للفنان "وحيد إبراهيم" المعروف في منطقة "عفرين" باسم "ريفان" مسيرة فنية طويلة عنوانها الأبرز هو العمل على حماية فلكلور وتراث منطقة "عفرين" من خلال العزف على آلة "الطنبور".

للتعرف على مسيرة الفنان "وحيد إبراهيم"– "ريفان" وتجربته الفنية التقاه موقع eAleppo في منزله بقرية "جوم" وذلك بتاريخ 5/1/2012 فكان معه الحوار التالي:

يتميز الفنان "وحيد إبراهيم" بقدرة كبيرة على العزف على آلة "الطنبور" في المجال التراثي والفلكلوري وهو من أقدرهم حالياً في الساحة الفنية فهو منذ صغره اختار هذا اللون الفني ونجح فيه إلى حد كبير. كثيراً ما التقينا على المسارح الفنية فبمجرد أن تطلب منه أغنية تراثية يعزفها دون تردد وبخبرة عالية وبذلك أعتقد أنه استطاع تحقيق حلمه في حماية التراث وله في هذا المجال العديد من التسجيلات التي ستخلده إلى الأبد

  • حدثنا حول بداياتك الفنية وكيف نشأت علاقتك بالطنبور؟
  • الطنبور الذي صنعه في بداية الثمانينات من القرن العشرين

    ** "الطنبور" هي الآلة الموسيقية الأكثر قدماً وانتشاراً في منطقة "عفرين" وقد توارث الناس العزف عليها جيلاً بعد جيل وبواسطة هذه الآلة استطاعوا حماية تراثهم الفني العريق الذي يتضمن مئات الملاحم والأغاني الشعبية ولذلك فهم يحبونها حباً كبيراً.

    بالنسبة لي فقد تعلمت العزف عليها وأنا طفل لم يتجاوز عمري حينها 10 سنوات وذلك من خلال مراقبتي المستمرة لشقيقي الأكبر رحمه الله الذي كان عازفاً جيداً للطنبور، فكلما كان يبدأ بالعزف كنت آتي لأجلس أمامه مباشرة وأراقب حركات يديه بدقة بالغة، وبعد مضي فترة 3 سنوات تقريباً حملت "الطنبور" في حضني لأول مرة وبدأت بالعزف.

    في إحدى الحفلات الفنية

  • في تلك الفترة /أي الستينيات من القرن العشرين/ هل كان العزف على "الطنبور" مقبولاً من الناحية الاجتماعية؟
  • ** في الحقيقة كانت هناك صعوبات في هذا المجال وخاصة من والدي الذي كان من المعارضين لفكرة أن يقوم ابنه بالعزف للناس وحضور سهرات وما شابه وقد كان رفضه نابعاً من قناعاته الدينية والعائلية.

    في ملتقى البزق الثاني بدمشق

    ولكن عندما رأى والدي ولعي الشديد بالطنبور وتطوري الكبير في مجال العزف وخاصة التراثي منه اضطر إلى قبول الواقع ولكنه طلب مني قبل وفاته بألا أعزف مقابل المال وأن يكون عزفي مجانياً لكل الناس وقد حققت له ذلك لفترة طويلة ولكن باعتبار أنّ العزف أصبح في السنوات الأخيرة باب معيشة فإني أشارك في مناسبات الأفراح بمقابل مادي بينما ما زلت أشارك في السهرات والأعياد الوطنية والتكريمات وغيرها بشكل مجاني تماماً.

  • بمن تأثرت من العازفين في مسيرتك الفنية؟
  • ** قبل حوالي 40 عاماً تقريباً لم تكن وسائل التواصل من فضائيات وانترنت متوافرة كما اليوم والوسيلة الوحيدة التي كانت في متناولنا في الريف كان الراديو وقد كانت موجاته تحملنا معها إلى مختلف بقاع الأرض.

    في تلك الفترة كما أذكر كانت هناك إذاعة عراقية تبث من بغداد وفي قسمها الكردي كنت أستمع لفنانين كبار من أمثال "عيسى برواري" و"محمد عارف الجزيري" و"محمد شيخو" و"شفان" و"جميل هورو" طبعاً الذين ذكرتهم هم مغنون تركوا تأثيراً كبيراً في تجربتي، أما بالنسبة للعازفين فلم أتأثر بأحد بشكل مباشر رغم متابعتي لهم جميعاً لأني ومنذ طفولتي رغبت بأن يكون لي أسلوبي ونمطي الخاص في العزف ورسالتي التي عملت لأجلها وما زلت هو حماية تراث وفلكلور المنطقة من خلال العزف على "الطنبور".

  • في مرحلة ما من مسيرتك الفنية عملت في مجال صنع "الطنبور" يدوياً، حدثنا عن تلك المرحلة؟
  • ** نعم كان ذلك في بداية الثمانينيات من القرن العشرين ولكن لم يكن ذلك لأغراض تجارية إنما كنت أقوم بصنع "الطنبور" الخاص بي لأنه وفي تلك الفترة لم تكن تلك الآلة الموسيقية متوافرة كما اليوم حيث يتم استيرادها جاهزة من تركيا فهناك يعمل في تصنيعها أكراد تركيا ولهم شهرة عالمية في ذلك.

    صناعة "الطنبور" لم أتعلمها من أحد إنما وضعت طنبوراً جاهزاً أمامي ورحت أصنع "الطنبور" الخاص بي مع الأخذ بعين الاعتبار الأطوال والقياسات والأوتار ومستخدماً في ذلك خشب الجوز والتوت حيث قمت بتصنيع 3 منها أحدها من القياس الصغير وهي ما زالت بحوزتي.

  • بماذا تحدثنا عن بصمتك الخاصة في الحركة الفنية بعفرين؟
  • ** يجب أن يكون لكل فنان بصمته الخاصة وبذلك تتطور الحركة الفنية نحو الأمام، بصمتي كما قلت هي في العمل الطويل في مجال التراث والفلكلور وسأستمر وفي هذا المجال، لقد قال المرحوم "آديك" وهو العمود الفقري للأغنية التراثية في المنطقة بأنه يمكن الاستماع لعزف "وحيد إبراهيم" بعد موتي وهذه شهادة أفتخر بها، ومن الأغاني التراثية التي أتميز بالعزف المتقن عليها في المنطقة "حلوجي" و"عيشا إيبي".

  • شاركت مؤخراً في ملتقى البزق الثاني بدمشق، بماذا تحدثنا عن هذه التجربة؟
  • ** رغم أنها خطوة متأخرة ولكنها مهمة جداً لإبراز هذه الآلة المنسية في سورية رغم وجود المئات من العازفين عليها في عموم سورية.

    لقد كان الملتقى بنسخته الثانية تجربة مفيدة للعازفين المشاركين حيث منحهم فرصة للتعارف والتواصل والاطلاع على التجارب والاستفادة من الخبرات وقد واكبه حملة إعلامية كبيرة من فضائيات وصحف وإذاعات ومواقع الكترونية وهذا برأيي أمر هام للغاية إذ يساهم في تعريف الناس بآلات "الطنبور" و"البزق" و"الباغلمة" وبالموسيقا الكردية التي تشكل جزءاً مهماً من الموسيقا السورية بشكل عام.

  • هل لديك مقترحات بخصوص الملتقيات القادمة؟
  • ** أقترح نقل وقائع الملتقيات القادمة على الهواء مباشرة على الفضائية السورية ليتعرف العالم كله على التنوع الثقافي والفني في سورية وفتح المجال أمام العازفين الشباب وما أكثرهم لأخذ فرصتهم في العزف أمام الجمهور وفي وسائل الإعلام المختلفة وهذا سيؤدي حتماً إلى تطور هؤلاء الشباب وصقل مواهبهم من خلال الاحتكاك وتبادل الخبرات وأساليب العزف وأنماطه.

    كما أقترح أن تقام الملتقيات المقبلة في مختلف المحافظات السورية وخاصة "الحسكة" و"حلب" فتكون الملتقيات القادمة نقالة ما يساهم في تعريف أكبر شريحة ممكنة من الناس بهذه الآلات وعازفيها وبهذا النوع من الموسيقا، وأقترح أيضاً أن يتم دعوة عازفين مشهورين على هذه الآلات من الدول المجاورة للمشاركة في الملتقيات القادة للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال.

    وعموماً أقترح المزيد من الاهتمام بهذه الآلات من خلال فتح معاهد موسيقية أكاديمية وظيفتها تعليم الشباب على العزف بشكل علمي صحيح فأغلب عازفينا إلى اليوم يعزفون بشكل سماعي ولا يخفى على أحد بأن التعليم الأكاديمي يساهم في تطوير الموسيقا وعازفي هذه الآلات /"الطنبور" و"البزق" و"الباغلمة"/.

    وحول تجربة الفنان "وحيد إبراهيم" سألنا الفنان العفريني "أدهم عمر" فقال: «يتميز الفنان "وحيد إبراهيم" بقدرة كبيرة على العزف على آلة "الطنبور" في المجال التراثي والفلكلوري وهو من أقدرهم حالياً في الساحة الفنية فهو منذ صغره اختار هذا اللون الفني ونجح فيه إلى حد كبير.

    كثيراً ما التقينا على المسارح الفنية فبمجرد أن تطلب منه أغنية تراثية يعزفها دون تردد وبخبرة عالية وبذلك أعتقد أنه استطاع تحقيق حلمه في حماية التراث وله في هذا المجال العديد من التسجيلات التي ستخلده إلى الأبد».

    يُذكر أن الفنان "وحيد إبراهيم"– "ريفان" هو من مواليد 1964- قرية "جوم" في منطقة "عفرين" شارك في العديد من المناسبات وكان آخرها "ملتقى البزق الثاني بدمشق" وله عدة ألحان خاصة.