دخل السيناريست "سيف رضا حامد" عالم الكتابة بهدوء وتأنٍ، عندما أيقن أنّ ثمة مساحة كبيرة يستطيع من خلالها التعبير عن ما يريده وتسليط الضوء على قضايا تلامس مجتمعه أو ربما قصص يمكن نسجها من الماضي، ما دفعه لصقل شخصيته ككاتب، وقد استطاع أن يجذب الأنظار إليه محلياً وعربياً ضمن مجال تأليف الأعمال الدرامية.

منابع أفكار

ما شجعه على المضي قدماً في إنجاز أعماله الدرامية، هو إيمانه بقضايا عدة قريبة من ذاته، يقول السيناريست "سيف رضا حامد" خلال حوار أجرته معه مدونة وطن: «أفضل دائماً الفكرة المتفردة ، والقضية التي لم يسلط الضوء عليها بعد، كما أحرص أن أعبر عما في داخلي من خلال كتاباتي، والكتابة التلفزيونية هي مسؤولية حيث يجب أن يكون للكاتب مرجعية أدبية وثقافية كون هذا الفن يدخل كل البيوت، كانت بداياتي في المسرح فقد كتبت عدة نصوص مسرحية، ومن ثم انتقلت للكتابة التلفزيونية بعد التعمق والبحث في علم السيناريو، أنا وأغلب الكتاب نستقي أفكارنا من خلال ثلاثة منابع، أولها من الواقع اليومي المعيش بحيث تكون قصة حقيقية هي الملهم لبناء حكاية المسلسل ومن ثم يتم تطويرها ومعالجتها ، أو أن تكون هناك مرجعية أدبية من خلال الإفادة من الأدب العالمي أو المحلي ، فيمكن تحويل رواية إلى عمل درامي، وهنالك الكثير من الأعمال التي قُدمت كرواية خلال فترة التسعينيات منها "طيور الشوك" ، و"نهاية رجل شجاع" ، و"المصابيح الزرق" وغيرها، أما المنبع الثالث هو مخيلة الكاتب عبر قصة يخلقها بما يتناسب مع الأفكار التي يريد أن يطرحها ، وبالنسبة للنهايات الدرامية، حقيقة أنا أميل للنهايات الواقعية الغير المثالية ، لكن غالباً هذه النوع من النهايات لا تشفي غليل المشاهد، أحياناً تكون النهاية محل نقاش مع شركة الإنتاج والمخرج».

سيف هو كاتب واعد، وشاهدت له عدة أعمال منها "سوق الحرير2 وسلاسل دهب" ، وهو أحد الأسماء الشابة التي تستحق أن تُمنح الظروف المناسبة لكتابة السيناريو للحصول على عمل متميز، فهو يمتلك مفاتيح أهم أساسيات سرد القصص الدرامية

من وحي الواقع

من خلال تجربته يرى الكاتب "سيف رضا حامد" أنه أصبح ضرورياً أن يهتم الكاتب بمعالجة الحقائق والوقائع بصورة درامية ذات تفاصيل معاصرة، ويتابع: « صحيح أنني كتبت العديد من نصوص البيئة الشامية أو أعمال الحكايات الشعبية، ولكن تبقى الأعمال الاجتماعية هي التي تعبر عني أكثر ، لا أستطيع أن أنكر بأن أعمال البيئة الدمشقية لاقت رواجاً عربياً وساعدت على انتشار الدراما والفنان السوري إلى كل بيوت الوطن العربي، ونتيجة هذا النجاح فقد انحصرت الانتاجات الضخمة بها ما بين عامي 2014 و2018 ، ولكن منذ قرابة السنتين إلى اليوم شهد إنتاج وتسويق أعمال الدراما السورية تحسناً ملحوظاً ونتيجة الانفتاح التدريجي في فترة ما بعد الحرب، لذلك أصبح الظرف مواتياً لإنجاز نصوص درامية معاصرة تلامس الواقع السوري أو العربي بشكل عام ، فمنذ عام 2019 قررت الابتعاد عن أعمال البيئة نحو الأعمال المعاصرة رغم نجاح تلك الأعمال، وأذكر منها مسلسل "الغربال" بجزئيه و"خاتون" و"سوق الحرير2" و"سلاسل ذهب"».

مسلسل بيروت 303

جديد الدراما

في "سورية" كانت بداياته قبل أن ينطلق نحو الانتاجات العربية ، يقول الكاتب "سيف": « كانت البداية من "سورية" بعملين مسرحيين هما "العاصفة والكمان" و"هارموني" ، ثم كانت تجربتي الأولى في الأعمال التلفزيونية بمسلسل "روزنامة" الذي يلامس هموم طلاب الجامعة، وهذا العمل تم تصويره في 2012 مع بداية الأزمة السورية، وقد واجهتنا الكثير من التحديات والصعوبات بسبب الحرب الدائرة ولكن كان لدينا دافع كبير لاتمامه كرغبة مني ومن فريق العمل ليس فقط للاستمرار بالعمل بل الاستمرار في الحياة ، ومن ثم أنجزت عدة أعمال من نوع الحكايات الشعبية الشامية (الغربال – خاتون – سلاسل دهب) ، وبعدها قمت بتجربة جديدة من خلال مسلسل (الشك) وهو من أوائل الأعمال السورية التي تُعرض على منصة رقمية ، وبعدها أنجزت الجزء الثاني من "سوق الحرير" وهو عمل أقرب لأن يكون حالة توثيق اجتماعي لفترة الخمسينيات من القرن الماضي، حيث كانت "دمشق" حينها مدينة التنوع الفكري ومركزاً تجارياً وصناعياً مهماً في المنطقة العربية ، وانتهيت مؤخراً من كتابة مسلسل بعنوان "إيكو" وهو عمل يحاكي الأزمة السورية وانعكاساتها من خلال قصة مشوقة، وهو من إنتاج شركة "دراما شيلف" وسيعرض قريباً على منصة "تن تايم" بمشاركة نخبة من الممثلين السوريين ، وآخر كتاباتي هو عمل عربي مشترك بإنتاج ضخم وهو مسلسل "بيروت 303"، يتحدث العمل عن تعرض طائرة محملة بالركاب لتفجير إرهابي وينتج عن ذلك الكثير من الضحايا، وتبدأ الشخصيات بالبحث عن المتهم وكشف ملابسات هذه الفاجعة ، ولكن رحلة البحث هذه تغير مسار كثير من الشخصيات وكأنها تدخل بنفق مظلم خروجها منه لن يكون سهلاً على الإطلاق ، المسلسل من إنتاج شركة "الصباح" وإخراج "ايلي السمعان"، ويعرض حالياً على منصة شاهد ، وأحضر حالياً لعمل اجتماعي سوري أتحدث فيه عن موضوع العدالة واختلافها حسب منظور كل شخص ، ومن المتوقع أن يرى المشروع النور في عام 2023، و هناك سؤال يطرح علي دائماً وهو ماذا يكون اسمك في كل شارات المسلسلات والمقابلات الإعلامية ثلاثياً ؟ والجواب بأنه كان والدي كاتباً وقد أنجز بعض المشاريع ولكنها بقيت على الورق، ولم يتمكن من تسويقها وقد توفي قبل أن يحقق حلمه! ، لذلك بقيت هذه الفكرة في مخيلتي دائماً، وأحب أن يظهر اسمه معي في كل عمل أنجزه لعلي أحقق له ما أستطيع من حلمه ، والدي كان شخصاً عظيماً وملهماً لي في كل خطواتي ، أتمنى أن يكون راضياً عما أقوم به».

كاتب واعد

لا يمكن أن يتم تقييم عمل السيناريست بشكل كامل إلا من خلال الورق أو "النص المكتوب"، وليس من خلال ما نتابعه من أعمال درامية على شاشة التلفزيون، وذلك لأنه نتيجة اشتراك مجموعة من الاشخاص منهم المخرج والممثل والكاتب والمصور وغيرهم، لكن فيما يخص الكاتب "سيف رضا حامد" يقول الخبير في تقييم وتحليل النصوص الدرامية "ماهر منصور" : « سيف هو كاتب واعد، وشاهدت له عدة أعمال منها "سوق الحرير2 وسلاسل دهب" ، وهو أحد الأسماء الشابة التي تستحق أن تُمنح الظروف المناسبة لكتابة السيناريو للحصول على عمل متميز، فهو يمتلك مفاتيح أهم أساسيات سرد القصص الدرامية».