الزيادة الكبيرة في عدد السكان في الفترة الأخيرة، والتطور العمراني الكبير الذي شمل العديد من المناطق، ولا سيما المناطق الزراعية أدى إلى وجود مصدر يوفر متطلبات البناء، فبعد أن اختفت مهنة قطع الحجارة بطرق يدوية لما بها من مشقة، واعتمادها على جهد العامل، اضطر الأمر إلى وجود مصادر أخرى لتأمين المادة الأساسية في البناء وهي الحجارة، وفي "أريحا" حيث وجدت المواد الأولية الجيدة التي تعتمد عليها صناعة "البلوك" أدى إلى انتشار هذه المعامل وبكثرة.
موقع eIdleb التقى "ياسر قداد" صاحب إحدى معامل البلوك في مدينة "أريحا" والذي يقول: «تطور البناء في منطقة "أريحا" وانتشار الجمعيات السكنية، ومكاتب البناء بشكل عام أدى إلى زيادة الطلب على مواد البناء الأولية، ونظراً لعدم توافر الحجارة التي كانت تستخدم في الماضي في البناء، كان "البلوك" هو الحل والبديل الوحيد، الأمر الذي أدى إلى انتشار معامل "البلوك" بهذه الكثرة، إضافة إلى وجود المواد الأولية التي تدخل في هذه الصناعة التي تعتبر من أجود المواد في القطر، وخصوصاً "الرمل" لما يمتاز به من قساوة وتلبيته لمتطلبات البناء».
يباع قسم كبير من الإنتاج داخل المحافظة، وينشط البيع في فترة الصيف على وجه التحديد، وفي الشتاء تقل نسبة البيع إلى أقل من ربع الإنتاج، ويصدر قسم كبير من إنتاج المعامل إلى العديد من المحافظات السورية الأخرى
ويضيف السيد "قداد": «عُرفت معامل البلوك في مدينة "أريحا" منذ زمن بعيد، وكانت البداية العمل اليدوي، والعمل على طراز عمل "اللبن" المصنوع من "الطين" في السابق، فأخذت طريقة عمل معامل البلوك من هذا المبدأ، فكان العامل يقوم بجبل الرمل مع الاسمنت والماء، ويقوم بتعبئة الجبلة في قالب يأخذ شكل مخصص، ويقوم بضغطه بمكبس يدوي وهو عبارة عن عصا تتصل من الأسفل بصفيحة من الحديد مسطحة، وكانت هذه العملية تتطلب جهدا ووقتا، أما الآن فقد دخلت الآلات الحديثة التي طورت من العمل وزادت من كميات الإنتاج، ومن أهم الأدوات المستخدمة في معامل البلوك الحديثة "المكبس" الآلي المتحرك و"الجبالة" الآلية، و"البياضة" والتي تقوم بتصنيع عدد كبير من "البلوك" في الدفعة الواحدة».
ويقول السيد "محمد العثمان" أحد عمال المعمل: «صناعة البلوك من الأعمال الشاقة والمجهدة، والتي تعتمد على الجهد العضلي بشكل كامل، ففي فترة سابقة كنا نقوم بجبل المواد الأولية بأيدينا، فكنا نبذل الكثير من الجهد، ومن ثم نقوم بكبس "البلوك" على "المكبس"، وهو آلة تعتمد في عملها على الكهرباء، وفيها قالب يأخذ شكل معين، يعتمد على الرج حتى يتم سكب المواد المجبولة بداخله، ومن ثم يقوم بضغطها وتسهيلها لتأخذ الشكل المطلوب، وتصبح متماسكة مع بعضها بعضا، فنقوم بحمل القالب ووضعه على أرض المعمل و"البلوكة" بداخله، ويتم سحبه فتبقى "البلوكة" في مكانها، وتعرض على أشعة الشمس حتى تجف وتصبح صلبة وجاهزة للتحميل، تطورت العملية بعض الشيء حيث أصبحت "المكابس" متحركة وفرت علينا الحركة الكثيرة في تطبيق "البلوك" الذي نقوم بصنعه، ودخول "الجبالة" وفر علينا عملية جبل المواد فأصبحت تأتينا المواد مجبولة جاهزة».
ويقول "محمد صباغ" عامل آخر: «نقوم بإنتاج عدد كبير من أنواع "البلوك" وأهمها البلوك المستخدم في صب الأسطح، وهو المعروف بـ"الهوردي"، وله عدة أحجام وقياسات حسب الطلب، وبلوك المعروف بالـ/15/ وهو يقارب نصف إنتاج المعمل، لأن معظم الطلبات تكون على ها الصنف، وهو قسمين "المليان والفارغ"، والمليان حيث يكون القالب مغلق ولا يوجد فيه فتحات، والفارغ يكون القالب مثقوب بعدد من الثقوب، والفرق بين الاثنين كمية المواد التي يحتاجها المليان أكثر من الفارغ، وبالوزن أثقل منه، وبالنسبة لجودة البلوك تقاس بكيس الأسمنت الواحد، فيجب أن يصنع من الكيس الواحد /20/ بلوكة حتى يكون من المواصفات الجيدة وفي حال زاد عن ذلك يعرف بالتجاري».
ويضيف "قداد": «يباع قسم كبير من الإنتاج داخل المحافظة، وينشط البيع في فترة الصيف على وجه التحديد، وفي الشتاء تقل نسبة البيع إلى أقل من ربع الإنتاج، ويصدر قسم كبير من إنتاج المعامل إلى العديد من المحافظات السورية الأخرى».
ويقول "محمود قرانيا" صاحب أحد المعامل: «لا نعتمد في بيع الإنتاج فقط على مدينة "أريحا" وما يتبع لها، بل وصل إنتاج معاملنا إلى العديد من المحافظات السورية، ولا سيما الساحلية والشرقية، فنتيجة لجودة "البلوك" الذي ننتجه ولأسعاره المنافسة مع المعامل الأخرى استطعنا أن نثبت وجودنا في عدد كبير من المحافظات السورية، وأنا معظم الكميات أقوم ببيعها في "طرطوس وحمص وحلب واللاذقية"، ولكن انخفض البيع إلى خارج المحافظة نتيجة ارتفاع أجور النقل، وأعظم الكميات التي ننتجها بالتعاقد مع الجمعيات السكنية الموجودة على امتداد القطر، وقد تصل بعض الطلبيات إلى مليون بلوكة لإحدى الجمعيات السكنية أو متعهدي البناء الذين يقوموا بإنشاء أكثر من وحدة سكنية دفعة واحدة».
ويضيف "قرانيا": «على الرغم من انتشار هذه المعامل بكثرة في "أريحا" فإننا نعاني من العديد من المشاكل، فالمنافسة بين المعامل أدت إلى التقليل من جودة الإنتاج، وخفض الأسعار حتى لم تعد تفي بالغرض، فيوجد في مدينة "أريحا" فقط أكثر من مئة معمل بلوك وكلها تعمل وبشكل مستمر».