قلّما تجد شخصاً ارتبط اسمه بمهنة ما كما ارتبط اسم "كلوديوس بنيامين حنا" بمهنة تصليح الأواني المنزلية المعدنية والمعروفة بمهنة "السمكري"، وهي المهنة التي ورثها عن والده الراحل وأمضى فيها قرابة الـ30 عاماً، وأصبح واحداً من أشهر الذين عملوا بالمهنة في مدينة "القامشلي".

أباريق ومدافىء

رغم تحديات وصعوبات العمل في مهنة "كلوديوس حنّا"، وقلّة المواد اللازمة لعمله، لكنه مستمر بعطائه وإبداعه فيها، يتواصل الأهالي معه بشكل يومي لتصليح أو تصنيع مواد تتعلق بمهنته "السمكري"، فهو وجهة الأهالي لأنه الوحيد من يمتهن المهنة وصمد معها.

هناك من يزور السوق ويخصص جزءاً من الزيارة للاطمئنان، وهذه العلاقة الاجتماعية جزء من زيادة عشقي واهتمامي بهذه المهنة

يؤكد "كلوديوس" خلال حديثه مع مدوّنة وطن "eSyria بأنه يعشق المهنة التي ورثها عن والده ويحافظ عليها، مضيفاً: «كان والدي واحداً من أقدم الذين عملوا في هذا المجال في منطقة "القامشلي"، رافقته في مكان العمل في فترة مبكرة من عمري، أحببتها وتعلقتُ بها، حتى ورثتها منه، وأمضيت أكثر من 30 عاماً، في صيانة وتصليح الأواني المعدنية المختلفة.

الأواني المعدنية تخصص كلوديوس

ويشير إلى أن أكثر ما يطلبه أبناء المنطقة، تصليح الأباريق وسطول اللبن وأباريق الشاي ومدافئ الحطب، إلى جانب بوابير الكاز، والطناجر المعدنية الكبيرة الخاصة بالولائم، بالإضافة إلى بواري المدافئ، ويجد الشخص مطلبه بتجهيز أو تصليح أي قطعة معدنية».

رغم الظروف

لا يواجه "كلوديوس" صعوبة في مهنته، فقد بات ذا خبرة وكفاءة في تصنيع وتصليح ما يصله بكل جدارة مستعيناً بكثير من الصبر والهدوء لإنجاز المطلوب.

المهنة التي تلازمه من 30 عاماً

يقول "كلوديوس": «تتبدل طلبات الزبائن وكذلك الأواني التي تحتاج إلى تصليح وصيانة، بتبدل الفصول، ففي فصل الشتاء يكثر الطلب على تصليح المدافئ وبواريها، وفي الربيع يزداد الطلب على سطول اللبن بشكل كبير، أمّا في الصيف فالغالبية يحتاجون خزانات المياه بسعة 100 أو 200 وحتى 300 لتر.. أكثر قطعة تأخذ مني وقتاً هي تصنيع مدفأة الحطب، يستغرق إنجازها وقتاً أطول ، لكن الخبرة التي اكتسبتها ساعدتني كثيراً على إنجاز عملي بشكل أسرع، أيضاً مع الحفاظ على جودة العمل».

ويشير أنه خلال السنوات الماضية ازداد الإقبال على المهنة من قبل الأهالي سواء بالتصليح أو التصنيع، ورغم قلة المواد اللازمة للعمل، يؤكد "كلوديوس" أنه مستمر بعمله طالما أن هناك من يحتاجها.

مهارة وإتقان

كوّن "كلوديوس" خلال رحلة عمله علاقات اجتماعية وصداقات مع محيطه، نشأ أغلبها من خلال هذه المهنة، التي بدأت أيام والده، والكثير منهم محافظ عليها من تلك الأيّام، وهي قائمة حتّى تاريخه، وقد تعززت وتطورت وصمدت، فالأهالي وجدوا -حسب قوله- مهنية عالية وجودة في العمل، «هناك من يزور السوق ويخصص جزءاً من الزيارة للاطمئنان، وهذه العلاقة الاجتماعية جزء من زيادة عشقي واهتمامي بهذه المهنة».

يحظى محل "كلوديوس" وسط السوق المركزي بمدينة "القامشلي"، بزيارة عديد الأهالي من مختلف القرى والبلدات والمناطق، سواء القريبة والبعيدة، ذلك المحل الصغير يصبح كبيراً بعطاء ومحبة صاحبه، هذا ما قاله "أحمد عبد الحميد علي"، من سكان ريف "القامشلي"، وهو على تواصل شبه دائم مع "كلوديوس" ومحلّه، يقول عن ذلك: «أنا والكثير مثلي لا نزور المحل وصاحبه بهدف طلب العمل فقط، لكن هناك علاقة اجتماعية تفرض علينا السؤال عن "كلوديوس" والاطمئنان عليه، فهو أحد أمهر من عمل بهذه المهنة، وله فضل كبير على أهالي المنطقة، والوحيد من يمارس ويحافظ على هذه المهنة الضرورية، سبقه الراحل والده، يكفي أنه ملتزم بهذه المهنة رغم العوائق والتحديات».

أجريت اللقاءات مع مدونة وطن بتاريخ 20 تموز 2022.