تعتبر "الحسكة" عصب سورية الحيوي، من حيث الإنتاج الزراعي وخصوصا "الذهب الأبيض" ويعد القطن المنتج في سورية من الأنواع الجيدة ويتربع على المرتبة الثانية بين الأقطان العالمية، الأمر الذي يوفر أرضية جيدة لمعامل الغزل والنسيج، إضافة إلى وجود أيدٍ عاملة بالمحافظة بوفرة، ومع كل هذه المقدرات بقيت شركة الغزل في "الحسكة" من الشركات الخاسرة، إلا أن الأمور بدأت بالتحسن تدريجياً.

***بداية نصف موفقة:

موقع eHasakeh التقى المهندس"سفيان طه" مدير الشركة...

إنه من أنشط العمال في الوردية، وكان يعمل بلا كلل إلى أن أصيب في العمل

«تعد الشركة العامة للغزل والنسيج من الشركات الهامة والحيوية بالمحافظة وهي إحدى منجزات الحركة التصحيحية، ومن ثم عادت الشركة للانتعاش بعد إطلاق مسيرة التطوير والتحديث، حيث وضعت الدولة خطة لإعادة تأهيل الشركة فتم استبدال الآلات القديمة على مراحل ابتداءً من عام 2001 ولغاية عام 2008 م».

آخر ما وصل اليه العم جلو

وأضاف قائلاً:

بطلة انتاج

«بدأ التأسيس لهذه الشركة عام 1976 ولكن الإقلاع الفعلي للعمل كان عام 1983م، حيث تم استيراد جميع الآلات من ألمانيا الشرقية إلا أن البداية كانت متعثرة لعدم توفر اليد العاملة، نسبة لحالة الرخاء التي كانت تعيشها المحافظة وهذا النقص خلق نسبة دوران عالية بين العمال، وصلت في بعض الأحيان إلى 400% وفي هذه الأثناء اتجهت الشركة لاستقطاب العمالة من المحافظات الداخلية، لتتمكن من إطلاق المعمل بالطاقة الكاملة، ونظرا لحاجة المعمل إلى استغلال ساعات العمل الأربع والعشرين، تم تطبيق قانون العمل بأربع ورديات والذي يحتاج بدوره إلى 636 عامل إنتاج، بحسب الدراسات المعيارية إلا أن العدد الفعلي المتواجد بالشركة هو 550 عاملا، نظرا لعدم إمكانية تعيين عمال جدد، ولهذا أعدت الشركة دراسة لإعادة تشغيل المعمل بنظام ثلاث ورديات، أي بطاقة 565 عاملا، بنسبة نقص 15 عاملا».

أما بالنسبة لتطوير المعمل، فتحدث "السيد سفيان" طه قائلا :

بعد التنسيق يحولون الى التنظيف

«يحتوي المعمل على ستة أقسام رئيسية وهي :

قسم الفتح والكرد.

قسم السحب والتمشيط.

قسم لف البكر.

قسم البرم.

قسم لف الكون.

قسم الغزل النهائي».

***الضرب بالميت حرام

تم استبدال الآلات كليا بآلات حديثة من مصادر أوربية، باستثناء القسم السادس والذي يعتبر عصب المعمل.

"محمد ميرو" فني إصلاح آلات ورئيس ورشة الغزل النهائي يقول: «إن آلات خط الغزل النهائي من أقدم الآلات في معامل سورية، ومع هذا فنحن نقوم بإصلاح أي عطل إضافة إلى أننا نقوم بإدخال بعض التحسينات على الآلات القديمة لتتواءم مع الخطوط الحديثة».

ويضيف "محمد": «لقد تم إصلاح /20/ آلة منسقة وإدخالها إلى العمل منذ قرابة الشهرين، ولو تم تحديث هذا ستنافس الخيوط التي نصنعها أجود الخيوط في العالم».

ولكن لم ينسَ "محمد" الإشارة إلى نقص الأيدي العاملة في الورشة إضافة إلى نقص الخبرات لدى الموجودين.

*** مخبر لفحص الجودة:

«تم تجهيز المخبر الفيزيائي بالشركة، والذي يعتبر من أحدث المخابر في شركات الغزل في سورية، وهو مزود بأجهزة حديثة منها جهاز (كلاسيمات) لفحص العيوب الخفية، وأجهزة شد وفحص انتظامية، وأجهزة برمات ونمرة، ويقوم المخبر بفحص الأقطان الداخلة إلى الشركة، ويفحص أيضا جميع مراحل العمل بالكامل». والكلام للمخبري "فرهاد يوسف".

أما السيد "محمد عزو" مدير العمل فقال: «إن الشركة تتضمن صالة إنتاج واحدة، بمساحة/55558/م2 تحتوي على 66 آلة غزل نهائي، وتحتوي الآلات على 33000 مردن، بطاقة إنتاجية متاحة تبلغ /4323 / طن في السنة، وتنتج الشركة الخيوط القطنية 100% المسرحة والممشطة، بنمر مختلفة و بمقاسات تتراوح مابين 20 – 24 – 30 - 32 – 36 – 40 نمرة انكليزية، ويراقب الإنتاج ببرامج الكترونية حديثة».

*** "جحا أولى بلحم ثوره":

كما عرج السيد "طه": «إن المعمل كان يضم 79000 مردن، ولكن تم نقل ثلثي الآلات إلى شركة الوليد بـ"حمص"، وهذا بدوره قلص الإنتاج إلى الثلث وقلل من عدد العمال البالغ 1300 عامل، أي إلى الثلث تقريبا».

*** طاقة القدر تفتح أبوابها: ويضيف "طه":

«أما بالنسبة للإنتاج، فالخيوط المنتجة هي ذات مواصفات عالية الجودة، الأمر الذي عزز منافستها بالأسواق المحلية، وهذا الأمر انعكس إيجابا على التسويق حيث تشهد الشركة حاليا انطلاقة جيدة، بعد استبدال آلات لف الكون ما أدى إلى رفع نسبة المبيعات، حيث بلغت مبيعات الشركة خلال شهر تموز 242 طن، في الأسواق المحلية، إضافة إلى 100 طن تم تصديره إلى الجزائر، مقابل 168 طن وهو إنتاج الشركة خلال شهر تموز، وبذلك تكون نسبة المبيعات إلى الإنتاج هي 200% بالإضافة إلى المخازين السابقة، وتم مؤخراً بيع جميع الإنتاج والمخزون إلى مصر، فنحن الآن لم نعد ندخل الإنتاج إلى المخازن بل نقوم بتصديره مباشرة».

***400 مليون و شوية عمال:

وبسؤالنا عن الصعوبات والتحديات التي تواجه الشركة، قال المهندس "سفيان طه": «إنها لا تتعدى تحديث خط إنتاج الغزل النهائي، الذي لا يتمتع بالطاقة الإنتاجية الموازية للأقسام الحديثة، ويكلف هذا الخط في حال تحديثه (400)مليون ليرة سورية، ولكن سيقفز الإنتاج إلى أرقام قياسية، ولكننا نستعيض حاليا بإجراء إصلاحات مكثفة للآلات، إضافة إلى النقص الواضح في عدد الأيدي العاملة».

***سياسة الكيل بمكيالين:

"مصطفى مشعل" عامل تنظيف في قسم "لف الكون" يقول: «عمري /53/ عام لدي /26/ عام من الخدمة، أعمل في هذا القسم الذي يتميز بكثافة الغبار، أعاني من مرض السكري وألم مزمن بالقدمين، وأتقاضى /200/ ل . س كحوافز تشجيعية، علماً أن زملائي في قسم التحضيرات يتقاضون /1700/ ل.س».

ارحموا من في الأرض:

"جلو الياس عباس" يقول: «بتاريخ 1/1/2008م سقطت علي "بالة قطن" تزن /200/ كغ، وتسببت في انفتاق ثلاث فقرات في ظهري، إضافة إلى أني أعاني من مرض السكري، وتم تحويلي من قسم التحميل إلى التنظيف، وأنا لا أستطيع الجلوس فإذا أردت أن ارتاح قليلا، فإني أنبطح على الأرض».

ويقول زملائه"محمود عواد المرعي" و"محمد حمزة الحمزة" و "عبد عبد الله الموسى" عندما يضطجع العم "جلو" نقوم نحن بمساعدته للوقوف، أما الأستاذ "سليمان مراد" رئيس وردية سابق فيشهد بحق العم "جلو" قائلاً: «إنه من أنشط العمال في الوردية، وكان يعمل بلا كلل إلى أن أصيب في العمل».

*** بطلة إنتاج تعاني:

تقول "فاديا عفيف درويش":«أنا بطلة إنتاج بشكل دائم، فأنا لاأتغيب عن العمل ولكني أعاني من قدم الآلات، ونقص العمال الدائم فبدلا من عملي على آلتين، فأنا أعمل على ثلاثة آلات، الأمر الذي ينعكس على عملي».

*** يا سامعين الصوت:

م.مهندس"مازن شرتوح" رئيس وردية يقول: «نحن نبذل جهدا مضاعفا بسبب نقص العمال، وعدم وجود وجوه جديدة في العمل، فالعمال الموجودين كلهم من كبار السن، إضافة إلى أنهم يعانون من الأمراض المزمنة والخطيرة، وهذا ينعكس سلبا على الإنتاج، ويضيف "مازن" كنا نستلم وجبة غذائية يومية، لإننا نعمل لمدة ثماني ساعات متواصلة تحت ظروف صعبة جدا، حيث الهواء المليء بالغبار وبقايا الخيوط، إلا أنه تم إلغاء هذه الوجبة، ومنحها على شكل ادوار، إضافة إلى إلغاء الاختصاص على العاملين الذين تم تعينه بعد عام /1985/م، علما أن من تم تعيينه قبل هذا التاريخ يستفيدون منها لتاريخ اليوم، كما نطالب برفع حوافز قسم التدويرات، لأنه يتقاضى العامل في هذا القسم/385/ل.س بينما يتقاضى زملاؤه في بقية الأقسام/1500/ل.س، ويعزى هذا السبب إلى ضعف الدراسة في المؤسسة العامة للغزل».

***وما نيل المطالب بالتمني:

المهندس "برويز ملا" مدير الإنتاج في الصالة يقول: «نواجه أكبر مشكلة نقص باليد العاملة بنسبة/65/ عاملا على المجموع الكلي، وخصوصا في خط الإنتاج، حيث يوجد /40/ عامل مريض وهم على رأس العمل، الأمر الذي ينعكس سلبا على الإنتاج،ونحن نعمل الآن بطاقة إنتاج تبلغ /11,5/ طن وفي حال تبديل الآلات سيرتفع الرقم إلى /14/ طن يوميا، أي بنسبة 30% على الإنتاج الكلي».

*** يا مرسال المراسيل:

وبالعودة إلى المهندس "سفيان طه" للرد على ما قاله العاملين بخصوص الوجبات الغذائية يقول:« يمنح عمال الإنتاج المباشر وعددهم /200/ عامل وجبات غذائية قيمة الواحدة /30/ ل.س بمجموع /100,000/ ل.س شهريا، والقرار الناظم لهذه المسألة متعلق بالسيد رئيس مجلس الوزراء، علما انه توجد دراسات حاليا لتسجيل جميع العمال في الوجبة الغذائية».

والسؤال الذي يطرح نفسه؟ أليس العدد المرعب للبطالة في المحافظة، أحوج إلى تخفيضه، ألم يئن الأوان ليترجل هؤلاء الفرسان عن صهوات خيولهم، وهل من العدل أن نكون نحن والزمان عليهم، ولو عاد ثلثي المعمل الذي نقل إلى حمص إلى مسقط رأسه في الحسكة، أليس ذلك اقرب للتقوى؟؟؟؟ أم انك أسمعت إذ ناديت حياً!