عاش ومات وهو يحمل أول مخلوقات الله (القلم)، لوحاته الفنية تعبر عن روحه وفنه، فهو الترجمان المحلّف لأبجدية الحروف العربية، "محمود الهواري" الذي نال شهادة عميد الخط العربي، وصمم خطوطاً للكمبيوتر.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 27 تموز 2014، الباحث التاريخي "محمد فياض" الذي تحدث عن الخطاط "محمود الهواري" بالقول: «يعد أحد الوجوه الفاعلة في الساحة الفنية السورية، استطاع إبراز تاريخ الخط وفاعليته إلى التطور، تؤشر أعماله الخطية إلى توطيد هذا الفن في الفضاء الثقافي والفني وإخراجه بحلة جديدة تعج بالحيوية والإبداع».

يعد أحد الوجوه الفاعلة في الساحة الفنية السورية، استطاع إبراز تاريخ الخط وفاعليته إلى التطور، تؤشر أعماله الخطية إلى توطيد هذا الفن في الفضاء الثقافي والفني وإخراجه بحلة جديدة تعج بالحيوية والإبداع

"الخط يبقى زماناً بعد صاحبه... وكاتب الخط تحت الأرض مدفون".

الباحث محمد فياض

ويضيف: «رحل الخطاط "محمود الهواري" إلى دار الخلود تاركاً لنا كوكبة من لوحاته الفنية المتميزة التي تعبر عن روحه وفنه، ولد "الهواري" في "دمشق" ودرس الخط على يد الأستاذ "بدوي الديراني" ولازمه حتى وفاته ونال منه الإجازة، كما أجيز من الخطاط التركي "حامد الآمدي"، صمم الحروف الضاغطة لعدة شركات عربية وأجنبية، وصمم حروفاً لعدة أنواع من خطوط الكمبيوتر».

وفي تصريح لـ"الهواري" خص به الباحث "فياض" حصلت المدونة على نسخة منه، يقول: «عندما كنت يافعاً كنت أعمل في تزويق البيوت، وكانت خبرتي في أنواع الطلاء والدهان عميقة الجذور، ومعرفتي بأنواع الصبغات لا حد لها، وكانت أمنيتي التعرف على خطاط بلاد الشام، فحبي للخط ينمو في القلب وتتأصل جذوره حتى غدا حباً لا شفاء منه، وساقتني الأقدار في ستينيات القرن الماضي لأقوم بطلاء لوحة، وكم كانت فرحتي شديدة وعظيمة لوقوفي أمام هذا العلم الكبير، ولأكون فيما بعد التلميذ الذي تلقى منه علوم الخط وأنماطه وقواعده ورافقته حتى آخر سنوات حياته».

الخطاط الهواري

ويضيف: «كانت هوايتي في الخط العربي قد سبقت معرفتي بالأستاذ "بدوي"، وكانت علاقتي بالخطاطين وثيقة بحكم عملي، وكنت أكتب الرقعة وشيئاً من التعليق والديواني، ولم تكن المصادر متوافرة، فكانت المعرفة والتدريب جل اهتمامي، فكتبت الحروف، ووزنت السطور، ومشقت العبارات خاصة في خط التعليق، وكان معلمي يوجهني في كل خطوة أخطوها ويصحح لي مساري ويرشدني إلى أخطائي وعثراتي، ولم يمض قليل من الوقت حتى ضبطت الحروف وأتقنت السطور».

وأشار أستاذ اللغة العربية "أحمد فواز" بالقول: «عاش ومات وهو يحمل أول مخلوقات الله (القلم)، فحمل أمانة القلم ليخط بأنامله كتاب الله الكريم ليكون شاهداً له يوم القيامة بأنه من الذين سخرهم الله ليحفظوا كتابه، وقد كتب القرآن الكريم بعدة خطوط جميلة، وكرس جهده ووقته ووضع أنفاسه الجميلة التي وهبها الله له في التفنن ليخرج أجمل اللوحات بآيات من القرآن العزيز، كانت له مجموعة من الأقوال منها: "الخط سلاح ثقافي مهم"، و"أجمل الأصوات بالنسبة لي صوت صرير قلم القصب الذي يغذي روحي"، و"نصل الحروف أقوى من نصل السيوف". توفي في "دمشق" يوم الأحد 31 تشرين الأول عام 2010م».

جزء من منزل الخطاط محمود الهواري

الدكتور "محمد أبو شعر" تحدث عن "الهواري" بالقول: «نظرة في لوحات الخطاط "محمود الهواري" تضعك في رحاب الإبداع والألق، فهو الترجمان المحلّف لأبجدية الحروف العربية، وجذبته ملَكَة الابتكار إلى تأليف لوحات فنية عالية الإبداع منتشرة في كل مكان، ‏تحلّى الخطاط الهواري بالخلق الرفيع، كما كان عليه الخطاطون السابقون المبدعون من تواضع واحترام لمن سبقهم ومن عاصرهم، ففن الخط ارتبط دائماً مع الدين والأخلاق، ففي كنفهما ترعرع وتطوّر».

ويضيف: «وُلد الخطاط "محمود الهواري" في "دمشق" عام 1939م، درس الخط على يد الأستاذ الكبير "بدوي الديراني" خطاط بلاد الشام الأول مدة ثماني سنوات، وحاز منه شهادة في الخط العربي سنة 1966م، تتلمذ أيضاً على يد الخطاط الشهير "هاشم البغدادي"، وحصل منه على إجازة في الخط العربي، وتتلمذ على يد الخطاط التركي الكبير "حامد الآمدي"، صمم الحروف الطابعة بطريقة الضغط وكان ذلك في عام 1974م، وحاز شهادة تقدير عن هذا الاختراع‏، صمم وكتب عشرة أنواع من الخطوط للحاسوب، واستعمل فيها خط الثلث،‏ نال شهادة عميد الخط العربي في "دمشق" الشام، وساهم بفاعلية في تطوير وتدريس فن الخط العربي‏، يعدّ منزله معرضاً دائماً لأعماله الكثيرة والمنوعة، يمتلك مجموعة كبيرة ونادرة لأهم أعمال الخطاطين القدماء (الإيرانيين - الأتراك - العرب) يزيد عمر بعضها على خمسمئة عام».