في وسط مدينة "حلب" توجد منطقة شهيرة ومعروفة لدى أبناء المدينة وزوارها هي منطقة "باب الفرج" التي تشكل مركزها الحديث والتي لا بد لزوار "حلب" من المرور بها وذلك لمشاهدة منارة ساعاتها العثمانية الضخمة وما تبقى من أحد الأبراج القديمة فيها، وقد سميت المنطقة بهذا الاسم نسبة إلى باب قديم كان موجوداً في ذلك المكان ذات يوم قبل أن يتم تخريبه وإزالته، باب يذكر أولاً عند أي وصف أو ذكر لمدينة "حلب"، هو "باب الفرج".
لمعرفة المزيد حول تاريخ هذا الباب يتحدث الأستاذ "عبد الله حجار" مستشار جمعيات العاديات بحلب للفترات الكلاسيكية لموقع eAleppo بالقول: «يذكر المؤرخ "ابن شداد" أنّ الظاهر "غازي" بنى "باب الفراديس" وبرجين بارزين على جانبيه وقد أغلق الباب بموت الظاهر "غازي" ولم يفتح إلا في أيام حفيده الناصر "يوسف الثاني" وهو الباب الجديد نفسه الذي يذكره "ابن شداد" بين "باب الجنان" و"برج الثعابين" الواقع في الزاوية الشمالية الغربية من الأسوار وهو المسمى كما يقول "ابن الشحنة" بباب الفرج.
ليوسف الدمشقي نقيب الأشراف في "حلب" شعر في "باب الفرج": قل لمن رام النوى عن بلدة / ضاق فيها ذرعه من حرج علل النفس بسكنى حلب / إن في الشهباء باب الفرج
لقد كان في "حلب" بابان باسم "باب الفرج" أحدهما إلى جانب "حمام القصر" المعروف وقد خرّبه الظاهر "غازي" واختفت آثاره والآخر بين "باب النصر" و"باب الجنان" وكان يسمى "باب العبارة" ثم أطلق عليه اسم "باب الفرج" كما يذكر "ابن شداد" و"كامل الغزي"».
ويضيف: «هُدم "باب الفرج" في العام 1904 وذلك لتعريض الشارع عند توسع المدينة خارج الأسوار ولم يبق منه سوى برجه الجنوبي وهو يُستخدم فندقاً وفيه فتحة لرمي السهام وعلى جانبيها يوجد رنكان دائريان من أيام "قايتباي"، وهناك كتابة على الجدار الشمالي للبرج الجنوبي ذات سطر واحد على ارتفاع 3 أمتار و20 سنتيمتراً من الأرض بأبعاد 4 أمتار و80 سنتيمتراً* 40 سنتيمترا وهي نسخي مملوكي وقد وُضعت البسملة في وسط حزام الكتابة المرسوم على شكل محراب ونص الكتابة: أمر بعمارته وعمارة ما تهدم في تاريخه من سور حلب مولانا السلطان المالك الملك الأشرف أبي النصر قايتباي عز نصره بتاريخ سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة، أي 1488م وقد غُطيت الكتابة عندما تم إنشاء شرفة /بلكون/ فوقها».
وأخيراً قال: «ليوسف الدمشقي نقيب الأشراف في "حلب" شعر في "باب الفرج":
قل لمن رام النوى عن بلدة / ضاق فيها ذرعه من حرج
علل النفس بسكنى حلب / إن في الشهباء باب الفرج».
الدكتور "محمود حريتاني" مدير آثار ومتاحف سورية الشمالية سابقاً يقول حول "باب الفرج": «يقع "باب الفرج" في الزاوية الشمالية الغربية لسور مدينة "حلب" القديمة وهو الباب الوحيد الذي لم تكن بالقرب منه ضواحٍ قبل القرن التاسع عشر، وإذا استثنينا المحور التجاري الخارجي الذي يؤدي إلى جانب "باب جنين" فإنّ موقع هذا الباب قد تطور بدون شك متأخراً في فترة حكم العثمانيين لكونه مكان اتصال بين سور المدينة ومبنى "التكية المولوية"».
ويضيف: «لم يكن الباب موجوداً في القرن الثاني عشر في عهد "نور الدين" والواضح أنّ السور لا يسير مع آثاره الحالية وأنه ينحرف تماماً شمال "باب جنين" إلى الشرق باتجاه "باب النصر".
بالنسبة للباحث الفرنسي "جان سوفاجيه" فقد وُجد الباب في القرن الثالث عشر مع انتقال السور نحو الشمال /وذلك بالنسبة لهذا الجزء من السور/ تحت حكم الملك الظاهر "غازي" إذ لم يُذكر أي خان خارج السور ولا في داخله في القرن الخامس عشر لدى "ابن الشحنة"، وكانت تقع خارج "باب الفرج" الأراضي المخصصة للزراعة قرب المدينة وخاصة البساتين التي كان يرويها "نهر قويق".
المحاور الرئيسية التي يطلقها هذا الباب إلى داخل المدينة تصل إلى "باب النصر" شرقاً عبر حيين هما: "بحسيتا" و"البندرة" اللذين كان يسكنهما أكثرية من اليهود وتؤدي في الجنوب إلى أحياء كبيرة تجاور الجامع الكبير، ومن الباب أيضاً محور يقود إلى الجنوب ويصل إلى أحد أبواب الجامع الكبير، وهكذا يظهر أنّ "باب الفرج" معبر ذو أهمية ثانوية.
بالقرب منه بنى السلطان "سليم" سبيلاً ضخماً في العام 1535 م أو 1549 -1550م ربما كان ذلك لغرض خاص وربما ليخلد دخوله الرسمي إلى المدينة في زمن كان الدخول من "باب النصر" يفرض مروراً كثيفاً من الضواحي الشمالية المكتظة بالسكان».
ويختم الدكتور "حريتاني": «إنّ أهمية "باب الفرج" أصبحت ضرورية في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وذلك مع تطور المباني الحديثة للخدمات من خانات وفنادق خارج أسوار المدينة والتي كانت تلبي حاجة المواقع بالنسبة إلى الخدمات الحديثة المركزية، و"باب الفرج" اليوم يشكل نواة المركز الحديث لمدينة "حلب"».