لم تكن هي المرة الأولى التي أقف فيها أمام تلك العربة، وهي تزين وسط المدينة القديمة، وعند زاوية اعتاد الناس فيها على وجود ذاك الشاب الذي يحمل بيديه قطع "حلاوة الجبن" اللاذقانية.
وفي واجهة عربة ذات ثلاث إطارات، وعندها لا يسعك إلا أن ترى الناس حوله مجتمعين يأكلون وبأيديهم "صحون الحلاوة بالجبن"، وتحديداً قبالة المسجد الأقدم باللاذقية «جامع العجان».
شعبية الملتقى في هذا الموقع، دفعت eLatakia للاقتراب حيث كان الشاب يقف على قدميه، وطوال النهار يبقى كذلك ليحضر الوجبات التي سوف يبيعها عند المساء حينما يخرج الناس فيها من المسجد القديم كالعادة، ويقبلون إليه من أجل أن يشتروا مما تحويه أوعيته النحاسية المغرية الشكل، والتي تنوعت فيها تلافيف حلاوة الجبن، وتلك القبة البيضاء التي يزينها الفستق الحلبي، والتي تسمى هنا بـ"الهيطلية" وهي وجبة من الحلويات الشعبية، التي تعتمد على مذاق حلو الطعم إجمالاً.
لعل هذا المشهد من المشاهد الأكثر شعبية، والأكثر تقليدية، والقريبة جداً من قديم الناس، كما التقينا بـالسيد أحمد خبازه ،وهو الأخ الأكبر لثلاثة أخوة يجتمعون في كل صباح للتحضير الكامل والمتناسق فيما بينهم منذ زمن الـ"صواني" حلاوة الجبن المعروفة بتلافيفها الجميلة، حيث قال: "عُمر هذه المهنة أكثر من ستين عاماً، ولم تتحرك هذه العربة أبداً من موقعها الشعبي المعتاد عليه إلا منذ فترة حينما انتقلنا للتحضير في محلٍ صغير يستخدم كمخزن صغير للتخزين والتحضير الشكلي لمحتوى عربة الحلوى القديمة، ومن ثم ننتقل إلى زاوية الـ«الشيخ ضاهر» المعروفة بقدمها والتي يميزها كثر انتشار المقاهي القديمة والشعبية الأكثر ازدحاماً في المحافظة، ولا سيما بيوتها القديمة أيضاً، وأنا وإخوتي بشكل خاص عملنا واستلمنا زمام المهنة منذ أكثر من عشرين عاماً، وهي مستمرة بيننا إلى أن يتوارثها أبناءنا كما توارثناها عن آبائنا.
أما عن مكونات حلاوة الجبن فقال السيد أحمد: "حلاوة الجبن كما هو معروف مكونة من السميد، والجبن المجدول "الحلو"،وهي تعتبر من الحلويات السريعة التحضير، ورغم معرفة أغلب السيدات بطريقة تحضريها العامة، إلا أننا هنا ومنذ زمن طويل نضفي عليها مهارة تجعلها أكثر لذة وذات مذاق مختلف، ولهذا بقيت مبيعاتنا ثابتة ومتوازنة إلى اليوم، وذلك لما نقوم به من خلال صناعته وعملية التفنن اللائقة بالمحتوى الداخلي للحلاوة وخارجها مما يكسب الناظر إليها منظراً يمنحه شهية وحتى لو لم يتذوق.
أما عن السعر ومدى تقبله من قبل الزبائن، قال السيد أحمد: "بما أنها تعتبر من الأكلات الشعبية الشهيرة في اللاذقية وجميع المحافظات نتيجةً لطعمها اللذيذ، والذي بدوره يمنح الذائق ومن المرة الأولى عودةً سريعة إلينا لا تحتمل التفكير، فهي اليوم بسعر ضئيل ومنافس ولجميع فئات المجتمع عموماً.