«يعتبر الوشم رمزاً معيناً، لقناعة أو لفكرة عند بعض الشباب والفتيات، وزيادة للجمال والإثارة والفتنة عند البعض الآخر». بحسب كلام السيدة "هيفاء الصوان" مدرسة لمادة الفنون في ثانوية "سعسع"، في حديث لموقع eQunaytra، وأضافت:

«تنتشر ظاهرة الوشم بين صفوف الفتيات والشباب، حتى بات الجسد مسرحاً للكثير من الرموز والأشكال، ذات الدلالات الخاصة والغامضة في بعض الأحيان، مثل ما بات يعرف اليوم "زواج الوشم"، الذي بات منتشراً في مجتمعنا الشرقي. عرف الوشم كأحد أدوات الزينة عند المرأة، منذ أكثر من 4000 عام مضت، ولا تزال المرأة تزين وجهها بالوشم وبعض أجزاء جسدها، انطلاقا من فكرة جمال الوشم للمرأة، إضافة إلى أنها تتخذ منه تعويذة لإبطال السحر والعين الحاسدة، وعلاجاً لبعض الأمراض.

الوشم صرعة مثل قصات الشعر، وتصاميم الثياب، وهو شيء أراه جميلاً على يد الشاب. رسمت وشماً على ذراعي اليمنى، ولكني كنت مضطراً لإزالته بهدف الالتحاق بإحدى الوظائف، الامر تطلب إجراء اكثر من عملية جراحية باستخدام الليزر، ومع ذلك مازال هناك بعض الآثار على ذراعي

تتنوع الغاية من الوشم والمعنى، باختلاف مكان الرسم على جسد المرأة، مثلاً الوشم النقطة الزرقاء في رأس الأنف، والمثلث المسنمر الأضلاع من الخارج بين الحاجبين، يدعى "حجاب ورف الذبان"، ويقع على جانبي الجبهة، يتمثل بعدة نقاط لها مسافات متساوية. والخط المستقيم الذي ينصف الشفة السفلى يدعى "رثيمه".

مريم السعيد ووشم السيالة

ودك الحواجب يعني "صبغ الحواجب"، أما "الدقة" فهي دائرة وسطها نقطة كالشامة.

وشم السيالة عادة ما يرسم من أسفل الشفة إلى أسفل الذقن. كما عرفت المرأة وشم اليدين، على شكل دوائر تتفرع منها أربعة اتجاهات متعاكسة. وهناك أيضا وشم القدمين ويسمى "دق القفل"، وهو شكل مستطيل طوله 4 سم، ينشطر من طرفيه بشكل رقم 7، وفي داخله نقطة أسفل كعب الأرجل. وهناك نوع من الوشم يسمى تسبيدة السيدة "فاطمة الزهراء"، وتشم المرأة ذقنها بهذا الوشم.

رسم الوشم علي الساعد

يشير السيد "فيصل المفلح" مدير الثقافة السابق في محافظة "القنيطرة" إلى موضوع الوشم فيقول: «بالعودة إلى تاريخ الوشم وجذوره التاريخية، نجد أنه عرف منذ آلاف السنين، واستخدمته الشعوب القديمة لعدة أغراض. فقد ارتبط الوشم بالديانات الوثنية، التي انتشرت شرقاً وغرباً كحامل لرموز آلهتها، كما استخدم ضد العين والحسد والأرواح الشريرة، للحماية من السحر والشعوذة حسب اعتقادهم. عرف العرب الوشم واستخدموه وسيلة للزينة والجمال ورمزاً للتميز في الانتماء إلى القبيلة. أما المصريون القدماء فاستخدموا الوشم علاجاً في الفترة بين عامي 4000 – 2000 قبل الميلاد، للحماية من الحسد. الوشم هو عبارة عن غرز الإبرة الصينية في الجلد، مع غرز رأس الإبرة بالحبر الصيني والفحم المسحوق المذاب بالماء، والهباب وبرادة الحديد، بعد تجفيفها تحت أشعة الشمس، حيث تحرق وتحول إلى رماد، إضافة إلى النيل الأزرق بعد أن يخلط مع القماش المحروق والحليب والماء».

اكتسب الوشم اليوم اسماً جديداً هو "التاتو"، وله أغراض مختلفة وغايات متعددة. بحسب رأي السيدة "رولا الخطيب" وهي صاحبة محل لتجميل السيدات في بلدة "سعسع" والتي أضافت: «تختلف رغبة رسم الوشم أو التاتو وشكله من فتاة إلى أخرى، كل فتاة تفضل شكلاً أو رمزاً له معنى أو غاية، فالنسر مثلا يرمز إلى القوة النفسية والحرب، والمرساة ترمز للخلاص والأمان، في حين ترمز الخوذة إلى الأفكار المكبوتة، أما الوشم الذي يأخذ شكل القط، فيرمز إلى السحر وسوء الطالع. الوشم إذا وضع على جسد الفتاة يعطيها إثارة وفتنة وجمالاً اكثر، ولم يقتصر على المرأة فحسب، بل تعداه إلى الرجال أيضا، فنجد الكثير من الشباب يشمون أيديهم وخاصة العضلات. يتراوح سعر الوشم بحسب شكله واتساعه في الجسم، ودقة الوشم وزخرفته».

"حسن علي" شاب في مقتبل العمر، عشق في فترة المراهقة، فأحب تجسيد هذا الحب بالوشم على يده، يقول: «الوشم صرعة مثل قصات الشعر، وتصاميم الثياب، وهو شيء أراه جميلاً على يد الشاب. رسمت وشماً على ذراعي اليمنى، ولكني كنت مضطراً لإزالته بهدف الالتحاق بإحدى الوظائف، الامر تطلب إجراء اكثر من عملية جراحية باستخدام الليزر، ومع ذلك مازال هناك بعض الآثار على ذراعي».

الحاجة "مريم السعيد" في العقد السادس من عمرها من قرية "الشوكتلية"، تصف الوشم بالرمز والدلالة على الانتساب إلى العشيرة أو القبيلة أو العائلة، وتضيف: «عرفت الوشم في سن الشباب، وهي عادة تتبعها معظم الفتيات في القرية. على أيامنا كانت الفتيات يرسمن الوشم على وجوههن وعلى الأيادي، بأشكال ورموز لها دلالتها ومعانيها، تختلف من سيدة أو فتاة إلى أخرى. رسمت على وجهي اكثر من رسم ووشم، مثل السيالة والنقط الزرقاء على اليدين وفوق الحاجبين، وهي من اكثر الأشكال التي سادت بين فتيات العشيرة. حيث كان موضع فخر لنا يعطي صاحبته خصوصية وتميزاً عن فتيات القرية».