لأطفال الريف ألعاب كثيرة وجميلة يلعبون بها وهي مختلفة عن ألعاب نظرائهم في المدينة حيث يقومون بصنعها بأنفسهم معتمدين في ذلك على ما توفره لهم الطبيعة من أزهار وأعشاب وحجارة، ولذلك يعتبر فصل الربيع من أكثر الفصول قرباً لقلوبهم حيث يعتدل الجو وتتفتح الأزهار فيقضون في أحضان الطبيعة أحلى الأوقات وأمتعها بممارسة ألعابهم الجميلة، ومن هذه الألعاب لعبة العروس الشائعة.

بتاريخ 20/5/2009 التقى مراسل موقع eAleppo في قرية "جقاللي جوم" التابعة لمنطقة "عفرين" بعددٍ من الأطفال الذين كانوا يلعبون بلعبة العروس المشهورة في ريف منطقة "عفرين" وسألهم عنها.

أنا أحب أن أكون عروساً جميلة عندما أكبر وأضع طوقاً حقيقياً على رأسي، ولكن في هذه اللعبة فأنا أحب طوقي الذي صُنع لي وهو جميل ورائع

الطفل "زانيار وحيد" -الصف الرابع قال: «نحن نلعب كل يوم بلعبة العروس بعد أن نكتب وظائفنا ونحفظ دروسنا ولأنني أحب دق الطبل فقد قمت بصنع طبل صغير من التنك (صفيحة معدنية تحفظ فيها الزيت) والآن لدي طبل حقيقي صغير اشتراه لي أبي فعندما نذهب لإحضار العروس يجب علي دق الطبل على طول الطريق».

زانيار -الطبال في اللعبة

وتابع بالقول: «أما بقية الأطفال فيرقصون، كما يحمل أحدهم طوق العروس المصنوع من العشب والأزهار البيضاء والصفراء المتوفرة بكثرة في القرية وهي هدية جميلة للعروس محل الذهب لتتزين بها بوضعها فوق رأسها أو تضعها في رقبتها».

أما الطفلة "أفين إبراهيم" -الصف الخامس فقد أضافت: «كل أطفال القرية يعرفون طريقة صنع طوق العروس الذي يُقدّم كهدية للعروس أثناء اللعبة، حيث تتم صناعته من عشبة قصيرة تنبت بكثرة في القرية وذلك في فصل الربيع من كل عام وهي عشبة كردن (محلياً) وتتألف من رأسها الكروي الذي يشبه حبة الحمص وساقها الخيطي الطويل».

جفين -العروس

«يتم قطع العشبة وحياكتها بالأيدي حيث تمد ثلاث منها أفقياً بينما تُلف حولها باقي العشبات وبالتالي يمكن للطفل أن يتحكم بطول الطوق وثخنه بحسب الرغبة كما يمكن وضع زهرة أو اثنتين فيه للزينة عند الرغبة في ذلك، وعند الانتهاء من صنع الطوق يصبح شكله دائرياً بشكل طبيعي وعفوي بحيث يوضع في العنق أو على الرأس بسهولة ويسر».

أما الطفلة "جفين فريد" -الصف الثاني فقد قالت: «أنا أحب أن أكون عروساً جميلة عندما أكبر وأضع طوقاً حقيقياً على رأسي، ولكن في هذه اللعبة فأنا أحب طوقي الذي صُنع لي وهو جميل ورائع».

أفين -صنع طوق العروس

وأخيراً "قهرمان علي" -الصف السادس قال: «نقوم بواسطة الحجارة ببناء بيوت صغيرة وهي تمثل قريتين متباعدتين عن بعضهما، وبواسطة الأعواد الخشبية نصنع سكان القريتين وحيواناتها من غنم وماعز وكلاب التي ترعى في أماكن وضعنا فيها بعض أغصان الشجر والنباتات.. ونلعب».

وختم حديثه قائلاً: «في يوم نحدده للعرس نطلب من الطبال المجيء ليدق الطبل قليلاً ثم نذهب إلى القرية الأخرى حيث تسكن العروس لإحضارها وذلك بواسطة سيارات صغيرة صنعناها بواسطة التيل (أسلاك معدنية) وعند وصولنا إليها يقوم أحدنا بإهداء العروس هذا الطوق الذي صنعناه في قريتنا وبعد رجوعنا إلى قريتنا تنتهي اللعبة».

لعبة عفوية أبدعها أطفال الريف.. وأقول عفوية لسبب أعتقد أنكم عرفتموه وهو أنه في هذه اللعبة الطريفة لا يوجد عريس ولا يسأل أحد من الأطفال لماذا نُحضر العروس ولمن؟ لأنها مجرد لعبة عفوية ولكنها تبقى جميلة وتساهم بإدخال الفرح والسرور لقلوب أطفالنا.