تنقل "سوريانا سيشيرو" في كتابها "رحلة الحرب في سورية" الذي وقعته في العاصمة الأرجنتينية "بيونيس آيرس"، تفاصيل حياة كثير من السوريين الذين رصدت قصصهم خلال زيارتها إلى "سورية"، وبقائها فيها لسبعة أشهر قضتها في تتبع الحقائق بعيداً عن روايات الإعلام الغربي التي تعدّها زائفة ومجافية للواقع.
مدوّنة وطن تواصلت مع الكاتبة "سيشيرو" لتقف معها على تفاصيل رحلتها التي وثقتها في كتابها ومدى تفاعل الشعب الأرجنتيني معها.
لمحة عن الكاتبة
ولدت "سوريانا سيشيرو" من أم سورية وأب أرجنتيني، درست العلوم السياسية وتصميم الويب، ومنذ طفولتها غرست والدتها في ذاكرتها الكثير عن "سورية" وحضارتها، وبعد مرور سنوات على الحرب، قررت في عام 2018 السفر إلى "سورية" لتوثّق كل ما رأته من التفاصيل التي تم التعتيم عليها إعلامياً، زارت بعض المناطق المحررة، وقابلت الكثير من الناس، بقيت حوالي سبعة أشهر، وتجولت في "دمشق، يبرود، النبك، حمص، طرطوس، اللاذقية، السويداء ودرعا"، كما زارت الأماكن الأثرية مثل "صيدنايا" و"معلولا".
تقول "سوريانا": "الرأي العام في الخارج يجهل الحقيقة كاملة، فهو يُظهر ما جرى من أحداث في "سورية" على أنها "حرب أهلية"، وذلك في محاولة لتغطية وطمس الحقائق، والتعتيم على أن هدف الحرب الأساسي كان التكالب على الثروات والموارد الطبيعية، وأيضاً بسبب الموقف السوري الداعم للقضية الفلسطينية".
تصف "سوريانا" في كتابها العلاقة بين الجيش وبين الأهالي بالعلاقة الأخوية، وتضيف: "قد تجد مجموعة أشخاص من منزل واحد يساندون الجيش في مهامه ليعمّ الأمن في الشوارع والأحياء، ومن هنا قررت السير قدماً في الكتابة لتوضيح ما حصل بالفعل".
كرم ضيافة
التقت" سوريانا" خلال زيارتها إلى "سورية" بالكثير من الناس، معظمهم تفاعل معها، البعض تكلم بصراحة عن تجربته المريرة في الحرب، عن الخطف والموت، والبعض الآخر تكلم بتحفظ وريبة كونها أجنبية، وآخرون رفضوا التحدث رغبة منهم في نسيان هذه المرحلة.
أما عن اللحظات الجميلة التي عاشتها في "سورية"، تقول : "لم يؤثر الوضع الاقتصادي السيئ في عادات حسن الضيافة والكرم، فالجميع عاملني بحب كابنته، لقد أثر بي هذا الشعب المكافح الذي يحب الحياة ويرفض تقبل مصطلح "الضحية"، هم امتداد لتاريخ وحضارة عظيمة".
تتابع "سوريانا" حديثها بالقول : "لقد غرست أمي كل ما هو جميل عن سورية وحضارتها، خلال الحرب كنا نتابع القناة السورية الرسمية، ودعماً مني للشعب السوري وَشَمت كلمة "مقاومة" على يدي".
بطلات الكتاب
خلال زيارتها التقت "سوريانا" بنساء سوريات وصفتهن بالمبدعات وقويات العزيمة، وتضيف: "المرأة السورية عامة والأم بشكل خاص كانت محاربة من نوع خاص، في تحمّل مسؤولية الأطفال وحماية المنزل في غياب الزوج الذي كان يساند الجيش أثناءها، ويجب أن يُفتخر بهذه المرأة المقاومة، وأذكر قصة لإحدى السيدات انضم زوجها للمسلحين، وهي كما أخبرتني رفضت أن تكون معه، ولا تعلم عنه شيئاً، وحالياً تعمل بكد لتعليم أسرتها ناهيك بالموقف الإنساني للأهالي معها، ورغم المعاناة لا تفارق الابتسامة وجهها، وهذا حال كثير من النساء، مثل هذه الروايات لم نسمعها في الإعلام، ولكن ستكون نساء "سورية" بطلات كتابي".
تفاصيل إنسانية
وحول تفاعل الشعب الأرجنتيني مع الكتاب تشير إلى أن الكتاب وجد صدى إيجابياً في الشارع وتفاعل القراء مع قصصه، وذلك من خلال السرد المختلف جذرياً عن وسائل الإعلام، فالاحتكاك المباشر مع الشارع يُظهر تفاصيل صغيرة لا تهم الإعلام، لكنها إنسانياً تعني الكثير للقارئ، والكتاب حقق غايته في إيصال هذه التفاصيل، وأهمها إرادة الشعب السوري الذي ما زال يصر على الحياة.
تختتم "سوريانا"حوارها مع مدوّنة وطن بالقول : "سافرت إلى "سورية" لأجد هويتي السورية، أو نصفي السوري الآخر، لقد أحببت أن أخرج من دائرة حكايا الطفولة التي كانت ترويها أمي لي عن "سورية"، لتكون رحلتي صلة وصل مع أرض أمي وأعيشها رغم الحرب، دائماً أحدث أصدقائي بفخر عن دمائي السورية.. وسأزور "سورية" مجدداً، لي أصدقاء فيها تناولنا معاً مشروب المتة الأرجنتيني، وربما مع أحداث جديدة في زيارتي المقبلة، قد يكون هناك كتاب جديد".