عبر شعارها "من التعاطف إلى الفعل" عملت هيئة "مار أفرام السرياني البطريركيّة للتنميّة" على بلسمة جراح الحرب في المحافظات التي تنشط فيها، وذلك عبر حضورٍ ميداني ملحوظ طال مختلف شرائح المجتمع، ووفق منظور إنساني يحكم توجهها، فقد عملت الهيئة ولا تزال على التخفيف من حدة المعاناة التي يواجهها الأهالي في مناطق نشاطاتها، وكان لمحافظة "دير الزور" نصيبها من نشاطات الهيئة إنسانياً عبر برامج تلحظ حاجات الأهالي، سواء أكان ذلك في الجانب الصحي أم في إيقاد شمعة أمل بدعمٍ نفسي يمسح مفرزات الإرهاب ومخلفات الحصار .

خدماتٌ صحيّة

سجّلت هيئة "مار أفرام السرياني البطريركيّة للتنمية" حضوراً ملحوظاً في محافظة "دير الزور" عقب تحريرها من سيطرة المجموعات الإرهابيّة المسلحة نهاية العام 2017، وهو حضور عملَ على رصد احتياجات الأهالي الخارجين من حصار خانق استمر لسنوات ثلاث من تنظيم "داعش".

يقول "شادي توما" مدير مستوصف "مار أفرام الخيري" : "مع تحرير محافظة دير الزور حرصت "مار أفرام" كهيئة كنسيّة تنشط في الجانب الإنساني والإغاثي، على تفعيل حضورها في المحافظة، ومتابعة أوضاع الأهالي هناك بما يُلبي احتياجاتهم، ويُسجلُ لها أنها من أوائل الجهات الخيرية التي تدخّلت إنسانياً في "دير الزور" عقب التحرير مباشرة، حيث كان أول مشاريع الهيئة هو افتتاح مستوصف"مار أفرام الخيري" الذي يُقدم خدمات الرعاية الصحيّة الأوليّة للأهالي في المحافظة بالشراكة مع منظمة الصحة العالميّة، ويتألف المستوصف من 3 عيادات اختصاصيّة وهي: داخلية قلبيّة، النسائية وعيادة الأطفال ولهذا الغرض تعاقدنا مع ثلاثة أطباء في الاختصاصات المذكورة وثلاث ممرضات، إضافة لصيدلاني واحد يُدير عمل الصيدلية في المستوصف".

معاينة طبية وعلاجية

"فيتامين"

ولجميع الأعمار

تتنوع الخدمات الصحيّة المُقدمة في المستوصف المذكور حسب "توما"، وتبدأ بالاستشارات وما يليها من أدوية مُقررة تُعطى مجاناً، ويضيف: "الاستشارات الطبيّة التي يقدمها المستوصف عبر عياداته الثلاث، تُقدم بشكل مجاني ويومياً منذ الصباح وحتى انتهاء عملنا ولمختلف الفئات العُمرية، وبناء على وضع المراجع تُعطى الأدوية المُقررة بحسب الوصفة الطبيّة من الصيدليّة الموجودة في المستوصف، ويُراجعنا يومياً في العيادات الثلاث ما بين 40 - 100 مريض، ونمتلك عدة أجهزة طبيّة لتوفير الخدمات المذكورة من جهاز "إيكو" نسائي ، جهاز تخطيط قلب، وآخر هو جهاز "إرذاذ" ، كما تتضمن الخدمات المُقدمة إحالات للمشافي لمن تتطلب أوضاعهم الصحيّة عملاً جراحياً، وهي أيضاً مدفوعة التكاليف بالكامل، ناهيك بإحالات التصوير الشعاعي والتحليل المخبري وإحالات لطبيب مختص، كما نقوم بتوزيع الكراسي لذوي الاحتياجات الخاصة، وجهاز "ووكر" وعكاز".

وبحكم ما خلّفته فترة الحصار من تأثيرات في مختلف فئات المجتمع عملتْ الهيئة على مواكبة هذه الأوضاع عبر افتتاح مشروعها "فيتامين" وعنه يقول مدير مستوصف "مار أفرام": "فترة الحصار التي عاشها الأهالي في "دير الزور" بسنيها الثلاث ألقت بظلالها على الوضع الغذائي بالمحافظة وما رافق ذلك من سوء تغذية شمل مختلف الفئات العمرية، وكان الأشد ضرراً منها الأطفال والنساء المُرضعات والحوامل، وبغية رصد معاناة سوء التغذية والمبادرة لعلاجها جاء مشروعنا الذي أخذ اسم "فيتامين" وهو مشروع يُقدّم الخدمات والرعاية الصحيّة الأوليّة للأطفال من عمر يوم وحتى 15 عاماً، ويتضمن عيادة التغذية التي تستهدف الأطفال والمرضعات ممن يُعانين سوء التغذية، والمشروع يعمل بالشراكة مع منظمة "اليونيسف" ويجري فيه تقديم مجموعة من المغذيات تشتمل على زبدة الفستق، البسكويت المدعوم، بودرة مُغذيات دقيقة، حبوب "برغينتال" وحديد وفوليك وغيرها" .

لأجلهم

ولأنّ ما تعرضت له "دير الزور" على مدى سنوات سيطرة الإرهاب طال البشر والحجر، كان تدخل هيئة "مار أفرام" يلحظ أيضاً منعكسات ما جرى على الوضع النفسي للأطفال فجاء مشروعٌ آخر في إطار تدخلاتها الإنسانيّة وحمل اسم "لأجلهم 3" وذلك حسب مدير المشروع "مؤمنة جمال العيسى" التي تقول: "قامت الهيئة بالتعاون مع منظمة "اليونيسيف" مع بداية شهر شباط من العام 2021 بتجديد افتتاح مشروع "لأجلهم" بجيله الثالث والذي كان قد انطلق في العام 2018، حيث ضم جميع خدماته السابقة المتعارف عليها من تقديم خدمات الدعم النفسي للأطفال، عبر الأنشطة اللا صفيّة الهادفة ضمن خطة محكمة لأنواع الدعم النفسي، وجلسات خاصة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومتابعة أمورهم كاملة بالتشبيك مع مقدمي الخدمات الطبية، بالإضافة الى جلسات توعية مجتمعية وأخرى عن العنف القائم على النوع الاجتماعي لمقدمي الرعاية".

وتبين "العيسى" أن للمشروع خمس مساحات صديقة للطفل، وقد حرصنا أن تغطي مناطق "دير الزور" المحررة، فكان لنا ثلاث مساحات منها في مركز المحافظة، الأولى في حي "القصور" والثانية في حي " الجبيلة"، وأخرى في حي "الجورة". وأنشأنا مركزين في مدينتي الميادين والبوكمال، فضلاً عن 6 فرق جوالة تمتد جغرافية عملها بين أحياء المدينة وصولاً لـ"هرابش" بالإضافة للريف الشمالي (خشام)، وفريقي عمل في ريفي الميادين الشرقي والغربي وفريقين في مدينة البوكمال وريفها، ويمتلك مشروع "لأجلهم3 "، 6 فرق للتوعية بمخاطر الألغام ومخلفات الحروب وآثارها الجسدية والنفسية ترافق فرق الدعم النفسي لإجراء عملها".

نشاطاتٌ متنوّعة

تنوعت مشاركات مشروع "لأجلهم3" في الفعاليات والمهرجانات التي أقيمت في"دير الزور" كما تتحدث لـ" eSyria " مدير المشروع "مؤمنة العيسى" مُضيفةً:" أقام مشروعنا العديد من الفعاليات والمهرجانات في إطار عمله مثل (عودتنا) تزامناً مع افتتاح دوّار "التموين" وشارع "سينما فؤاد" التجاري، وفعالية (حاذر تسلم) التي أقيمت في اليوم العالمي للتوعية من مخلفات الحروب وخطر الألغام، كذلك مبادرة (أنتم أبناؤنا) التي استهدفت اليافعين في مراكز الإيواء ممن يتقدمون للامتحانات العامة، إضافة لفعالية (نحن وإياكم نرعاكم) التي استهدفت تقديم الترفيه للأطفال اليتامى القصر دون سن الـ 18 عاماً، و(سنغرس أملاً) التي شاركنا خلالها في زراعة الورود عند دوار "حمود العبد"، وتناولت مسرحيات وفقرات، كما نشارك كل عام مع بدء العام الدراسي بفعاليات (مهرجان العودة للمدرسة) الذي يُقام بمدن المحافظة الثلاث "دير الزور، الميادين، البوكمال"، وحالياً تعمل فرق المشروع على إعادة تدوير المواد التالفة وتنفيذ أشكال فنيّة متنوعة كدليل على أن الجميع قادر على استغلال أقل الإمكانيات للتغيير نحو الأفضل، فلا شيء مستحيل مع الإرادة".

ميادينُ العمل

بدوره يشير الصحفي "عبد المنعم خليل" إلى أن الهيئة من أوائل الفعاليات التي تدخّلت إنسانياً بمحافظة "دير الزور"، وهي إذ واكبت الوضع الصحي للأهالي عبر مستوصفها الخيري –الذي قدم ولا يزال خدمات صحيّة للأهالي- كان ميدان "هيئة مار أفرام" الثاني التوعوي والترفيهي لا يقلُّ شأناً عن السابق في بعث الروح المعنوية وتحفيزها في محافظة عانت الأمرّين.

ويضيف: "عمل الهيئة سبق التحرير بفترة، عملت خلالها على رصد احتياجات الأهالي وسبر المشروعات ممكنة التنفيذ بالتنسيق مع منظمات دوليّة كمنظمتي الصحة العالميّة والطفولة "يونيسيف" اللتين قدمتا الدعم لعمل الهيئة ومشروعاتها، وما نفذته وتنفذه الهيئة عبر مشروعاتها بـ"دير الزور" خفف من آثار الحرب وهي كذلك داعمة الآن في ظل الضائقة المعيشيّة الناجمة عن الغلاء في حمل جزء مهم من مصاريف الناس صحياً عن كاهلهم".