«الفن بشكل عام يشمل الأدب والموسيقا والشعر والفن هو روح الحياة، فالناس عندما تهتم بالفن تكون قد اهتمت بروح الحياة وبالتالي ينتج عن ذلك شعب ومجتمع يتصف بالرقي، وإذا ابتعد عن الفن يكون ابتعد عن جمال الحياة وبقي لهم الاهتمام بالقشور فقط...

وأريد هنا أن أتكلم عن هذه الروح التي خلقها الله منه، وبالتالي كل إنسان يحمل روح الله وبالتالي هذه الروح خيرة ولها علاقة بكل شيء جمالي وخيّر وطيّب».

الموهبة تأتي مع الإنسان، وأنا جاءت معي موهبة الرسم منذ طفولتي وقبل دخولي للمدرسة واستمريت من خلال تشجيع الأهل والمعلمين في المدرسة والأصدقاء وبدأت أعمل على تنمية هذه الموهبة التي أخذت تزيد معي يوماً بعد يوم فأصبحت جزء مني ومن حياتي

كانت هذه الكلمات بداية حديثنا مع الرسام "إبراهيم سلامة" الذي التقاه موقع eHoms في مرسمه الخاص، وعن بداياته في الرسم قال:

لوحة مرسومة بالطين

«الموهبة تأتي مع الإنسان، وأنا جاءت معي موهبة الرسم منذ طفولتي وقبل دخولي للمدرسة واستمريت من خلال تشجيع الأهل والمعلمين في المدرسة والأصدقاء وبدأت أعمل على تنمية هذه الموهبة التي أخذت تزيد معي يوماً بعد يوم فأصبحت جزء مني ومن حياتي».

يضيف "سلامة": «ومن خلال المطالعة والقراءات للفنانين العالميين والعرب والبحث بين الكتب استطعت أن أصقل هذه الموهبة وأزيد من عملية الإبداع فيها، فالفن يعكس شخصية الإنسان وأي عمل فني يعكس شيئاً من شخصية الفنان لأن الإحساس الداخلي سيتفاعل مع هذا العمل وبالتالي الفن جزء من شخصية الإنسان.

بالألوان الزيتية

ومن خلال حياتي وتجربتي ولقاءاتي مع الناس بأي مجال كان سواء في العمل أو في الشارع أو السوق فمسيرة الحياة هذه تعكس لدي إسقاطات تتكون في ذاكرتي نظرة معينة تتراكم مع الزمن، وبالتالي يصبح هناك مخزون عبر السنين وهنا يبدأ الخيال بفرز هذا المخزون الموجود فيكون مساعداً قوياً للشيء الذي أريد رسمه، فعلى سبيل المثال رؤية طفل يوجد بداخله نظرة حزن أو حنان الأم أو هموم الناس أو بؤس الفلاح في الريف وحياة الشقاء والتعب التي يعانيها، كل ذلك ينغرس في الذاكرة والإحساس ويساعد الفنان على بلورة الفكرة التي يريد إسقاطها على لوحته، فرسالتي في الفن هي تحقيق تحسنٍ في حياة الناس والتعبير عن معاناتهم وأفراحهم من خلال الرسم».

وعن مدارس الرسم التي رسم بها "سلامة" يقول:

حنان الأم

«الرسام يدخل بمدارس الرسم المتنوعة كالرسم الكلاسيكي ثم يصل إلى المدرسة الانطباعية والتي تعتمد على المخزون الذي انطبع عن مشاهد معينة حفظها في ذاكرته، وهناك المدرسة الرمزية والتعبيرية التي تقوم على الترميز بأشكال معينة كالدائرة والمثلث ثم المدرسة الرومانسية التي يضع فيها الفنان إحساسه في اللوحة، ثم التكعيبية التي طوّر فيها "بيكاسو" وهناك السريالية وكل فنان يبحث عن شيء جديد يعطي الفنان إحساساً بالرضى وأنا كفنان مررت بجميع هذه المراحل وأحببت أن أعطي شيئاً جديداً للفن ومن هنا فكرت باستخدام الطين في الرسم.

وبدأت أولاً باستخدام الفحم ثم التلوين الزيتي وأنواع عديدة، وأخيراً وصلت إلى استخدام الطين كمادة للرسم ووجدت نفسي فيها واستخدمتها كمادة لونية وأنا أول شخص استخدم الطين وهي برأيي تعتبر مدرسة جديدة في الرسم ففي عام /2007/ كنت أفكر بأن يكون هناك شيء مميز وفكرت بمواضيع كقصص القرآن الكريم منها قصة سيدنا "آدم وحواء" والنبي "يوسف عليه السلام" و"أهل الكهف" فهكذا قصص تعيش في الخيال ونتصورها بطرق معينة وبألوان مختلفة عن الواقع، وأنا بصدد التفكير بعمل معرض كامل للوحات تجسد قصة النبي "يوسف عليه السلام" وبدأت بلوحة واحدة كتجربة ولأجد مادة تعطي تعبيراً صادقاً عن المرحلة التي حدثت فيها القصة وجدت أقرب شيء لها "الطين" وبحكم تواجد مرسمي أمام حديقة خطر لي استخدام الطين فأحضرت بعض التراب وأضفت مادة الغراء والمياه وبدأت أرسم على القماش ولتفادي مشكلة اللون استخدمت أكثر من نوع من الطين فهناك الطين الأبيض والأحمر والأسود، وهذا يساعد في إبراز الظل والاختلاف في أجزاء اللوحة، وأنا أحاول ترسيخ هذا النوع من الرسم ليصبح جزءاً أساسياً في الرسم».

يتابع "سلامة" حديثه لنا عن تجربته في الرسم بالطين قائلاً: «وما يميز استخدام الطين قوته ومتانته على اللوحة، فمادة الطين بعد أن نضيف إليها الغراء تصبح قوية جداً ورسمها على القماش يمنحها هذه القوة من خلال تخلل الطين في نسيج القماش حيث يصبح جزءاً لا يتجزأ منه وأعتقد بقدرتها على البقاء لمئات السنين، فعندما أتعامل مع الطين أحس بوجود روح في هذه المادة فالإنسان خلق من هذا الطين وبالتالي أصبح هناك تفاعل بيني وبين الطين».

وعن الاهتمام بالرسم بالطين يقول "سلامة": «أنا متفرغ للرسم بالطين فهي تأخذ معظم وقتي وأستطيع أن أرسي قواعد هذا النوع من الرسم لكي تصبح مدرسة من مدارس الرسم، وأنا وجدت أن العمل بالطين أسهل من الزيتي، وبالنسبة لوقت العمل تحتاج لأكثر من وجه وأكثر من جلسة فالوجه الأول يبقى فيه ثغرات فيحتاج إلى إعادة ونتيجة الحب والمتعة أستمر بالعمل حتى أنتهي من اللوحة وأيضاً تصبح المواد متجانسة فالطين سريع الجفاف لذلك أحرص على إنهاء اللوحة بسرعة».

وختاماً عن مشاركاته الفنية يخبرنا "سلامة" لدي مشاركات فردية عديدة فلي أربعة معارض، ثلاثة منها في "حمص" وواحد في "الرقة" بالإضافة إلى المشاركات الجماعية.

وعن المرجعية الثقافية للغة الطين التي يحاول الفنان "إبراهيم سلامة" إنطاقها التقينا بالناقد "محمد عمر دريوس" الذي قال:

«الطين مادة حساسة جداً وليست كما يعرف عنها بأنها صامتة ودرجة حساسيتها تكمن في كيفية التعامل معها وإنطاقها لتعبر عن الفكرة أو القصة المستوحاة منها والفنان "إبراهيم" أبدع في التعامل مع هذه المادة وترك لها حيز الحديث عما يجول في خاطره فتراه يجسد عالما متكاملا تخبرنا به لوحاته وتدع لخيالنا مساحة كبيرة من التأمل والتفكير».

يذكر أن الرسام "إبراهيم سلامة" من مواليد /1954/ ومن سكان مدينة "حمص" عمل موظفاً حكومياً لثلاثين عاماً ومن ثم تفرغ للرسم، ليكون أول من ابتكر طريقة الرسم بالطين.