يعد سوق بلدة "رأس العين" من أهم وأقدم الأسواق في منطقة الجزيرة السورية، وهو علامة فارقة عند أبناء المنطقة والذي مايزال يحافظ على المزايا والقيّم التي رافقته منذ تأسيسه قبل أكثر من مئة عام.

السوق تاريخياً

غيّرت السنون الطويلة بعض التفاصيل من السوق واختفت منه أشياء أخرى، لكنه يبقى ذا قيمة ومكانة عند أهل البلدة، لما يحمله ويحفظه من قصص وذكريات جميلة وقيّمة كما يروي عنها "طارق إبراهيم" أحد أبناء المنطقة والمهتم بالتراث: «لديّ الكثير مما أقدمه عن حضارة وتاريخ بلدتي، خاصة سوقها، فقد دونتُ عنه الكثير، وأحفظ له في السجلات والذاكرة ما يصون تاريخه وذكريات أهله وناسه لتتعرف عليها الأجيال القادمة، فالسوق الذي تم إنشاؤه تقريباً عام 1920، انطلق ببعض محال متخصصة ببيع أنواع البضائع التي تحتاجها الأسرة والمنزل، والمصنوعة من باب وسقف خشبي أيضاً، وبعد فترة قصيرة جداً أصبح عدد المحال أربعين محلاً، وزادت تشكيلة السلع المعروضة، ما ضم السوق محالاً لبيع الخضار والفواكه والتمور واللحوم، ومحلات لبيع المواد المنزلية والكهربائية، ووفّر كل ما تطلبه احتياجات الأهالي».

كان السوق عبارة عن لوحة اجتماعيّة رائعة لأبناء وأهالي البلدة، فأصحاب المحلات كانوا كأسرة واحدة

شارع السوق

يمتد السوق على شارع من شوارع البلدة، وسمّى الشارع باسم السوق، وحتّى اليوم يطلق عليه"شارع السوق"، فضلاً عن وجود بعض المنازل السكنيّة على امتداد السوق نشأت مع تأسيسه، بالإضافة لخدماته التي تم تنفيذها على امتداد عشرات السنين.

تطورت البلدة فتطور السوق

يضيف "إبراهيم": «كان السوق عبارة عن لوحة اجتماعيّة رائعة لأبناء وأهالي البلدة، فأصحاب المحلات كانوا كأسرة واحدة».

تطور سوق "رأس العين" مع الزمن، وأصبح مواكباً التطورات الحياة المعاصرة ومستلزماتها.

من الطرق القديمة التي تؤدي للسوق

وعن تفاصيل بدايات السوق يقول ابن البلدة السبعيني: «أذكر أنّ المحلات الـ40 في البدايات كانت على امتداد واسع، بين المحل والآخر كانت مساحة كبيرة من الفراغ، لذلك يصل امتداد حتى 2 كم، إلى جانب وجود محال تجاريّة، وكان هناك ثلاثة فنادق قديمة، إحدى تلك الفنادق كما أتذكر "لآل غني"، طبعاً توقفت خدمة الفنادق فيما بعد، مع وجود ثلاثة مقاهي قديمة، كانت لأصحابها "علي حمو" والمقهى الثاني "أحمد كان" والمقهى الثالث يعود لآل "غنى"، كل تلك كانت إشارات لقيمة وأهمية السوق، والذي استمر في مكانه حتى يومنا هذا».

مكانة اجتماعية

سوق البلدة المذكور، له مكانة عند أهلها ومن يحمل له في ذاكرته قصّة وحكاية، كما الحال مع الثمانيني "خضر خليل حمي" من أهالي بلدة "عامودا" 40 كم عن بلدة "رأس العين"، ومما يقوله عن ذكرياته مع السوق: «طالما رافقتُ والدي في سيارتنا القديمة إلى سوق "رأس العين" كنّا نزوره بشكل دوري، بهدف شراء جميع المواد التي نريدها من مكان واحد، كان سوقاً شاملاً، يمكننا الحصول على مواد الزراعة وسقاية الأرض الزراعية أيضاً منه، مع توفر كل ما تحتاجه وتطلبه الأسرة، تطور بشكل كبير مع تطور الحياة العمرانية، لكن هنا أشير إلى نقطة جداً مهمّة، أن السوق بنى علاقات اجتماعية عمرها كبير، وعلى نطاق واسع، من جميع المناطق والبلدات والقرى كانت تزور السوق، للتسوق أولاً، ولأداء واجب اجتماعي لاحقاً، لذلك حياة أهل الجزيرة بشكل عام مبنية على هذه الطقوس الاجتماعية الرائعة».

رأس العين قبل قرن

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 25 حزيران 2023 أجرت اللقاءات السابقة، وقد حصلت على صورة قديمة للسوق يعود عمرها لأكثر من 100 عام.