"البيلون" نوع من تراب الأرض يستخدم لتنعيم الشعر وأمراض الجلد، هذا التراب كان في يوم من الأيام -قبل أن يأتي إلينا الغرب بطرق كثيرة ومعقدة لصناعة المطريات والمسبلات- كان الشامبو الأكثر شعبية على الاطلاق!
eSyria التقى السيد "يوسف برو" صاحب أحد الدكاكين الصغيرة في حي من أحياء "حلب" القديمة والذي يسمى "جب القبة"، حيث يتواجد عنده البيلون بشكل مستمر: «البيلون نوع من أنواع التربة يتراوح لونها بين الرمادي والأحمر، ويستخرج من مناطق معينة في "ريف حلب"، وهناك ضيعة مشهورة به واسمها "بيلون" ونحن نتاجر به منذ زمن طويل، حيث كان يطلب بشكل مستمر من النسوة، وكان سعر الكيلو الواحد لا يتجاوز الخمس ليرات، أمّا الآن فقد انحصر استعماله على المعمرات، لأنّ -بنات اليوم- أصبحن يطلبن المنتجات المتطورة من منظفات الشعر».
المؤسف أنّ طلب البيلون قد قلّ في السنوات الأخيرة بسبب ظهور أنواع وأصناف كثيرة من المنظفات والتي برأي أنّ فيها المضر أكثر من النافع، والدليل على ذلك أن هناك الكثير من الشركات المنتجة بدأت الآن بإنتاج أصناف من الشامبو تحتوي على البيلون
ويتابع السيد "برو" متحدثا عن الفوائد الكثيرة للبيلون: «يقول الله تعالى "وخلق الإنسان من طين"، وهذه الآية تدلنا بشكل كبير على أنّ للبيلون فوائد كبيرة يقدمها لجسم الإنسان، بالإضافة إلى أنّه متواجد أصلا بين يدي الطبيعة، وهناك أطباء كثر يأتون إليّ من مناطق معروفة في "حلب" مثل "السليمانية" و"الفرقان" ليأخذوا كمية من البيلون، نظرا لأنّه يقدم فوائد كبيرة للشعر ويعمل على تنعيمه وتسبيله، ويستخدم للشعر الدهني والجاف، بالإضافة الى أنّه يطري الجلد، وهناك أشخاص يطلبون البيلون كوصفة طبية من أطباء الجلدية، حيث يستخدم بشكل خاص للحساسية الجلدية الناجمة عن تناول الأدوية، كما أنّه مزيل للتجاعيد والكلف، وبرأيي لا غرابة في أن يكون للبيلون هذه الفوائد الكبيرة لأنّ الله عز وجل خلقنا من طين، ويقول الإمام "الإنطاكي" بأن للبيلون والذي اسماه -التراب الحلبي- فوائد كثيرة في معالجة ترهلات البطن، والنقرس والأورام الجلدية».
وللوقوف على الفارق بين الأمس واليوم يقول السيد "برو": «المؤسف أنّ طلب البيلون قد قلّ في السنوات الأخيرة بسبب ظهور أنواع وأصناف كثيرة من المنظفات والتي برأي أنّ فيها المضر أكثر من النافع، والدليل على ذلك أن هناك الكثير من الشركات المنتجة بدأت الآن بإنتاج أصناف من الشامبو تحتوي على البيلون».
ويتابع السيد "برو" عن استخدام البيلون في القرون الماضية: «أنا أعمل في هذا المحل من أواخر السبعينات حيث كان عمري لا يتجاوز الثمان سنوات، وقد ورثته هذا العمل بعد وفاة والدي، ولذلك أشعر بالأسف لأنني أجد أن البيلون -هذه التربة التي كانت في يوم ما المنظف المفضل عند الناس- قد أصبح اليوم من النوادر، وأذكر تماما كيف كانت عادات النساء في أخذ البيلون معهن الى الحمامات الكبيرة، حيث كانت هناك أوقات محددة لا يمكن الاستغناء فيها عنه في الحمام كحمام العرائس وقبل الذهاب الى الحج، وعند بداية الشتاء والصيف، وكذلك الرجال حيث كانوا يستخدمونه في حمام الأسبوع والذي كان تقليدا ملازما للرجال كل أسبوع، وكذلك في حمام العريس، وتحدث معي الكثير من الطرائف حيث يطلب البيلون بشكل كبير للحوامل اللاتي يشتهين رائحة التراب، فبمجرد وقوف امرأة حامل أمام الدكان أعلم بأنها تريد شراء البيلون، والطريف أن بعضهن يطلبن كمية صغيرة في كف اليد لشمّه فقط ».
وللبيلون طريقة استخدام بسيطة جدا يتحدث عنها السيد "برو": «يشترى البيلون صلبا ويكون أشبه بالحجارة، وفي الحمام يوضع في إناء فيه ماء مغلي، وبعد عشر دقائق يحرك باليد جيدا ثم يوضع على الرأس والجلد، ويفرك بشكل جيد، وبعد دقائق قليلة يغسل بالماء الفاتر، والشيء الرائع أنّ نتائجه سريعة وفور غسله من على الجسم تظهر النعومة والبرودة».