لوقعها سحر على النفوس يجسده بريقها الأخاذ وقدرتها على لفت الأنظار لما تتمتع به من أزلية وندرة، وحدها الأحجار الكريمة القادرة على ملء المكان الذي لم يستطع إغواء الذهب أن يضاهيه.

هنا بالقرب من الجامع الأموي حيث يتمازج عبق الماضي بندرة الأحجار، يوجد العديد من محلات بيع الأحجار الكريمة، يتكلم عن المهنة بشغف كجزء من روحه يتمنى لو يطيل الله بعمره ليتعرف على أنواع أخرى من الأحجار الكريمة eSyria التقى السيد "سمير شخاشيرو" الذي بدأ حديثه بالقول:«مهنة الأحجارالكريمة توارثناها عبر الأجيال من الأجداد إلى الآباء ومنا إلى أبنائنا، هي مواد طبيعية تكونت إما في باطن الأرض أو بأعماق البحار كاللؤلؤ والمرجان أو في الأشجار كالكهرمان، لها (3500 نوع) نحن نتعامل بما لا يقل عن الخمسين نوعاً».

بالطبع هنالك تأثير مؤكد ومحقق للأحجار على الإنسان حيث يتم وصف أنواعها وألوانها حسب البرج

وعن الأسماء المعروفة للأحجار الكريمة يتابع "شخاشيرو" من أهمها: «الألماس، الياقوت، السفير، الزمرد، ألكسندر، الجاد، الفيروز، الأكمارينا، الكهرمان، اللؤلؤ، الأمتيست، الأوبال، التوباز، العقيق، وأهم ما يميز حجراً كريماً عن آخر: المتانة، الندرة، اللون، الصلابة، والنقاء الذي يختص به الألماس».

محمد العصيري" رئيس "جمعية هواة الفلك السورية

أما المعايير التي يخضع لها الحجر للحكم عليه إذا كان كريماً أم لا أكد "شخاشيرو": «أننا لا نعتمد على العلم في هذا الأمر، والمعايير لدينا تخضع للخبرة والممارسة والتجربة فعمري سبعين سنة ولديّ من الخبرة خمس وأربعون سنة أستطيع من خلالها أن أحكم فيما إذا كان الحجر بودرة، بلاستيك، طبخ، أو حجر طبيعي نقي، حتى عمر الحجر، وبالنسبة لكمية الشوائب التي يتضمنها الحجر نعتمد في تقييسها على العين المجردة بواسطة المنظار بالإضافة للقيراط الذي هو وحدة قياس الأحجار الكريمة ويساوي 1.5 غرام، والآن هنالك أجهزة تستطيع كشف الحجر الكريم من الحجر العادي».

وعن الأماكن التي يتم منها اقتناء الأحجار تابع "شخاشيرو": «هنا بسورية ليس لدينا أي نوع من الأحجار الكريمة نحن نعتمد بشكل مطلق على الإستيراد من كل أنحاء العالم تقريباً 90% من البرازيل التي تتمتع بوجود 3000 نوع بأراضيها، العقيق اليمني، اليسر والفيروز من مصر كذلك الفيروز الإيراني وهو من انقى الأنواع وأصفاها حيث يصل سعر الغرام إلى 500 ل.س».

محل السيد سمير شخاشيرو

وعن مراحل تصنيع الأحجار الكريمة حدثنا قائلاً: «تصنيعها يشبه طريقة صنع المصاغ الذهبي والفضي، وهنالك معامل خاصة تحتوي كسارات وماكينات يتم بها صقل الحجر، وغالباً نحن لا نتدخل بهذه التفاصيل فقط نعطي صاحب المعمل نوع الحجر المطلوب، والقياسات، ومن ثم ندخل لها أشياء فضية بالاعتماد على العمل اليدوي».

وعن الصعوبات التي تواجه هذه المهنة قال "سمير شخاشيرو": «لا يوجد إقبال كثير من الشعب السوري على شراء الأحجار الكريمة لغلاء أسعارها فقد يصل سعر غرام المرجان الأصلي إلى 400 ل.س ولذلك لا يوجد تطور بأشكالها وإمكانية التفنن بها على عكس السائح الأجنبي الذي يمتلك الخبرة والمعرفة الكافية بأنواع الأحجار ويقدر قيمة العمل اليدوي فنحن لا يمكن أن نعتمد بشكل أساسي على السياحة وإنما نعتمد على (ابن البلد)».

الحجر النيزكي

وتجدر الاشارة إلى أن الكتب والروايات والأساطير تطالعنا بأن للأحجارالكريمة تأثير لا يمكن إغفاله على الإنسان، وذلك تبعاً لميزاتها، حيث تم استخدامها كما اتفق المنجمون في الطب الروحاني، وعن التفاصيل في هذا الموضوع أكد "شخاشيرو": «بالطبع هنالك تأثير مؤكد ومحقق للأحجار على الإنسان حيث يتم وصف أنواعها وألوانها حسب البرج».

الأستاذ "محمد العصيري" رئيس "جمعية هواة الفلك السورية" كان له رأي مختلف مؤكداً أن مقولة "الأحجار الكريمة ترسل ذبذبات تؤثر على صحة الإنسان وتساهم بشفائه" لا أساس لها من الصحة، وبالنسبة للذبذبات التي ترسلها بعض الأحجار فهي لا تدخل بالمجال الكهرطيسي للإنسان، لأنه يمتلك هالة بسبب حركة الشحنات حول جسمه وهذا متفق عليه علمياً، وبالنسبة للأحجار الكريمة والأبراج ما هي إلا محاولة للسيطرة على التفكير، والهدف منها التأثير على الإنسان باستغلال ندرة الحجر الكريم وصفائه وصعوبة استخراجه، والأحجار غير مشهورة بالغرب كشهرتها لدينا (العرب) فاهتمامهم ناتج عن قيمتها المادية والشعب الغربي هو شعب مادي والمشهور لديهم من الأحجار (اللؤلؤ، والماس الذي يستخدم لتقطيع بعض المعادن الصلبة، للحفر، واستخراج النفط، إذن له فوائد تقنية على خلاف العقيق الذي ليس له فوائد وبالتالي غير معروف لديهم».

ويضيف السيد "العصيري": «وإذا كنا نولي هذه الأهمية للأحجار الكريمة فهنالك حجر أغلى بكثير من الأحجار الكريمة وثمنه باهظ هو "الحجر النيزكي" فالغرامات منه قد تصل إلى آلاف الدولارات ومصدره الفضاء الخارجي من خارج الغلاف الجوي فالأولى بنا أن نتأثر بهذا الحجر القادم من الفضاء الخارجي».

وعن ربط الأحجار بالأبراج تابع "العصيري": «هنالك دراسة ربطت كل حجر بكوكب مثلا "التوباز" يتجاوب مع كوكب المشتري ويستخدم لعلاج الأزمات الصدرية وجميع أنواع الحلق، هذه المقولة غير دقيقة وذلك لأن ربط بعض الأحجار بكوكب غازي غير منطقي، من مبدأ أن هذا الكوكب له فترات يظهر بها بالسماء وفترات لا يظهر وقد يظهر بسورية مثلاً ولا يظهر بالمغرب في حين أن الحجر موجود بكل أنحاء العالم، وكوكب المشتري بعيد جداً عن الأرض وهو ليس مثل الشمس له تأثير كهربائي أو إشعاعي بل يعكس ضوء الشمس وهو كوكب جامد والذي يريد أن يشاهد المشتري يجب أن يخرج للبرد، والنزلات الصدرية تحتاج للدفء، فعلى أي أساس علمي يتم ربط الحجر بهذا المرض؟».

ويتابع الأستاذ "العصيري": «وكذلك الامر بالنسبة لمقولة إن الزمرد الذي يتجاوب مع الأشعة الكونية ذات اللون الأخضر يساهم بعلاج التوتر والقلق، الإشعاعات لا تصل إلى الأرض لأن الغلاف الجوي يمتصها ويمنع وصولها إلى الأرض، مع العلم ان الأشعة الكونية غير ملونة! ولكن قد يكون لون الحجر الأخضر مساهم فعال في علاج التوتر وهنا الموضوع يكون عبارة عن ربط الألوان بحالات نفسية تحدث للإنسان وهذا التأثير علمي وموثوق بنتائجه، ولهذا باعتقادي لا أساس لمقولة تأثير الأحجار الكريمة على الإنسان بناء على طبيعتها البنيوية.