صار بإمكان الطفلتين "فوزية حماش" الطالبة في الصف الثامن، و"فداء حميدو" الطالبة في الصف الخامس أن تعودا إلى حياتهما الطبيعية ومدرستهما دون الشعور بألم شديد في الظهر، وذلك بعد العمليتين النادرتين اللتين أجريتا في مشفى "إعزاز" الوطني بـ"حلب" من قبل فريق طبي سوري- مصري مشترك...
وبدعم من وزارة الصحة السورية ومديرية صحة "حلب" وإشراف مباشر من قبل مجلس إدارة دار الفتاة اليتيمة بـ"حلب".
بصراحة كان ضميري وإحساسي بالمسؤولية لأني أم لثلاثة أولاد بالدرجة الأولى، ولكوني أعمل في المجال التطوعي منذ فترة طويلة فكان من واجبي إنقاذ هاتين الطفلتين من هذا المرض والألم، وبعد انتهاء العملية راودني الشك لو أني فكرت بنفسي لإجراء هذه العملية لما أقدمت على ذلك، كان للتعاون الكبير والتشجيع ممن كانوا حولي الأثر الأكبر في مواصلة جهودي، وكان لإرادة الطفلتين ورغبتهما بالتغلب على المرض وموافقتهما على إجراء العملية السبب الرئيسي في نجاح مهمتي التي أعتبرها نجاحاً للجميع دون استثناء
فالمرض الذي فسره لهما الأطباء وهو انحراف في العمود الفقري عن المحور المتوسط للظهر، والذي يظهر فيه العمود الفقري بشكل حرف "S" ما سبب لهما تشوهاً شديداً، والذي يمكن في المستقبل أن يؤثر عليهما ويسبب لهما شللا بالأطراف السفلية، إضافة إلى مشاكل أخرى في التنفس في حال إذا كان التشوه مع العمود الفقري والقفص الصدري.
eAleppo زار مقر دار الفتاة اليتيمة الكائن في حي "شارع النيل" بـ"حلب" واحتفل مع إدارتها وأعضائها والفريق الطبي بنجاح هاتين العمليتين والتقى الدكتور "بسام محمود بي" مدير مشفى "إعزاز" الوطني ليحدثنا عن الإجراءات المتخذة من قبل إدارة المشفى، وكيف أجريت العمليتان فقال: «بدأت الحالة من خلال اتصال مديرية الصحة بـ"حلب" تطلب مشفى قادرا على إجراء عملية نادرة من نوعها وتحتاج إلى جاهزية تامة بصورة فائقة، لأن عملية "الجنف" حساسة ودقيقة، وبالفعل تمت زيارة المشفى من قبل مديرية الصحة بـ"حلب" ووفد إدراة جمعية "دار الفتاة اليتيمة" واطلعوا على جاهزية المستشفى وجودته، وتم قبول الطفلتين بشكل فوري، وتم إجراء التحاليل والصور اللازمة وتحديد ساعة العملية وكان يوم السبت 29/1/2011 عند التاسعة صباحاً.
وبدأنا العمل الجراحي الأول والذي استغرق ساعتين تقريباً، في حين كان الوقت المقرر له حوالى أربع ساعات، وتم إجراء العمل الجراحي الثاني الذي استغرق ثلاث ساعات، والوقت المتوقع له كان ما بين /5/ إلى /6/ ساعات تقريباً، وتمت العمليتان بنجاح وتوفيق من الله عز وجل، وتألف الفريق الطبي من الدكتور "يسري الهواري" وهو أستاذ الجراحة العظمية في جامعة "القاهرة" واختصاصي في جراحة العمود الفقري، والدكتور "أحمد جابر" الاختصاصي بالأمراض العصبية وتخطيط الأعصاب، في حين ساعده الفريق الطبي السوري والمؤلف من الدكتور "أسامة الراجح" والدكتور "أحمد السباعي" والدكتور "بسام بي" الاختصاصيين في الجراحة العظيمة، والدكتور "أسامة إسماعيل شيخ زاده" والدكتورة "جيهان بكو" والدكتور "محمد خير غازي" اختصاصيي التخدير».
** «بعد نجاح العملية، تولّد لدينا شعوران: الأول أن هذه العملية لم تجر سابقاً في سورية، وهذا ما أعطى الفريق الطبي نوعاً من الثقة الكبيرة بإمكانيات الطبيب السوري وقدرته على معالجة أصعب الأمراض وإجراء أصعب العمليات الجراحية، والشعور الثاني أن الطفلتين ترعاهما جمعية دار الفتاة اليتيمة وأي إجراء نقوم به تجاههما يقع في ميزان العمل الإنساني البحت، وجميع العاملين في المشفى تواجدوا يوم السبت مع أنه يوم عطلة واستنفروا بكامل طاقاتهم ليشاركوا هاتين الطفلتين فرحتهما، ولا أستطيع أن أصف مدى الفرحة الكبيرة التي سادت بعد نجاح العملية».
كما التقينا الدكتور "أحمد أسامة راجح" الطبيب المختص في الجراحة العظمية ليحدثنا عن طبيعة هذا النوع من العملية وما الإجراءات التي اتخذها لإجراء العمليتين فقال: «تم عرض الحالتين علي من قبل إدارة جمعية الفتاة اليتيمة التي تربطني بها علاقة وطيدة، ولما رأيت حالة الطفلة "فداء" للوهلة الأولى كان الشعور صعباً للغاية، وعلمت وقتها أن الأمر لم يكن سهلاً أبداً، وحسب خبرتي المتواضعة وتواصلي مع مجموعة كبيرة من أصحاب الاختصاص تم ترشيحي للدكتور "يسري الهواري" لإجراء هذه العملية بإشرافه باعتباره الجراح المختص الأول في الشرق الأوسط في عمليات "الجنف" والمصنف ما بين العشرة الأوائل في العالم في هذا الاختصاص، والذي أبدى استعداده التام للقدوم من "مصر" لإجراء العملية ومن ثم العودة مباشرة، والحمد لله أن العمليتين تمتا بنجاح وتوفيق من الله، وبصراحة أضافت هذه التجربة فرصة كبيرة للمشافي السورية أن تثبت نفسها بين مشافي الوطن العربي، وقدرتها على إجراء العمليات الحساسة والصعبة في كافة المجالات».
يلعب عامل التخدير دوراً مهماً وحساساً في مثل هذه العمليات الدقيقة والصعبة والتي تحتاج إلى خبرة كبيرة في التعامل معها، الدكتور "أسامة شيخ زاده" يحدثنا عن أجواء التخدير في هاتين العمليتين فيقول: «لا يمكن القيام بمثل هاتين العمليتين دون اللجوء إلى طبيب تخدير خبير ومتمرس، لأن التخدير يجب ان يكون على مستوى عالٍ من التركيز، وهو عبارة عن تأمين ضغط معين من الدم بشرط أن تحافظ على تروية دماغية صحيحة وتروية كلوية صحيحة بحيث لا يخرج المريض بعد العملية مصاباً بأذية كلوية أو دماغية، وبنفس الوقت أن تكون الصفحة الجراحية للمريض نظيفة خالية من الدم ليستطيع الطبيب أن يكشف على العمود الفقري والجذور العصبية بشكل واضح ويمكنه معالجتها، مستوى التخدير في "سورية" جيد جداً ويتطور آناً بعد آن».
أخيراً التقينا السيدة "جيهان قباني" رئيسة مجلس إدارة دار الفتاة اليتيمة بـ"حلب" والتي لها الفضل الأكبر في اكتشاف الحالتين ومتابعة علاجهما من نقطة البداية، والتي حدثتنا عنها فقالت: «مع استلام الإدارة الجديدة مهامها حرصنا على أن نقوم بفحص كل الفتيات الموجودات في الدار فحصاً صحياً دقيقاً ونرفق لهن ملفاً طبياً خاصاً بهن، حيث بدأن باصطحابهن إلى المشفى باستمرار ونتابع تطورات حالاتهن الصحية لحظة بلحظة، فاكتشفنا ثلاث حالات صعبة للغاية وهي عبارة عن /3/ فتيات لديهن تشوهات في العمود الفقري ويعانين من آلام كبيرة للغاية، لذلك آثرنا إجراء عملية فورية لهؤلاء، وتم البحث عن أطباء اختصاصيين في هذا المجال، وكنا دائماً نبحث عن الأفضل على المستوى الطبي، وساعدنا في ذلك الدكتور "أحمد الراجح" الذي رشح لنا الدكتور "يسري الهواري" للقيام بهاتين العمليتين، وتم التوجه من خلال مجلس الإدارة إلى الدكتور "رضا سعيد" وزير الصحة الذي أمن لنا المواد اللازمة للعمليات- وهي مكلفة للغاية- من خلال تفويض مديرية صحة "حلب" بتأمين ذلك، وتم اختيار مشفى "إعزاز" الوطني كمكان مناسب لإجراء هاتين العمليتين وفقاً لتقارير الفريق الطبي».
** «بصراحة كان ضميري وإحساسي بالمسؤولية لأني أم لثلاثة أولاد بالدرجة الأولى، ولكوني أعمل في المجال التطوعي منذ فترة طويلة فكان من واجبي إنقاذ هاتين الطفلتين من هذا المرض والألم، وبعد انتهاء العملية راودني الشك لو أني فكرت بنفسي لإجراء هذه العملية لما أقدمت على ذلك، كان للتعاون الكبير والتشجيع ممن كانوا حولي الأثر الأكبر في مواصلة جهودي، وكان لإرادة الطفلتين ورغبتهما بالتغلب على المرض وموافقتهما على إجراء العملية السبب الرئيسي في نجاح مهمتي التي أعتبرها نجاحاً للجميع دون استثناء».