عبر طريقها الجبلي تصطف أشجار الزيتون لاستقبال الزائر تحرك الريح أغصانها لكأنما تقول لك مرحباً..
هي قرية "زاما" في ريف "جبلة" التي زرناها بتاريخ 21/10/2011 والتقينا المهندس الزراعي "ظهير صالح" الذي حدثنا عن معنى تسمية "زاما" فقال: «كما يقال إن هناك قرية في صحراء تونس اسمها "زاما" وقد لجأ إليها ملك قرطاجة "هانيبعل" حين فشل في احتلال روما وقد كانت "زاما التونسية" قرية زوجته التي دمرت بالكامل فهرب إلى مصر وبلاد الشام وكما يقال استقر في هذه المنطقة وأسماها "زاما" قبل أن يلحق به الرومان ويقتلوه هنا هذه هي الرواية المتعارف عليها لتسمية القرية حيث إن اسم القرية ليست له أصول فينيقية كما أغلب قرى الساحل السوري ويقال أيضا إن قبره هنا في هذه القرية».
طبيعة القرية الجبلية ساهمت في زيادة أشجار الزيتون المزروعة حيث إن القرية بالكامل تعتمد على محصول الزيتون في الزراعة وما تبقى مجرد أشجار مثمرة كاللوز والجوز وهي للاكتفاء الذاتي وقلة من أهالي القرية يزرعونها من أجل البيع منها
وتابع يحدثنا عن الطبيعة الجغرافية للقرية فقال: «قريتنا جبلية ونسبة التربة فيها قليلة حيث تغلب عليها الجروف الصخرية والحجارة الصغيرة والكبيرة والمتوسطة وللحفاظ على التربة القليلة فيها نقوم ببناء المدرجات الحجرية يدويا والتي تسمى في اللغة العامية "الرعش" أو "الرعيشة" ومناخ القرية في الصيف حار صباحا وبارد مساء وفي الشتاء بارد جدا وغالبا تهطل الثلوج والأمطار الغزيرة».
لقرية "زاما" شهرة كبيرة بين القرى في الساحل السورية عبر مثلها الشهير "علقت بزاما" والذي يقال على سبيل المزاح حين تحدث مشكلة ما بين شخصين للتعرف على سبب إطلاق هذا المثل في القرية التقينا الأستاذ "يوسف صالح" وهو معلم في ثانوية القرية حيث حدثنا بقوله: «منذ القدم كان هناك عائلتان في القرية تختلفان بشكل كبير وكان لابد من مشكلة كبيرة بينهما كل أسبوع فقالوا بالقرية المثل الشهير "علقت بزاما" وهناك رواية أخرى تقول إن أهالي القرى المجاورة كانوا يستنجدون برجال قرية "زاما" في كل مشاكلهم وخصوصا أيام الاحتلال الفرنسي حيث كان رجال القرية المعروفون بشجاعتهم وصلابتهم يهبون للمساعدة ولهذا يقال "علقت بزاما" كناية عن كثرة المشاكل والمعارك التي شارك بها رجال قريتنا "زاما"».
ويتابع حديثه فيقول: «ارتبط اسم "زاما" بالطيب والمحبة والشهامة وأهلها معروف عنهم القدر الكبير من الطيبة التي يتمتعون بها وهذا سببه بعدها عن المدينة والتفات معظم أهالي القرية للأرض والزراعة إذ تهبهم البساطة في العيش والكرم اللا محدود الذي يتمتع به أهالي القرية حيث إن بيوتها تستقبل الغريب والقريب وهذا ما نلاحظه خصوصا في موسم الزيتون حيث يكثر العمال المتجولون لكسب لقمة العيش فترون أهالي القرية قد أعطوهم غرفا في بيوتهم للمنامة ريثما ينتهي موسم العمل وهذا عرف منذ القدم».
الجدة "بهرجان معلا" وهي إحدى نساء القرية تحدثت بقولها: «عمري الآن /84/ عاما وقد عشت حياتي كاملة في هذه القرية ولم أنم ليلة واحدة بعيدا عنها فهي قريتي الجميلة البسيطة التي أجتمع فيها كل يوم مع جاراتي تحت شجرة السنديان العملاقة نحضر معا الطعام والمؤونة الشتوية حيث نساعد بعضنا بعضاً ولم تختلف القرية كثيرا في التفاصيل عما كانت عليه قبل /50/ عاما فهي ماتزال كما هي آنذاك والتغيير طرأ على المنازل حيث كانت فيما مضى ترابية والآن أصبحت بيتونية وكذلك اختلف اللباس فقط».
"خليل جامع" رئيس بلدية "زاما" تحدث بقوله: «تبعد القرية عن مدينة "جبلة" /20/ كم وترتفع عن سطح البحر /400-450/م يحدها من الغرب قريتي "القلايع وكفردبيل" ومن الشرق قرية "متور" ومن الجنوب قرية "السكنية" وقرية "البودي" من الشمال وللوصول إلى قريتنا هناك طريق من "جبلة" عبر بلدية "غنيري والقلايع" على خط سير "جبلة- بانياس" القديم».
وتابع: «طبيعة القرية الجبلية ساهمت في زيادة أشجار الزيتون المزروعة حيث إن القرية بالكامل تعتمد على محصول الزيتون في الزراعة وما تبقى مجرد أشجار مثمرة كاللوز والجوز وهي للاكتفاء الذاتي وقلة من أهالي القرية يزرعونها من أجل البيع منها».