أغنى أهل الشام لهجتهم العامية بالصيغ اللفظية النادرة، وبتوليد كلمات جديدة، حيث تحوي هذه اللهجة مجموعة من الخصائص اللغوية التي يتحدث بها عدد من الأفراد في بيئة جغرافية معينة.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 حزيران 2014، مدرس اللغة الغربية "محمد الحمود" الذي قال: «تمتاز اللهجة الشامية بالنحت، وذلك بنحت كلمة واحدة من كلمتين أو أكثر، والنحت ليس مجرد وصل كلمتين إحداهما مع الأخرى لتصبحا كلمة واحدة، بل يشمل أيضاً اختصاراً للكلمة المنحوتة بحذف بعض حروفها، وإليك أمثلة على الكلمات المنحوتة في اللهجة الشامية ومنها:
أغنى الشوام اللغة العربية بكثرة استعمال بعض الصيغ اللفظية النادرة الاستعمال، فجاءت عاميتهم غنية بألفاظ جديدة، لكنها معهودة التكوين والبناء، ومما ساعد الشوام على إبداع هذه الصيغ واشتقاقها أنها كثيرة الاستعمال في السريانية، فصار من الممكن القول إن هذه الكلمات الجديدة هي كلمات عربية وسريانية في الوقت نفسه
"لسا"، "لهسا" منحوتة من "لهذه الساعة"، و"هلق" منحوتة من "هذا الوقت"، والأعداد العشرية من أحد عشر حتى تسعة عشر تلفظ منحوتة: "إحد عشر، اثنعشر، ثلتعشر"، وفي هذه الأعداد لا تلفظ الراء وتسكن الشين، وتقلب الثاء إلى تاء، كما تقلب التاء إلى طاء فيقولون: "تلاطعش، أربطعش".. وهكذا».
ويضيف: «وهناك الاقتصار، وهو الاقتصار على كلمة واحدة من جملة لتعطي معنى الجملة كما في "أهلاً" المقتصرة من حللت "أهلا"، وكلمة "سهلا" المقتصرة عن نزلت "سهلا"، ويا "حسرتي" والمقتصرة كما يقول سيبويه "من يا حسرتي فهذا وقتك"، والاقتصار في الشامية كثير الحدوث، ونذكر هنا بعض هذه المقتصرات: "حاجتي: أي أخذت حاجتي، ما عليش: ما عليك بأس، ولو: لو كان ذلك، وبعدين: ماذا حدث بعد"».
ويشير الباحث "خالد صناديقي" في كتابه "المثل والكلام في حديث أهل الشام" بالقول: «أغنى الشوام اللغة العربية بكثرة استعمال بعض الصيغ اللفظية النادرة الاستعمال، فجاءت عاميتهم غنية بألفاظ جديدة، لكنها معهودة التكوين والبناء، ومما ساعد الشوام على إبداع هذه الصيغ واشتقاقها أنها كثيرة الاستعمال في السريانية، فصار من الممكن القول إن هذه الكلمات الجديدة هي كلمات عربية وسريانية في الوقت نفسه».
وأضاف "صناديقي" بالقول: «ومن الصيغ التي استعملوها الشوام، "صيغة الأفراد" وهي الأسماء التي تنتهي بألف ياء تاء مربوطة كما في "كباية" قطعة من الكبة التي هي إحدى الأكلات الشامية، "ومحشاية" و"حرباية"، و"صيغة فعلول" تستعمل في السريانية كصيغة تصغير، ولهذا كثر استعمالها في الشامية لنفس الغرض، ومن الكلمات "عطون" نوع من الزيتون، "شرشوح"، "حربوء" صفة للمتقلب، "شرشوطة" خرقة قماش، وهناك صيغة عنكبوت وهذه الصيغة قديمة قدم حضرموت، ونجد هذه الصيغة في الشامية في كلمات مثل "قطرميز أومرطبان" وعاء زجاجي، و"شقشقيق" وهو شقائق النعمان، و"قرنبيط" نوع من الخضار».
وتابع: «يوجد في اللهجة الشامية الكثير من الألفاظ الطبيعية، بعضها كان مستعملاً في عصر الفصاحة، وبعضها الآخر لا يوجد له مماثل فصيح، وجميع هذه الألفاظ تتميز بكونها ثنائية، وإليك بعض الأمثلة:
"جق" صوت المشي في الماء،
و"شر" صوت سقوط الماء،
و"طج" صوت وقوع جسم ثقيل على الأرض.
ويمكن تضعيف هذه الكلمات لتدل على التكرار: "جقجق"، "طجطج"، "بأبأ"، كما تمتاز اللهجة الشامية بتوليد كلمة جديدة أو كلمات من الكلمة الأم، وذلك بتغيير حرف واحد من الكلمة الأم، وللكلمات المولدة معنى قريب من المعنى الأصل، ولكنه يتميز باختصاصه أو دقته، ومن الكلمات "زرط" التي تعني بلع دون مضغ ومنها ولدت الكلمات التالية: "زلط، زمط" وتعني سحب أو أخرج بانزلاق ونعومة، "وزحط"، و"زط" أي مالت عينه، إضافة إلى اقتباس اللهجة كلمات من اللغات الأخرى واستعمالها في العربية بنفس المعنى ويلفظ قريب من اللفظ الأصلي، ومن الكلمات المقتبسة قديماً أسماء بعض أطباق الطعام مثل: "الخبيص، والفالوذج، واللوزينج"، بعد الفتح العربي واختلاط العرب بالفرس والرومان والترك».
وبين الدكتور "محمد عقل" بالقول: «التصحيف كتابة الكلمة على غير وجهها الصَّحيح بحذف أحد الحروف واستبداله بحرف آخر، ومن التصحيف قولهم "هادا"، وأهل "دمشق" يصفحون الثاء بالتاء فيقولون "اتنين" في "اثنين"، و"يبعتلو" أي يبعث له، كما يصفحون الشين بالسين مثل "سجرة" في شجرة، ويفعلون ذلك في الخاء والحاء مثل "خسم" أي الحسم، وفي الغين والعين مثل "غميق" في عميق».