الأغاني التي ترددها الأم الحلبية لأطفالها كثيرة ولها مناسبات مختلفة وهي جزء من التراث الشفهي الحلبي الغني والمتنوع، وميزة هذه الأغاني أنها تنتقل من جيل إلى جيل وبشكل شفهي فالأم التي تغنيها اليوم لطفلها سمعتها ذات يوم من والدتها وهكذا.
حول أهم الأغاني الخاصة بالأطفال والتي ما زالت الحلبيات يرددنها لأطفالهن التقى موقع eAleppo بالسيدة "فاطمة أحمد صاغر" 56 سنة والتي تحدثت بالقول: «الأغاني التي تغنيها الأم الحلبية لأطفالها كثيرة ولكل واحدة منها مناسبتها الخاصة كأغاني النوم والتسالي والألعاب وغيرها».
الأغاني التي تغنيها الأم الحلبية لأطفالها كثيرة ولكل واحدة منها مناسبتها الخاصة كأغاني النوم والتسالي والألعاب وغيرها
«بالنسبة لاغاني تنويم الطفل فإنّ أشهرها أغنية ترددها الأمهات وهن جالسات بجانب سريره وهي:
نام.. نام يا ابني / لو أهديلك لهدي الكمون
الصيف عاقل / والشتا مجنون
نام يا ابني عين الله ما نامت / عمرا الشدة على إنسان ما دامت
نام نومات الهنا / نومات الحجاج بوادي المنى.
نام.. نام.. نام.
ومن أغاني التسالي للطفل أغنية تقول:
بحباح يا بحباح / يا عرق التفاح
أجا العصفور يتوضا / كسر إبريق الفضة.
هنا تقوم الأم بمسك أصابع الطفل واحدة تلو الأخرى بدء من الخنصر وتقول:
هاي دبحتو، هاي نتفتو، هاي طبختو، هاي أكلتو، وهاي قالت جيب المعالق ناكل.. هاي.
وأغنية أخرى تقول:
حل.. حل.. حل / هات الجمل تا نرحل
نرحل على الغزاوية / ناكل خبز ودبسية.
وأخرى تقول:
تستك.. تستك.. تستايه / بعرسك لأطبخ رشتايه
وأعزم ولاد الحارة / ونضربهم بالمشايه.
ومن الأغاني التي تتضمن ألعاباً للأطفال، أغنية تقول:
كان عصفور عالشجرة / عم يعد للعشرة
هنا تقوم الأم بالعد من 1 وحتى العشرة والطفل الذي يقع عليه الرقم عشرة يخسر وهكذا حتى يبقى آخر طفل يكون هو الفائز في اللعبة.
وأغنية أخرى تقول:
كان عصفور طاير / عم يعمل فطاير
كم فطيرة بدك / على قدك.
ويختار الطفل هنا رقماً محدداً لتقوم الأم بالعد فالطفل الذي يقع عليه الرقم المحدد يخسر وهكذا حتى يبقى آخر طفل يكون هو الفائز».
ولمعرفة المزيد حول أغاني الأمهات لأطفالهن في مدينة "حلب" التقينا بالأستاذ الدكتور "محمد حسن عبد المحسن"* والذي قال: «تتوزع الأغنية الشعبية الحلبية من حيث مضمونها بين الوجدان الفردي الذاتي والوجدان الجماعي وغناء الأمهات لأطفالهن هي جزء من أغاني الوجدان الذاتي».
وأضاف: «لا شيء أحب إلى الكبار من مناغاة الصغار ومداعبتهم وخاصة إذا كانت هذه المناغاة مأثوراً سمعها الكبير مراراً وتكراراً من آبائه وأجداده حين كان صغيراً فكأنه رضعها مع حليبه وبترداد هذه المناغاة يشارك الكبير والصغير لذة ما بعدها لذة ومن مناغاة الأمهات الحلبيات:
أ أ أ أ نام يا ابني نام / لادبح لك طير الحمام
ويا حمامات لا تخافوا / عم بهدّي لابني تينام
ويا حمامات لا تخافوا / عم بغني لابني تينام
يا جمال ويا عمي / ما بريدك بريد أمي
بريد أمي ترضّعني / تحط البز في تمي
يا جمال أبو الجمل / هات النوم بالعجل
هات النوم للعينين / هات الحسن للخدين».
«والنغم، هذا النغم الحنون، يفهمه الصغير لا الكلام، إنّ الطفل حين يسمع هذه المناغاة يعيش في ساعة أمان ورعاية وطرب وكثيراً ما تهز له السرير أو الأرجوحة المعدة له في أثناء الغناء كما في المناغاة التالية:
أ أ أ ويا ابني / ويا جمال ويا عمي
نيمتو بالمرجوحة / وخايف عليه م الشوحه
وهزيلو يا صبوحه / بلكي عا صوتك بينام
نيمته أو ما / ما كان ينام
ونيمته بالعليه / وخايف عليه م الحيه
وغنيله يا راضيه / بلكي عا صوتك بينام».
«وتأتي أغاني الأمهات حين يكون الصغار في مأزق يبكون أو يتألمون أو يخافون من شيء فتأتي المناغاة وسيلة رائعة تهدئ من روعهم وتعطيهم الأمان مثل:
قتلوكي عيوني قتلوكي / وما عرفوا منو أبوكي
ولو عرفوا مقامك عندو / عالمراتب صمدوكي».
«وتظهر عواطف الأمهات وتفانيهن في سبيل أطفالهن على أكمل صورة في مناغاتهن فهن لا يبخلن بأرواحهن في سبيلهم كما تتمنى هذه الأم أن يقبرها ابنها وأن تموت هي قبله، ومن مناغاتهن:
تقبرني تقبر تقبر / تنزل عالتربة تحفر
تقبرني وتحل الشاش / تبكي علي دموع رشاش
تقبرني وتناديني / وتزرع عاقبري تينه
تقبرني يا شريك قلبي / تقبرني جوا التربه».
«أو يبقى الخوف مسيطراً على شعور الأمهات حتى في مناغاتهن، كما في المناغاة التالية:
حج حج حج الله / شقفة لحمه م الجره
لناكل أنا وعلي / اللي عينه لبره
أ أ أ ويا ابني / ويا عنب الزيني
أ أ أ ويلا نام يا ابني / لاحطك بيحضني
نيمتك بالسرير / ولبستك الحرير».
«وتتمنى الأمهات لأطفالهن في مناغاتهن كل خير وتدعو الله ليحفظهم ويرعاهم، ومن مناغاتهن:
يا لله ينام ابني / يا الله يجيه النوم
يا الله يحب الصلاة / يا الله يحب الصوم
يا الله يجيه النوم / عوافي كل يوم بيوم
يا الله يا دايم / تحفظ عبدك النايم
تحفظ عبدك وتجيرو / وتخلي النايم بسريرو
يا الله يا عيني / بعمرك ما تشوف هموم
ربي يجعلك زينه / وفايق البشر عموم».