أنامل سيدات سوريات من مناطق مختلفة تنسج قصصهن بشغف وحبّ عبر حرف يدوية تراثية من خلال مشروع "حكايا سوريّة" الذي أطلقه مركز إدراك في اللاذقية، والذي يضم فرقاً منوعة كالتراث والكروشيه والكوزماتيك والأعمال الفنيّة، سيدات حكايا اجتمعن على حبّ الفنّ، وإيماناً عميقاً منهنَّ بكينونة الأنثى الخلّاقة.
أغلب المشاريع تهدف إلى تمكين الأسرة
عملنا بروح الفريق من خلال خلق بيئة عمل مشتركة، ثم ربطها بالمجتمع عبر دعم أصحاب الحرف ومساعدتهم على إطلاق مشاريعهم الصغيرة حسب ما أوضح "علي يوسف" داعم لمشروع حكايا سوريّة مدرّس ومؤسس مركز إدراك للصحة الأسرية والذي تحدث لــ "مدوّنة وطن" عن فكرة المشروع قائلاً: نهتم بمركز إدراك بمكون الأسرة، أغلب المشاريع التي يطلقها المركز لها علاقة بأفراد الأسرة وتمكينها، بدأنا من خلال رابط على صفحة إدراك بدعوة السيدات اللواتي يمتلكن المهن والحرف والأعمال اليدوية وبدأن مشاريعهن الصغيرة، ولم يتمكن من التسويق، حيث توخينا أثناء لقاء السيدات مسألة أن تكون السيدة متمكنة من حرفتها للمساهمة في تمكين النساء الأخريات، فكانت البداية الفعلية للمشروع في الشهر الأول حين بدأ الاستغناء عن بعض العاملين، فكان هدفنا العمل على مساعدتهم في إيجاد مصدر دخل آخر.
مشروع حكايا هو عائلة من السيدات الطموحات
ويتابع يوسف حديثه: حكايا لم تكن اسماً هو مشروع عائلة من السيدات الطموحات كل واحدة منهن تنوّر طريقها وطريق غيرها، الفكرة بدأت مع السيدة "لميا ضاهر" التي حملت روح الفكرة لتأسيس المشروع وجاءت لتقدم خبرتها ومهارتها لتدريب النساء بهدف تمكينهن وبعد فترة وجدنا أنه بإمكاننا أن نجلب المشاريع ونصدّر المنتجات بهدف رفد الحركة الاقتصادية وبالوقت نفسه تحصل السيدات على مصادر دعم من خلال المشروع ومن خلال مجموعة اتفاقيات مع أكثر من منصة وجهة بهدف إقامة معرض أون لاين موجه للسوق الأوروبية والأشخاص الذين لديهم رغبة بدعم مشاريع السيدات السوريات في البلد، بالإضافة لمعرض "ظلال" الذي اختتم في 16 حزيران الجاري، وكان لسيدات حكايا والسيدات المشاركات الأثر الإيجابي على الصعيدين العام والخاص، وأضاف: هناك نحو 80 مشروعاً بين "اللاذقية" و"طرطوس" مع مجموعة سيدات وسنبدأ رحلتنا في الدريكيش قريباً.
بين رماد الحروب ونور الأمل
حكايا سوريّة نور أوقدت شعلته مجموعة سيدات سوريات، وهذا ما روته "نور درويش" مرشدة اجتماعية ومدرّبة لإدارة المشاريع تتقن فنّ المكرمية قائلة: نحن مجموعة من السيدات اجتمعنا من بين رماد الحروب ونور الأمل، نحمل في قلوبنا حكايا من نور ونار ، والفنّ هو حبر حكايتنا، وريشة أرواحنا هي إرادة الحياة.
وأوضحت درويش: أطلقنا مشروع "حكايا سورية" ليكون مرآة لهويتنا وليحمل تراثنا إلى العالم عبر مهن يدوية تنبض بالأصالة وتحاكي ذاكرة المكان والإنسان، نؤمن بالتشاركية بأننا حين نبدع معاً نولد روحاً واحدة تسعى لإلهام نساء أخريات تمنحهن القوة لتحرير طاقاتهن وتجاوز التحديات، وما نقوم به ليس مجرد منتجات هي حكايات تروى بأيد تؤمن بأن الفن حياة.
فرق عمل متنوّعة
وتضيف درويش قائلة: مع حكايا سوريّة التقيت بمجموعة من السيدات عرفن بتميز في حرفهن، وتتنوّع مجموعات المشروع حيث يضمّ فريق الكوزماتيك الذي يصنّع المنظفات والشامبو وتقطير الزيوت المفيدة طبياً ومستحضرات التجميل والكريمات الطبيعية، وفريق الكروشيه للعمل اليدوي ويشمل كل أنواع الكروشيه وربطه بالتراث، وفريق الأعمال الفنية يشمل اللوحات وصناعة الإكسسوارات والرسم على الخشب والتطريز وتصميم الجزادين بخيوط الكليم، وفريق التراث، حيث المكرمية من القديم إلى الحديث والشال الحرير السوري، والبسط والخيزران لإعادة إحياء التراث والحفاظ عليه بهدف تعزيز الهوية السورية، كما قمنا بعملية ربط لكل الفرق وأعمار السيدات ضمن الفرق تتراوح من عشرين حتى خمسة وستين عاماً، ولأن الحكاية هي أقدس ما تملك الشعوب ومستمرة لا تنتهي توثق الماضي والحاضر والمستقبل كان اختيارنا لحكايا سوريّة.
الهدف الأساسي أن يكون لكل سيدة مشروعها الخاص
وعن الأهداف تحدثت "درويش" قائلة: من خلال لقاء السيدات والحديث معهن أنتجت الأهداف، وما زالت تتولد والتي كانت نتيجة معاناة ونتيجة تأكيد ذات ونتيجة احتياجات مادية، والهدف الأساسي أن يكون لكل سيدة مشروعها الخاص، ولكن هذا المشروع يكون ضمن فريق، الفرد للكل والكل للفرد مع دمج أشياء عدة تم الحديث عنها كالتماسك المجتمعي الذي يعبرن عنه بالفعل ويبرز في تبادل الخبرات وتقديم العون والمساعدة في الأفكار، فكل سيدة تقود مشروعها وتستطيع أن تستمر به بشكل دائم داخل وخارج مركز إدراك.
ثلاثة عقود مع الكروشيه والإبداع مستمر
ابنة ريف "صلنفة" السيدة "لميا ضاهر" تعود لتحيك بخيوط الكروشيه قصة خمسة وثلاثين عاماً فتقول: أعمل بالكروشيه منذ صغري، كان عمري 12 سنة وأشعر أن هذه الموهبة خلقت معي، شاركت بأول معرض حين كنت بالصف السادس، وأصبحت أحب موهبتي كثيراً، كما أحببت قصة الخيوط والألوان بعد فترة من الزمن، بعد أن أصبح لدي مسؤوليات فكرت ألا أتوقف عند هذا ويجب ألا أكتفي بكوني أم وربة منزل وأردت أن أكون فرداً ينتج وينجز من هنا بدأت فكرتي.
ومن إيماني بأن المرأة قوية وقادرة والمجتمع لا يصقل إلا بوجود المرأة بجانب الرجل كان من واجبي أن استمر، بهدف بناء أسرة منضبطة متوازنة.
وتتابع "ضاهر" حديثها عن بدايتها مع حكايا قائلة: بدايتي مع إدراك كان عن طريق المصادفة قرأت منشوراً على صفحة مركز "إدراك" وخاصة أنه بعد سقوط النظام السابق تم تسريح أعداد كبيرة من الموظفين وأصبحوا بلا عمل شعرت بأنه حافز لنقطة تحول جديدة، وليس الوقت مؤاتياً للجلوس والاستكانة أرسلت لهم وعرّفتهم عن احترافي العمل اليدوي بالكروشيه وسؤالي عن إمكانية المساعدة وإمكانية أن يكون لي مكان في إدراك، ومن هنا بدأت حكايا سورية وأصبحت تأتي السيدات بالتوالي ونتعارف ونعمل، أنا ضمن مجموعة فريق الكروشيه الذي يضم أربع سيدات حالياً كل سيدة تقوم بشيء مختلف ومنوّع من جزادين وشالات وغيرها من المشغولات اليدوية هناك بعض السيدات المتمكنات من عملهن والبعض ممن تحتاج التمكين ولم تتوانَ عن البدء كونها مبتدئة وكنا على استعداد لتمكينها، ما يجعل منها امرأة قوية ومستقلة مادياً.
أسهم المشروع بتبادل الخبرات وزيادة المهارات وتطويرها
"ابتسام مسلم" إدارية ومستفيدة من المشروع تتحدث قائلة: أتقن صناعة المنظفات وأنواع الصابون الخاص بالبشرة المصنوع من مواد طبيعية والكريمات الطبيعية، عرفت بالمشروع من خلال مركز إدراك، وجدت استدامة لمشروعي الصغير في حكايا سورية جئت إلى المركز وأنا واثقة من النجاح، بدأت مشروعي الخاص منذ خمس سنوات والآن أصبحت مع حكايا ضمن فريق الكوزماتيك الذي يضم سبع سيدات ونعمل لتحقيق الفائدة لنا جميعاً، وهناك تبادل خبرات في مجال العمل وزيادة المهارات وتطويرها نقدم المعلومات لبعضنا بكل الحب والعطاء والتشاركية.
الجدير بالذكر أن مشروع حكايا سورية ترجم خطته بالعمل كخطوة أولى بإقامة معرض ظلال الذي استمر لمدة ثلاثة أيام في مقر مركز إدراك بالمشروع السابع في اللاذقية، وشاركت به سيدات حكايا سورية وسيدات عدة يحترفن العمل اليدوي والفنّ وبلغ عددهن 30 سيدة.