يتميز أهل الريف، بعاداتهم وتقاليدهم، وعدم تخليهم عنها ومحافظتهم عليها على الرغم من مرور الزمن وتطور أساليب الحياة. ورغم البعد والمسافات، التي تفصل القرى وتبعد الناس عن بعضهم بعضاً لم تقف هذه المسافات ومشاغل الحياة، حائلاً دون ذلك، فيجتمعون من كل القرى، ويتشاركون في الأفراح والأتراح.

الشيخ "فضل الله صالح" من أهالي قرية "حرفا" يحدثنا عن ذكريات أيام زمان فيقول: «للقرية طابع أهلي مميز، يربط الناس ببعضهم بعضاً، فالزيارات بين العائلات والأهل والأصدقاء، لا تحتاج لمواعيد مسبقة. قد يزورك زائر في الساعات الأولى من الصباح، أو حتى في وقت متأخر من الليل، على عكس سكان المدينة، المجبرين على الالتزام بالوقت والموعد المحدد مسبقاً. ناهيك عن مشاركة كافة أهالي القرية في الأعراس وفي المناسبات والمصائب والمحن. قد يجتمع عدد كبير من الضيوف والزوار في بيت احد أهالي القرية، لتناول طعام الفطور، الذي يمكن أن يختصر على صحن من الكشك، أو "الحواضر"، ومع ذلك لا يجد صاحب المنزل في ذلك أي إحراج أو غيره، بل على العكس تماماً تكون الجلسة واللمّة أكثر حميمية وأهلية، من مثيلاتها من سهرات المدينة التي يبدو عليها طابع البذخ والإسراف».

يجتمع الناس في حفلات الأعراس، وتوجه الدعوات الى كافة أهالي القرية، والى بعض القرى البعيدة والقريبة. يجتمعون لتناول طعام الغداء في بيت أهل العريس، وعلى الأغلب في مكان واسع، للقيام بالرقصات والدبكات، التي تعتبر من أهم عادات وتقاليد الريف. بعد تناول عشاء العريس، توجه الدعوات للقيام بزيارات الى منازل أهل القرية، حيث يصطحب كل واحد من أهل القرية، بعضاً من الضيوف والزوار، لأنهم أصبحوا زوار القرية، ويقع على عاتق كافة أهل القرية الاهتمام بهم والقيام بواجب الضيافة

يتذكر السيد "فضل الله" بعض عادات أهل الريف ليبوح ببعض من هذه الكنوز قائلاً: «يجتمع الناس في حفلات الأعراس، وتوجه الدعوات الى كافة أهالي القرية، والى بعض القرى البعيدة والقريبة. يجتمعون لتناول طعام الغداء في بيت أهل العريس، وعلى الأغلب في مكان واسع، للقيام بالرقصات والدبكات، التي تعتبر من أهم عادات وتقاليد الريف. بعد تناول عشاء العريس، توجه الدعوات للقيام بزيارات الى منازل أهل القرية، حيث يصطحب كل واحد من أهل القرية، بعضاً من الضيوف والزوار، لأنهم أصبحوا زوار القرية، ويقع على عاتق كافة أهل القرية الاهتمام بهم والقيام بواجب الضيافة».

الشيخ جميل الحلبي الى اليمين

الشيخ "جميل الحلبي" من كبار وجهاء منطقة "جبل الشيخ" يتحدث عن بعض المعاني والقيم الاجتماعية والدينية لعادات وتقاليد أهل الريف، فيقول: «ليس غريباً أن يبقى أهل الريف أكثر تمسكاً بالحفاظ على العلاقات الاجتماعية والأسرية، أكثر من مجتمع المدينة، لأن طبيعة الحياة في القرية، أقل تعقيداً وتشابكاً من تلك الناشئة في المدينة. أضف إلى ذلك أن جميع الأديان والكتب السماوية، تدعو إلى الحفاظ على التواصل والتراحم بين الناس، خاصة ذوي القربى.

فتجد أصحاب الشأن يسهمون في المصالحات بين الفرقاء المتنازعين، وأكثر ما يتجلى ذلك قبل قدوم الأعياد. يجتمع الناس لمعايدة بعضهم بعضاً في أعياد رأس السنة والميلاد، والاشتراك في توزيع هدايا العيد. كذلك الحال في شهر رمضان وفي عشرة أيام التي تسبق عيد الأضحى المبارك. فالكثير من الخلافات والمنازعات التي تنشأ بين الناس، قد لا تصل الى المحاكم أو الشرطة، لأن أهل الخير يتدخلون ويبذلون أقصى جهدهم لفك الخلاف وإحقاق الحق وإصلاح ذات البين، قد ينتهي نزاع كبير ببوسة ذقن وشربة فنجان من القهوة العربية، وهذا بالتأكيد قد لا نجده يحدث في المدينة».

سميرة وهبي وخبز التنور

السيدة "سميرة وهبي" وهي ربة منزل من قرية "حرفا" تصف عادات أهل القرية بأنها أغلى من الذهب وتتابع القول: «في حالات الأفراح والأعراس تقوم النسوة بزيارة أهل العريس، حاملين معهم خبز التنور أو الصاج، تخفيفاً عن أهل العريس، بشراء الخبز من السوق، إضافة إلى بعض الحليب واللبن والبرغل. يتعدى الأمر ذلك، كالطلب من إحدى بنات الجيران المبيت والنوم عند جارتها، التي غاب عنها زوجها لسبب من الأسباب. حتى في حالات الوفاة، تجد الكثير من النسوة ينامون في مكان العزاء، من دون أخذ الأذن من الزوج أو الأخ والأب. وعلى ذكر العزاء، من المعيب عندنا أن تقوم ربة المنزل بنشر الغسيل على الأسطح أو الشرفات، إذا كان عند أحد الجيران حالة وفاة.

كما يتم تأجيل إقامة الأعراس والأفراح في القرية لمدة لا تقل عن الشهر وقد تصل إلى أكثر من ثلاثة أشهر، في حال وفاة أحد الأشخاص في القرية، حتى وإن كانت لا تربطك به علاقة قربى، فاحترام مشاعر بعضنا بعضاً من عادتنا وتقاليدنا التي ورثناها من أيام الأجداد أيام الزمن الجميل».