يشكل الزي مفهوماً تراثياً عميقاً في مجتمعنا السوري، حيث يمنح النسيج السوري غنى اجتماعياً كبيراً تنوع فيه الزي المتواجد في قرى وأرياف سورية، و"يبرود" تحتل مكانة كبيرة في حفاظها على هذا التراث الجميل المتعلق بطبيعة المنطقة الجميلة.
موقع "eDamascus" وخلال جولته في مدينة "يبرود" القلمونية التقى عدة أشخاص ليحدثونا عن لباس الرجال قديماً، تلك المرحلة التي امتازت بالحفاظ على التراث اللا مادي للمنطقة، هنا يحدثنا المعمر "محسن أحمد" فيقول: «من المسلم به أن أبناء "يبرود" حافظوا على أزيائهم الموروثة حتى أواخر العقد الخامس من القرن العشرين، وبعد ذلك أخذت تدخل بعض التبدلات بسبب المؤثرات الوافدة، وخاصة الأزياء التي ارتداها العائدون من بلاد المهجر، أما العوامل العديدة التي لعبت دورها في رسم أزياء رجال يبرود ونسائها فكانت في مقدمتها الظروف الطبيعية والمناخية والنظرة للحياة والحس الجمالي، حيث كانت أزياء الرجال والنساء تقريباً واحدة بين مسلمي ومسيحي "يبرود"، ولم يكن هناك أي اختلاف يذكر إلا في لباس الرأس عند الفتيات وقليل من النساء».
كانت الطاقية المشغولة بخيوط الحرير "التنتناة" وفوقها الحطة الحريرية البيضاء أو السوداء وفوقها العقال البريم الأسود الذي كان يثبتها على الرأس، والرجال يحتذون في أرجلهم أحذية متنوعة كالخف، الشاروخ، المداس، البابوج، الكندرة، الجزمة والزربول
عن ألبسة الرجال يحدثنا الأستاذ "نور الدين عقيل" باحث في التراث والتاريخ فيقول: «كان الرجل في "يبرود" يلبس قميصاً من الخام البلدي الأبيض أو الأزرق يصل إلى ما فوق ركبتيه وتحته سروال من الخام البلدي الأبيض أو الأزرق يربطه بتكة فوق وركيه، وفوق القميص كان الرجل يلبس صدرية من الجوخ أو القطن "دون أكمام" تزرر بعدة أزرار من الصدر، وغالباً ما كانت تطرز بخيوط الحرير "بريم" وتحت الصدرية الشروال "لباس الدك" وهو لباس الوسط حتى الكاحلين، ويصنع من الجوخ أو القطن بلون غامق كالأسود أو الأزرق أو الييج، ويطرز بالحرير الأسود على جيوبه، وعلى أطراف رجليه ويربطه الرجل فوق الخصر بتكة من نوعه ويلبس الرجل فوق الصدرية صدرية ثانية، بأكمام ولكن بدون أزرار ومطرزة كالسروال على الصدر والأكمام والقبة بخيوط الأسود غالباً».
ويتابع: «كان الرجل يتمنطن بالكمر "الزنار" المصنوع من الصوف أو الموصلين أحياناً من الجلد، حيث كان الكمر القماشي يبطن ويطوى بشكل مائل ويلف حول الخصر دوائر متعددة بحيث تبدو ثنياته من الأمام متدرجة ومنسقة فوق بعضها، وفي طرفيه شريطان يعقدان من الخلف، وفوق هذا كله كان بعض الرجال يلبسون عباءة واسعة مطرزة بخيوط الحرير الطبيعي على صدرها مصنوعة من وبر الجمال وأكمامها إلى المرفق، وفي أيام البرد الشديد يرتدي عباءة من الصوف الأسود الموشح بقليل من البياض وقد يكون نسيجها ذا أقلام سوداء وبيضاء وأكمامها إلى المرفق وتصل إلى ما فوق الركبتين ويسمونها "زنارية" وهي خالية من الأزرار والعروات، وكانت تحزم من الوسط بشريطين صغيرين أو بزنار رفيع لئلا تعيق صاحبها عن العمل، وأحياناً تترك مفتوحة سائبة في الحالات العادية والأعياد، وقماشها خشن ينسج من شعر الماعز المبروم أو من الصوف المحلي على أنوال يدوية خشبية كانت منتشرة في "يبرود"».
أما عن لباس الشبان وقتذاك فيقول: «كانوا يرتدون فوق القميص والسروال الداخليين رداء يدعى "صاية" مصنوعة من الخام البلدي المصبوغ بالأزرق أو من الجوخ أو الكتان وهي واسعة مفتوحة من الأمام تلف الجسم وتربط على الجانب بأزرار من الأعلى وزنار رفيع من الوسط إلى الخلف، وكانوا يتمنطقون فوقها بسير من الجلد صيفاً أو زنار من الصوف الملون شتاءً، وفوق الصاية كانوا يلبسون صدرية واسعة بأكمام مطرزة بخيوط الحرير ودون أزرار، وفيما بعد أصبحوا يلبسون الجاكيت وهو من نفس قماش الصاية غالباً، وكانت النساء تطرز لأزواجهن والصبايا لعرسانهن قبة من قماش أبيض تغطي قبة الجاكيت وتطرز بخيوط حريرية بيضاء أو ملونة مع محرمة مطرزة من نفس القماس توضع في الجيب الأمامي للجاكيت على الصدر الأيسر بحيث يظهر الجزء المطرز منها خارج الجيب، فكان الشبان يتباهون بذلك.
كما أن بعض أولاد الأغنياء كانوا يلبسون القميص الأبيض ذا الأردان المطرزة بالحرير الأبيض فوق سروال من الجوخ».
وعن لباس رأس الرجال يقول: «كانت الطاقية المشغولة بخيوط الحرير "التنتناة" وفوقها الحطة الحريرية البيضاء أو السوداء وفوقها العقال البريم الأسود الذي كان يثبتها على الرأس، والرجال يحتذون في أرجلهم أحذية متنوعة كالخف، الشاروخ، المداس، البابوج، الكندرة، الجزمة والزربول».
لكل فئة عمرية كانت لها لباسها المخصص وعن لباص الصغار يحدثنا السيد "منير محمد" من القرى المجاورة ليبرود فيقول: «"يبرود" معروفها بتراثها الفكري والاجتماعي الكبير، وبالنسبة للباس الصغار فكان عبارة عن قميص من الخام الأبيض وتحته سروال أيضاً من الخام الأبيض وفوقه القنباز وهو من القماش القطني أو الكتاني أو اليمني المخطط يصل أعلى الكاحلين ويفتح على الصدر بأزرار وله جيبان في الوسط وجيب صغير على الصدر الأيسر ويحتذي الأطفال في أرجلهم أحذية تدعى الشواريخ التي تصنع محلياً وذات الوجه الجلدي والنعل السميك ويكون إما من جلود الجمال أو المطاط، وعندما يهترئ قنباز أحد الأطفال كانت والدته تقص أكمامه من وسطهما وجزءاً من أسفله فيصبح شنتياناً يلبسه الصغار تحت القنبار الخارجي وخاصة في فصل الشتاء».