الصورة ذاكرة الشعوب، وربما تعادل ألف كلمة، عبارات وجدت صداها في الفعالية التي أطلقها المركز الثقافي في بلدة "جباب" بمحافظة درعا، والتي استهدفت أرشفة حارات وشوارع البلدة وكل ما يخص طابعها العمراني فوتوغرافياً، فالصورة مهما ضعفت الذاكرة تبقى ملامحها وجمالية التفاصيل فيها شاهد حق لذاك الزمان والمكان.

رسالة للأجيال

وللإضاءة أكثر على هذه المبادرة التقت مدونة وطن، مدير مركز جباب الثقافي "محمد المرحوم" الذي يقول: "من خلال المبادرة التي أطلقها المركز بدأ العمل بتوثيق التراث المادي لبلدة "جباب" عبر التقاط الصور الفوتوغرافية لمعالم البلدة الأثرية المتنوعة والزاخرة بالفنون العمرانية".

ويبيّن مدير المركز الثقافي أن المبادرة تتضمن تصوير وتوثيق البيوت القديمة ذات الطابع العمراني البارزاني الجميل، pde أبدع الإنسان في تشكيل الحجر معتمداً في فنه العمراني (الأقواس والقناطر والشوارع والأزقة) التي تذكرنا بدمشق القديمة حيث تفوح منها عطر الموروث الشعبي والتراث الأصيل.

ويضيف "الرحوم": إن مبادرة توثيق معالم البيوت لبلدة "جباب" وفنها المعماري الحديث والقديم، سيتم عرضها ضمن معرض للصور الفوتوغرافية الملتقطة والتي تبين جماليات الفن المعماري للبلدة، وهو رسالة للجيل وتعريفهم بتاريخ بلدتهم والفن المعماري الأصيل الذي عايشه الأجداد وشاركه الآباء واليوم يعاصره ويهتم به الأبناء فالوطن كلٌّ واحد لا يتجزأ .

شكر وتأييد

الدكتور "وائل كيوان" أمين متحف "درعا" أبدى رأيه في هذه المبادرة الإيجابية قائلاً: "تعد بلدة "جباب" من البلدات المهمة كونها تقع بين منطقة اللجاة الأثرية وبين سهل حوران، حيث تحتوي البلدة القديمة فيها، والموثقة من قبل دائرة آثار "درعا"، على بقايا قصور عليها كتابات ونقوش مهمة، إضافة إلى الأقواس الأثرية والقناطر والتي تعود بطرازها المعماري للفترة الرومانية والبيزنطية، إضافة الى مبنى السكة الحديدية والبيوت الحجرية التقليدية المهمة، والمدفن الأثري الذي تم اكتشافه من خلال التنقيبات الطارئة".

مدفن أثري

يتابع أمين متحف "درعا" حديثه حول نشاط آثار درعا بما يخص بلدة "جباب" بالقول: "بتاريخ 21/8/2002 قامت دائرة آثار درعا بإجراء تنقيب طارئ في مدفن ظهر صدفة، إلى الغرب من القرية، وبالتنقيب تم الكشف عن محتويات المدفن المكونة من قطع فخارية مكسرة يدوية الصنع، مشيراً إلى أن قرية جباب تقع إلى الشمال من مدينة درعا بـ60 كم على يمين أوتوستراد "دمشق-درعا"، ومكان المدفن يقع إلى جنوب شرق وادي الخنافس بـ30 م وغرب القرية بـ800 م في أرض منبسطة تميل للون الأصفر وذات تربة ناعمة جداً، وتقع على الخط المطري 250 مم سنوياً، وترتفع 630 م عن سطح البحر.

ويضيف: وادي الخنافس هو وادٍ موسمي يسيل من سفوح سلسلة جبال الشيخ الشرقية ويصب في وادي اليرموك وكان في السابق غزيراً قبل إنشاء السدود عليه، وباستطلاع المنطقة المحيطة بالمدفن تبين من خلال كسر الفخار المصنّع يدوياً، وبقايا قطع الصوان المشذب والموضحة بالصور، وشكل الصخور الطبيعية في الموقع وتشكيلها، وجود مستوطنة شبه دائرية قطرها بحدود 500 م على ضفتي وادي الخنافس تمثل استيطاناً مؤقتاً يعود لـ100سنة خلت وذلك لعدم وجود طبقات أثرية ذات سماكة ناتجة عن مرور الزمن، لافتاً إلى أنه تم التنقيب في المدفن الذي شوهدت في سطحه ثغرة أحدثها عمل التركس ونجم عنها كسر إحدى بلاطات السقف وتبين أنه مدفن فردي مبني بأحجار بازلتية غير مصنعة وطبيعية.

دعم المبادرات

وبما يخص المبادرة يقول رئيس دائرة آثار درعا الدكتور "محمد خير نصر الله": "نحن ندعم هذا العمل ونشكر جهود كل من قام عليه وهذا يدل على زيادة وعي المجتمعات المحلية بالتراث، وتعزيز علاقتهم بالمواقع الأثرية وإشراكهم في عمليات حفظ تراث هذه البلدة الى جانب الجهات المختصة، ونحن كجهة مختصة نكرر دعمنا لمثل هذه المبادرة التي تعد مساهمة فعالة في تعزيز العلاقة بين المجتمع المحلي والتراث، ونتمنى من باقي المجتمعات المحلية في البلدات والقرى الأخرى والغيورين على التراث إطلاق مبادرات لحفظ التراث المادي من الاندثار.