مشاريع مستمرة يعمل عليها مجلس مدينة "حلب" خلال الفترة الماضية والتي لاحظها الكثيرون من خلال تجوالهم ضمن المدينة من تأهيل شوارع أو إنشاء أنفاق وجسور، أو تحديث البنية التحتية لبعض المناطق. ولعل المشروع الأكبر حاليا لمجلس المدينة هو مشروع كشف المجرى المائي لنهر "قويق" في منطقتي "العزيزية" و"الفيلات"، إضافة إلى إنشاء نفقين في منطقة "جامع التوحيد" و"جسر تشرين". هذا المشروع الكبير والذي سوف ينتهي بشكل كامل مطلع العام /2011/ يعتبر واحدا من أكبر وأهم المشاريع التي قام بها مجلس المدينة إضافة لما له من فوائد سياحية وجمالية في الوقت الذي سوف يوفر على خزينة المجلس ملايين الليرات التي كانت تصرف جراء أعمال الصيانة والترميم للمسطحات التي تم وضعها كسقف للنهر في الماضي.
وللوقوف على حقيقة هذه المشاريع ومعرفة كافة تفاصيلها وأبعادها، التقينا في البداية مع المهندسة المعمارية "حسناء خوام" رئيسة دائرة التنظيم العمراني في مجلس مدينة "حلب" والتي قالت لنا:
أصبحت المنطقة منطقة سياحية وجاءتنا عروض سعرية كبير لبيع المنزل إلا أننا لن نقوم ببيعه أبدا
«جاءت الفكرة من كشف النهر بعد انتهاء مشروع "سقوط الشلالات" عند منطقة "المسلمية" خصوصا وأن حجم التدفق المائي للنهر أصبح أكبر وأصبح من الممكن كشف مجرى النهر. من هنا انطلقت الفكرة والتي ستتم حاليا على مرحلتين الأولى تشمل كشف سطح النهر من منطقة دوار جامع "التوحيد" حتى الحديقة العامة والتي بدأ العمل بها مع أواخر شهر أيلول 2009 وانتهت مع نهاية العام المنصرم لتبدأ بعدها المرحلة الثانية والتي تبدأ من دور الجامع مرورا بمنطقة الفيلات لتنتهي عند دوار المشتل الزراعي».
وتضيف بأن المشروع جاء كدراسة في البداية من قبل مؤسسة "الأغا خان" والتي قدمت فكرة المشروع لتقوم لجنة فنية من المجلس بالاطلاع عليها حيث تمثلت فكرة مجلس المدينة في إيجاد مياه تسير ضمن مدينة "حلب" خصوصا في المنطقة التي تحتوي المقاهي على أطرافها بحيث تعطي للمنطقة طابعا جماليا وسياحيا مميزا.
بعد الاطلاع على الدراسات والفكرة، انتقلنا إلى موقع المشروع لنلتقي السيد "سنحاريب عنتر" المهندس المسؤول عن تنفيذ المشروع، مدير مديرية خدمات مركز المدينة والذي قال لنا:
«تم اتخاذ قرار بالإجماع على كشف نهر "قويق" لعدة مبررات منها أن النهر يكلف مجلس المدينة ملايين الليرات سنويا والناتجة عن صيانة سقف الجسور الحاملة والتي بدأت تهترئ لينكشف الحديد الذي بداخلها، كما أن الأبخرة الصاعدة من النهر أدت إلى تفتيت طبقة البيتون لهذه الجسور. أما المبرر الثاني والهام فكان جماليا على اعتبار أن النهر عاد ليجري بشكل طبيعي وعاد إلى الحياة وبالتالي فمن حق أي مواطن في مدينة "حلب" أن يتمتع بمنظر المياه خصوصا وأن المنطقة هي محور سياحي واقتصادي مهم».
ويضيف بأنه كان هناك في الماضي العديد من الأسباب الموجبة التي دفعت مجلس المدينة السابق لتغطية مجرى النهر، أما حاليا فقد ظهرت أيضا أسباب موجبة دفعت بالمجلس الحالي لكشف المجرى حيث يتابع قائلا:
«إن الجهة المنفذة لهذا المشروع هي مؤسسة الإسكان العسكري، أما الجهة المشرفة فهي مديرية "خدمات مركز المدينة" تحت إشرافي أنا. بالنسبة للعمل فهو يجري على مرحلتين وقد بدأنا حاليا بالمرحلة الثانية الممتدة من جامع "التوحيد" حتى دوار المشتل الزراعي. كما أود أن أضيف بأن المشروع التالي القادم بعد هذا المشروع هو كشف مجرى النهر في ساحة "سعد الله الجابري" عن طريق كشف الجسور القديمة التي كانت موجودة سابقا على مجرى النهر، كما سيكون هناك مشاريع أخرى ستجري على امتداده لاحقا».
ويضيف بأن المشروع بدأ بتاريخ 29/9/2009 حيث تم إنهاء المرحلة الأولى منه ضمن مدة زمنية قياسية تم فيها كشف ما يقارب من /520/ متر طول من أصل /1800/ متر من المفترض كشفها وهي كامل المجرى من الحديقة العامة إلى حديقة المشتل حيث يضيف قائلا:
«هو عمل هندسي دقيق وذلك بسبب أن الهدم يحتاج إلى الدقة الكبيرة على اعتبار أن الأسقف أبعادها كبيرة. ما قمنا به هو قصها إلى أبعاد أصغر وإزالتها بدون عرقلة السير وبدون وجود حوادث والحمد لله. وقد تم إزالتها بشكل قياسي مع معدل عمل بلغ /12/ ساعة يوميا بدون توقف. بعد عملية الكشف، بدأنا بعملية ترميم الحجر السابق والتي انتهت مع نهاية العام /2010/ وما تبقى هو تأهيل الشوارع المتاخمة للنهر من إنارة وتجميل وإلغاء للشبكات الهوائية وتحويلها إلى أرضية والاتفاق مع الجهات الخدمية الأخرى من هاتف وكهرباء لتنفيذ مشاريعها المستقبلية في نفس الفترة التي نقوم فيها بعملية الكشف عن مجرى النهر».
ويضيف بأن الهدف من هذا المشروع هو إعادة النهر لطبيعته السابقة حيث سيتم إعادة السور الحجري مثلما كان سابقا وصيانة أرضية القناة مع وضع طبقات عزل وعمل مصبات معامدة للقناة على شكل سنام الجمل لتعطي حركة موجية جمالية للنهر ومنع ترسبات المياه ضمنه إضافة إلى رفعها لمنسوب المياه ليصبح بعرض 14 م وارتفاع متر ونصف.
«لا يوجد مشاريع استثمارية على جانبي النهر، كما أنه لن تكون هناك أي ضرائب أو رسوم مقابل التحسين الأمر الذي تم تحديده والتحدث عنه ضمن الاجتماع الذي جرى قبل المشروع، إنما في الوقت ذاته سيتم جباية الرسوم العادية "الفرائض" التي تؤخذ بشكل عام لدى القيام بأي مشروع خدمي داخل مدينة "حلب"».
أما بالنسبة له على الصعيد الشخصي فيقول السيد المهندس "عنتر" أن هذا القرار لم يكن منصفا لمجلس المدينة! وقد برر السبب في أن أسعار المنازل والعقارات ارتفع ثمنها بشكل كبير بسبب هذا المشروع الخدمي وبالتالي فإن استحصال رسم صغير مقابل تجميل النهر لن يكون بذات مشكلة خصوصا مع زيادة أسعار بعض المنازل والمحلات لما يصل إلى عشرة ملايين ليرة سورية زيادة على سعرها الأصلي!
«هي عملية تحسين أفادت سكان المنطقة جماليا وبيئيا، ولو تم المشروع في دولة أخرى لكان هناك رسوم على السكان خصوصا وأن المشروع كبير وسيكلف مثلا في المرحلة الأولى لوحدها مبلغ /200/ مليون ليرة سورية. كان هناك الكثير من الأمور كان من الممكن القيام بها إلا أن محدودية الميزانية منعتنا من القيام بها، ويا حبذا لو كان المواطن مساهما معنا خصوصا انه هو المستفيد الأول والأخير من تجميل منطقته».
ويضيف بأنه ستتواجد جسور تصل بين طرفي النهر وبمعدل جسر كل مئة متر تقريبا بحيث تسهل على المواطنين الانتقال من طرف إلى أخر بدون الحاجة للمسير الطويل
أما سكان المنطقة، فقد استبشروا فرحا بالمشروع المميز هذا حيث قال لنا الشاب "ليون شدياق" أحد سكان المنطقة عن رأيه في هذا المشروع:
«أسكن في منطقة "حي العروبة" المطلة على النهر منذ ستة عشر عاما تقريبا. عندما سمعت أنا وعائلتي بالفكرة للمرة الأولى والتي كانت تتحدث عن فكرة تجميل النهر وإقامة مطاعم على طول النهر مع تجميل المنطقة بشكل عام، تخوفنا من الفكرة ومن المطاعم ومن حدوث بلبلة ولكن بعدما عرفنا تفاصيل المشروع بشكل كامل وهدفه الخدمي بشكل دقيق أحببناه جدا».
ويضيف بأن المشروع هو عمل رائع أدى لأن تصبح المنطقة سياحية أكثر حيث يعلق على هذه النقطة بالقول:
«أصبحت المنطقة منطقة سياحية وجاءتنا عروض سعرية كبير لبيع المنزل إلا أننا لن نقوم ببيعه أبدا».
وقد بدأ مجلس المدينة مؤخرا بمشروع إقامة أنفاق عند منطقة جامع التوحيد لتسهيل حركة المرور بالتزامن مع العمليات التي تتم حول النهر حيث يقول في تصريح خاص بموقع "eSyria" الدكتور المهندس "معن الشبلي" رئيس مجلس مدينة "حلب" عن هذا الموضوع:
«سيتم إقامة نفق ضمن منطقة جامع التوحيد بدون وجود جسر على اعتبار أن المنطقة تقع في مركز المدينة والتوجه أن يتم في مركز المدينة إقامة أنفاق فقط دون إقامة جسور. وبعد قيام السيد الرئيس بتدشين مشروع جر المياه من نهر الفرات إلى نهر "قويق"، تم كشف النهر وتنفيذ مشروع تأهيل وتجميل مجرى النهر وتأهيل وتجميل الشوارع المحيطة به وذلك خلال الفترة الماضية».
ويضيف بأن العملية تزامنت مع إعداد دراسة مرورية من قبل المجلس تتحدث عن إنشاء نفقين عند دوار "جامع التوحيد" حيث يتابع بالقول:
«نحاول القيام بإنشاء هذه الأنفاق بوتيرة عمل سريعة جدا، وأنا حريص على القيام بمتابعة يومية لهذا المشروع مع محاولة تقليل أيام قطع السير في المنطقة في الوقت ذاته».
ويختم بالقول بأن هناك دراسة أخرى يجري العمل عليها حاليا تقوم على إنشاء نفق يصل ما بين مستديرة "جامع التوحيد" وما بين "جسر 16 تشرين" ما سيؤدي لتخفيف حدة الازدحام بشكل ملحوظ في تلك المنطقة حيث يختم بالقول:
«لا يوجد حاليا موعد محدد لانتهاء أعمال إنشاء النفق على اعتبار أن الجهة المنفذة تقوم بإعداد الدراسة بحيث نتمكن من القيام بإنشاء الأنفاق في ذات الفترة لتفادي القيام بعملية قطع للسير لفترة مستقبلا، وكل ما أتمناه من سكان المدينة هو تحمل هذه الحفريات لحين الانتهاء من إنشاء النفق».
ويختم بالقول إنه تم إجراء الدراسة المرورية اللازمة الخاصة بالمشروع وعرضها على الجهات المختصة لتصديقها تميدا للعمل بها خلال فترة إنشاء هذه الأنفاق.
عاد شريان مدينة "حلب" للحياة حيث يمثل وجود النهر في أي مدينة "شريان الحياة" فيها الأمر الذي أدركه مجلس المدينة مليا حيث قام بهذا المشروع الكبير والمميز والذي من المقرر أن ينتهي خلال العام القادم2011.