لم تهزمها الغربة وأوجاعها، تسلحت بالإرادة والإصرار، فأصبحت أنموذجاً للمرأة السورية في "ألمانيا" بعد أن تجاوزت فيها مراحل عدّة لتصبح إحدى الماهرات بصناعة الحلويات، وإعلانها افتتاح محل خاص للحلوى بعد نيلها الشهادة الرسمية لمزاولة المهنة.

محفوفةٌ بالصعاب

لم تكن الأمور هيّنة وميسّرة بالنسبة للسيدة "نوال عيسى كورية" في بدايات وصولها إلى بلد الاغتراب، لكنها أصرت أن تبصم كسيدة "سوريّة"، في مجال صناعة الحلويات، فلها شغف قديم منذ أيام الصبا مع هذه المهنة حسب كلامها مع مدوّنة وطن "eSyria".

في أن كثيراً من زوّار المحل من الأجانب يزورون المحل لتذوق الحلويات السورية، وهذا ما أعده فخراً كبيراً، الأهم أنهم أعجبوا بالذوق السوري... طبعاً عملي يتطلب سهراً وتعباً وجهداً، ربما أستغرق في صناعة قالب عدّة أيام، لكن بالنهاية ينال رضى الزبون، هذا هو سبب نجاحي الحقيقي

استطاعت "كورية" أن تكون محط إعجاب واحترام كل من تعرّف على مهنتها وإبداعها، واكتسبت جمهوراً أجنبياً محباً للحلوى السورية، وفي هذا تقول: «قبل فترة نلتُ شهادة الحرفة التي تمنح من الحكومة الألمانية وتمكنت من افتتاح محل خاص للمهنة، بعد جهد وتعب وإصرار حصلتُ عليها، أضفت خبرة الشهادة مع حبي وخبرتي الذاتية في صناعة الحلويات، أصبحت أقدم حلوى أصلها "سوري" وهي مميزة ولذيذة بشهادة كل من زار المحل وتناول الحلوى، سواء كان سورياً أو أجنبياً أو ألمانياً بشكل خاص، حتّى صار البعض يمنحني حرية اختيار قالب الحلوى.. ويوماً بعد يوم يزداد احترامهم وإعجابهم بعملي».

استلام شهادة الحرفة من ألمانيا

رسم وحلوى!

قالب مميز من إبداعها

ولادة "نوال" وذكرياتها الجميلة في قريتها الريفية ببلدة "القحطانية" باقية في خيالها، وتعيش معها حيث تقيم، خاصة وأنها تحمل لها سنوات جميلة من تفوقها على مقاعد الدراسة بجميع مراحلها، وتصدرها المرتبة الأولى في موهبة الرسم، تلك الموهبة التي كانت سبباً للوصول إلى ما هي عليه الآن من إبداع وتطور في مجال الحلويات.

أثناء استقرارها في مدينة "القامشلي" بعد نيل الشهادة الثانوية المهنية، وسّعت "نوال" اهتمامها بمجال الحلويات: «كان عمري لايتجاوز الـ20 عاماً وكنتُ ماهرة ومتفننة في صناعة الحلوى، لأنني أخذت خبرة كبيرة في الفن عامة والتطريز والرسم خاصة، هذا المجال سخرته لصناعة قوالب الحلوى (الكاتو)، التي كنت أصنعها لأهلي وأصدقائي في مناسباتهم الصغيرة والرسمية ليتطور الأمر بإنجازها في المناسبات الكبيرة أيضاً سواء في "القامشلي" أو أثناء سفري إلى "ألمانيا"».

تصميم فني لقالب كاتو

إثبات الذات

وصلت "نوال" إلى "ألمانيا" عام 2015، كانت الأمور -حسب قولها- جيدة رغم بعض الصعاب، لكنها رغبت في إثبات قدرة المرأة السورية على التحديات والصبر والإرادة، وقبل افتتاح محلها كانت تصنع الحلوى وللمناسبات الكبيرة والصغيرة للأهل والأصدقاء، وإحدى أهم نجاح تجربة افتتاح المحل أن حلوياتها نالت إعجاب عدد من المغتربين السوريين والسوريات، وهي تدعو وتشجع كل سوري وسورية لتعلم مهنة والعمل بها، وتعلن استعدادها لمساعدة كل من يريد تعلم صناعة الحلويات.

نجاحها الحقيقي يكمن حسب قولها: «في أن كثيراً من زوّار المحل من الأجانب يزورون المحل لتذوق الحلويات السورية، وهذا ما أعده فخراً كبيراً، الأهم أنهم أعجبوا بالذوق السوري... طبعاً عملي يتطلب سهراً وتعباً وجهداً، ربما أستغرق في صناعة قالب عدّة أيام، لكن بالنهاية ينال رضى الزبون، هذا هو سبب نجاحي الحقيقي»، ويظل الحلم الحقيقي لـ"نوال" أن تعود لوطنها، فالنجاح في الوطن أغلى وأحلى حسب وصفها.

شاهد من أهلها

تجربة وفكرة "نوال كورية" نالت إعجاب وتقدير كل من سمع بها، خاصة المغتربين في "ألمانيا"، ومنهم الشاب "غريب محمد" صاحب محل حلويات، والذي أعرب عن فخره بما قدمته ابنة مدينته في الخارج، مؤكداً على أن صنيعها هو إنجاز، فالمزايا كثيرة، منها تعريفها بالحلويات السورية، وتشغيل اليد العاملة لعدد من السوريين، وإثبات قدرة المرأة السورية على العمل في مختلف مجالات الحياة، وأكثر من ذلك، الإبداع في تلك المجالات، بالإضافة إلى قدرتها على إيصال فن الحلويات السورية للأجانب واحترامهم له.

"نوال كورية" من مواليد 1980 قرية "كرشيران" التابعة لبلدة القحطانية تبعد عن مدينة "القامشلي" 40 كم، متزوجة ولديها ثلاثة شباب، يقيمون معها في "ألمانيا" يخوضون مثلها تجربة التفنن في صناعة الحلويات، وقد أجري اللقاء معها بتاريخ 24 أيار 2021.