من الطين المدعّم أحياناً ببعض الأعمال الإسمنتية، تمّ قبل حوالي 70 عاماً بناء مسجد في قرية "دير أيوب" فوق مجموعة ينابيع لا تزال مياهها إلى اليوم تتدفق من دون أن تؤثر في البناء الذي تحوّل إلى مقصد سياحي لأبناء المنطقة وجوارها.

من مدينة "القامشلي" التي تبعد حوالي 70 كم عن قرية "دير أيوب"، اعتاد الشاب "عدنان طحلو" سنوياً زيارة القرية مع أسرته بقصد زيارة مسجدها القديم، والذي يكاد يتفرد ببنائه المشيّد على عدة ينابيع، وحسب ما يذكر الشاب في حديثه لمدوّنة وطن: «سمعتُ عن المسجد من خلال أصدقائي في مدينة "القامشلي" الذين زاروه سابقاً وأصبح محور حديثهم في كل جلسة وحديث، لم أتردد قبل أيّام بزيارة المسجد والتعرف على تفاصيله الرائعة، حيث المشاهد التي تعطي دفئاً للقلب وراحة للنفس، في ذلك المسجد يمكن للمصلي أن يتوضأ بمياه الينابيع العذبة المملوءة بالأسماك، إنه شيء ملفت ولا يمكن للزائر أن يجده في أي مكان، وهذا ربما ما يجعل المسجد يتحول إلى نقطة جذب سياحية أساسية في القرية التي تستقبل أسبوعيا كثيراً من الزوار، خاصة في أيام العطل والمناسبات، فالقرية ليست ككل القرى، متميزة جداً، وقد باتت وجهتنا بشكل دائم، وأصبحتُ أسمع عن زيارات كثيرين للقرية لمجرد سماعهم بقصة المسجد وجماله».

السعادة كبيرة لأهالي القرية وسكانها، فقريتهم باتت محط أنظار واستقطاب الزوّار، ولذلك هم يحرصون على بقاء القرية، والمسجد على وجه الخصوص، بالشكل المثالي تقديراً لزوّارها وروّادها

«السعادة كبيرة لأهالي القرية وسكانها، فقريتهم باتت محط أنظار واستقطاب الزوّار، ولذلك هم يحرصون على بقاء القرية، والمسجد على وجه الخصوص، بالشكل المثالي تقديراً لزوّارها وروّادها» حسب كلام ابن القرية "محمد علي"، الذي يضيف في حديثه لمدوّنة وطن: «لقد تحولت القرية ومسجدها إلى منطقة اصطياف، حيث يرغب الزائرون بقضاء وقت جميل في أحضان الطبيعة الجميلة وبجانب ينابيعها الرائعة، والقسم الأكبر منهم يخصص الوقت الأطول من زيارته للمسجد القديم، وحسب ما يقوله كبار السن فإن فترة تأسيسه تعود إلى بداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي، بني المسجد بطريقة جعلت الينابيع تحيط به وتمر من أسفله وضمن حرمه حيث تظهر الأسماك بأحجام صغيرة مختلفة، وعندما تكبر تسير مع مياه الينابيع لمناطق أخرى».

أطفال مندهشون من منظر الأسماك والينابيع في الجامع

ليس في المسجد مكانٌ للوضوء كما في كل المساجد، فمياه الينابيع يستخدمها الزوار والمصلون للوضوء كما أراد له بناته، ومع أن أبناء القرية يعرضون للزوار استضافتهم في بيوتهم للقيام بعملية الوضوء إلا أن القسم الأكبر يفضل استخدام مياه الينابيع العذبة، بينما يتولى أبناء القرية المحافظة على نظافة المسجد والاعتناء بمرافقه، على أنّ ذلك عمل تطوعي واجب على الجميع.

لم يطرأ أي تغير على تصميم المسجد وتفاصيله منذ اليوم الأول لبنائه وحتّى تاريخه، وعن ذلك قال المهتم بشؤون المنطقة "نزار فخر الدين": «تم بناء المسجد قبل 70 عاماً من قبل رجل يسمى "رمو رشو"، وهو من قرية مجاورة لقرية "دير أيوب"، مستعيناً بمساعدة ودعم أهالي القرية، الإعجاز الحقيقي أن بناء المسجد تم فوق الينابيع، وحتى تاريخه لم يتأثر مطلقاً بتلك المياه، وتفاصيل المسجد لا تزال كما هي منذ اليوم الأول لبنائه، فهو مبني من اللبن ومحاط من الخارج بالإسمنت، قبل عدة سنوات تم صب سقفه بالإسمنت فقط من دون أن يشهد أي عمليات ترميم أخرى، ومع أنه بإمكان أبناء القرية بناء مسجد ثانٍ في مكان آخر، إلا أنهم متمسكون بالمسجد الحالي لأنّه نقطة سياحيّة مهمة للقرية والمنطقة».

ضمن حرم الجامع

قامت مدوّنة وطن "eSyria" بزيارة القرية بتاريخ 21 نيسان 2021 وأجريت اللقاءات بالتاريخ نفسه.

الوضوء بينابيع الجامع