغب طليمات" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 حزيران 2016، عن أستاذه بالقول: «تلقى "محي الدين درويش" علومه في مدارس "حمص"، حيث كانت في ذلك الوقت عبارة عن كتاتيب يتلقى فيها طلاب العلم القرآن الكريم وعلومه، ظهرت نجابته فأنهى دراسته للقرآن الكريم وهو في سن العاشرة؛ وهو ما أهله للالتحاق بمدرسة دار المعلمين العليا في "دمشق".

تتميز لغته بالسهولة وخياله بالإبداع، حيث يعبر شعره تعبيراً صادقاً عن انحيازه التام إلى قضايا وطنه وهموم أمته على مدار حياته

عمل مدرساً للأدب العربي في مدارس "حمص" التجهيزية بعد أن اختارته وزارة المعارف لهذا العمل في عام 1932م، وفي عام 1963م أصدر مجلة "الخمائل الأدبية" التي كانت متنفس الأدباء والشعراء داخل القطر السوري وخارجه، وكان قد رأس تحرير عدد من الجرائد وعضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية».

راغب طليمات

يذكر "راغب" أول مرة التقى بها أستاذه حين كان يرافق والده في مقهى "الفرح" الشهير، وعن هذه القصة يقول أيضاً: «دخلنا أنا ووالدي الذي اعتاد الجلوس مع أصدقائه في هذا المكان، وكان "درويش" منهم، فأخبره والدي حينها عن موهبتي الشعرية، ليسألني عن عدة قصائد من زمن "امرؤ القيس" إلى "زهير بن أبي سلمى" والمعلقات المعروفة، وغيرها. وقال لي: عليك أن تحفظ 5000 بيت على الأقل كي تبدأ كتابة الشعر. وفعلاً عند سؤاله لي أجبته عن كل الأسئلة، فقال لي حينها: الآن عليك أن تنسى ما حفظته كي لا تقلّد أحداً، وهي كلمات أثرت بشخصيتي الأدبية والمسرحية وصقلتني فيها».

يعدّ كتاب "إعراب القرآن الكريم وبيانه" من أهم إنجازاته بحسب ما أكده "طليمات"، وعنه يقول أيضاً: «استغرق هذا الكتاب من حياته عشرين عاماً، ويعد هذا الكتاب الضخم الذي جاء في ثلاثين جزءاً شاهداً على موسوعيته الفكرية والأدبية واللغوية والتراثية، وقد صدر عن دار الإرشاد في "حمص"، وتتالت طبعاته في دور نشر أخرى سورية ولبنانية، ولا يزال مرجعاً مهماً في أقسام اللغة العربية بكليات الآداب في الجامعات السورية حتى اليوم».

زكريا مينو

المخرج المسرحي "زكريا مينو" الذي أنتج العديد من الأعمال المسرحية يرجع فضل الثقافة في مدينته والخبرة الأدبية فيها إلى "محي الدين درويش" وتلاميذه الذين نهضوا بالفكر الاجتماعي والأدبي لأبناء "حمص"، ويضيف: «تتميز لغته بالسهولة وخياله بالإبداع، حيث يعبر شعره تعبيراً صادقاً عن انحيازه التام إلى قضايا وطنه وهموم أمته على مدار حياته».

وعن أهم كتاباته يقول "مينو" أيضاً: «يورد له كتاب "الحركة الشعرية المعاصرة في حمص" العديد من النماذج الشعرية، وأورد له كتاب "من أعلام حمص" نماذج من شعره، ونشرت له مجلة "الرسالة" عدداً من القصائد منها: "بقية حلم" – العدد (166) – القاهرة أيلول 1936، و"مساء القرية" – العدد (173) – القاهرة تشرين الأول 1936، ونشرت له مجلة "الخمائل" عدداً من القصائد، منها: "اليتيم" – العددان (25 و26) – "حمص"، كانون الأول 1964.

ومن أهم أعماله الأخرى أيضاً عدد من الدراسات والأبحاث، منها: تحقيق "ديوان ديك الجن" بالاشتراك – مطابع الفجر – "حمص" 1960، والرواد الأوائل للشعر في مدينة "حمص" – مجلة "العمران" "حمص" 1969. ونشرت له مجلة "الخمائل" عدداً من المقالات، منها: "الشريف الرضي في غزله" 1962، والصور الفنية المقتبسة من القرآن – العدد (14) – 1963، و"أبو العلاء المعري" في رسالة الغفران – في عشر حلقات منذ عام 1964».

يذكر أن المفكر "محي الدين درويش" ولد في "حمص" عام 1908، وتوفي 1982.