"المغزل" هذا التراث القديم الذي لازم الدور السكنيّة في ريف الجزيرة السوريّة منذ مئات السنين وحتّى أيّامنا هذه لمغازلة الصوف، فقد كان مؤنساً وممتعاً لأنامل النسوة في لحظات الفراغ، ومورد رزق لكثير من الأسر.
"مدوّنة وطن eSyria" وبتاريخ 5/10/2012 رصدت آراء عدد ممن واكب تلك الأداة الخشبيّة والتي كانت مساهمة بدرجة كبيرة في إنجاز وصنع العديد من الملابس الصوفية، وكانت البداية مع السيّدة "خديجة عمر علي" التي تحدثت عن معاملتها مع "المغزّل" بالقول: «أصبح عمري ما يقارب 65 عاماً، ومازلت إلى الآن أحتفظ بعود "المغزل" في منزلي بمدينة "القامشلي" علماً أنه موجود لدي منذ أن كنت في سن العشرين عندما كنت قاطنة في قرية "قلعة الهادي الغربية" والتي تبتعد عن مدينتي 70 كم، فهذه الأداة الخشبيّة كانت تنجز لنا عشرات القطع من الألبسة والتي كنّا نصنعها من "الصوف، التريفيلا: (وهو خيوط قطنية وصوفية أيضاً)" وكان الاعتماد في تلك الأداة من خلال برم العود الرقيق وسحبه ولفه حول الصوف، ليُنجز لنا كميات كبيرة من المادة المذكورة».
عمري أكثر من 80 عاماً وعاصرت الكثير مما تحتضنه ذاكرتنا من ماضينا الجميل "كالمغزل" أو كما يقال ب"الكردية" "تشي" وهو عبارة عن عود رقيق في رأسه دائرة من اللوح الخشبي تُسمّى "النزّالة"، وهناك مغزل صغير وآخر كبير نوعاً ما والأكثر استخداماً ما يقارب ال20سم طوله، وفي الأعلى يكون الرأس مفلطحاً وفيه قطعة صغيرة من الحديد على شكل دائرة غير مغلقة كعلامة الاستفهام وبه "الثقالة" وهي قطعة خشبية دائرية الشكل فيها ثقب صغير ويسند رأس الخيط في وسطها
أما عن طريقة صنعه فتضيف بالقول: «قبل كل شيء نحضر ما لدينا من ملابس قديمة ونجهزها ونقطّع الصوف أو نفرط التريفيلا إلى ما يشبه الحبّات الصغيرة، ومن بعد ذلك نستخدم اليد اليمنى في برم العود، ونكون قبلها قد علّقنا رأس الخيط بالقطعة الحديدية التي تكون في الأعلى، واليد اليسرى مهمتها رفع الصوف للأعلى ليسهل لفّه على العود الرقيق، ونستطيع إنجاز وصنع أكبر كمية من الخيوط التي ستساهم بعد ذلك في تجهيز الملابس المطلوبة، فالخيوط التي يصنعها "المغزل" تكون خيوطاً قاسية ومتساوية، لتساهم في إنجاز المطلوب، فهذه المهنة باتت مورد رزقٍ لعديد من أهالي الجزيرة السورية».
أحد كبار السن والذي واكب وعاصر العديد من تراثيات الجزيرة السورية الحاج "محمود ناصر" أشار بالقول: «عمري أكثر من 80 عاماً وعاصرت الكثير مما تحتضنه ذاكرتنا من ماضينا الجميل "كالمغزل" أو كما يقال ب"الكردية" "تشي" وهو عبارة عن عود رقيق في رأسه دائرة من اللوح الخشبي تُسمّى "النزّالة"، وهناك مغزل صغير وآخر كبير نوعاً ما والأكثر استخداماً ما يقارب ال20سم طوله، وفي الأعلى يكون الرأس مفلطحاً وفيه قطعة صغيرة من الحديد على شكل دائرة غير مغلقة كعلامة الاستفهام وبه "الثقالة" وهي قطعة خشبية دائرية الشكل فيها ثقب صغير ويسند رأس الخيط في وسطها».
ويضيف الحاج "محمود الناصر" على حديثه بالقول: «يدار المغزل بسرعة كبيرة في اتجاه واحد باليد اليمنى للمرأة، لأجل زيادة ثقل العصا وشد الخيط وتقويته، وبالتحام هذه الخيوط معاً يتكون لنا الخيط الذي يكون مخصصاً لصنع السجاد والجوارب واللفحات والقبعات وغيرها، وبقي أن نقول إن عمر "المغزل" هو مئات السنين بدأ وجوده بدخوله لمنازل القرى، وكان يصنعه صاحب الدار عند أحد النجارين في مدينة "القامشلي" وذلك من خلال خشب "البلوط"، وإن كثيراً من الأسر التي دخلت إلى المدينة حافظت عليه، فهو يعتبر كنوع من أنواع التراث الشعبي المطلوب المحافظة عليه».
الشابة "سمر فتحي" تحدّثت عن تجربتها في العمل على "المغزل" بالقول: «خلال العامين الماضيين تعلّمت من والدتي كيفية العمل عليه، ففي البداية كان الكلام والتعليمات نظرية فقط، وكانت والدتي تقوم بعمله أمامي لأتقن مبادئه الأساسية، وشيئاً فشيئاً أعطتني والدتي الموافقة على ممارسة هذه الحرفة والعمل عليها بعد أن تيقنت من نجاحي في ذلك، وعلى الرغم من أنها تحمل الكثير من الجهد والتعب خاصة من النساء اللواتي يفضلن العمل عليه وهن واقفات وهي الطريقة الأفضل من الجلوس إلا أن هذه الحرفة تحمل في طياتها متعة وأنساً لمن يتقنها».