"الكمون" "عصير الورد" "البابونج" "اليانسون" "الشاي الأخضر" "أكليل الجبل" "الكركديه"...وغيرها من المشروبات الشامية التي اعتاد عليها أجدادنا بالأمس، كأنواع تلون صباحاتهم وأمسياتهم، وكأدوات طبيعية موثوقة تقيهم أو تعالجهم من أمراض عدة على حد سواء، منها ماهو معروف بالنسبة لنا –نحن الجيل الشاب- ومنها ما هو غير معروف، ولعل ما حفزنا على الخوض في هذا الموضوع هو رؤية صديقي "ضياء قباني" 16 عاما وهو يشرب عشبة "إكليل الجبل" وهي مغلية...الأمر الذي أثار استغرابي حقا...فكان سؤالي: «ماهذا الذي تشربه»..

فأجاب: «هذا إكليل الجبل، أشربه كل يوم، وهي عشبة مفيدة للذاكرة».

هذا إكليل الجبل، أشربه كل يوم، وهي عشبة مفيدة للذاكرة

ولعل إجابته هذه أثارت فينا أسئلة عدة، فهل مازال جيل الشباب ينجذب إلى مثل هذه الأنواع من المشروبات؟ أم أن موجة المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والعصائر المركبة مازالت سائدة؟

العطار زين العابدين

ولمعرفة إجابة عن الموضوع لا بد من أخذ المعلومات من مصدرها..والمصدر هو "سوق البزورية" مركز الأعشاب الشامية، وكانت وجهتنا إلى محل "محمد زهير دركل" الذي يعد من أقدم وأعرق المحلات هناك...

وحدثنا ابنه "محمد نور دركل" قائلا: «فعلا...لقد عادت موجة الأعشاب الشامية لتغطى من جديد وخصوصا من قبل الشباب الذين يأتون وهم مقتنعون بفوائدها الطبية المتعددة، فهناك "الشاي الأخضر" الذي يساعد على تخفيف الوزن وتنظيم ضغط الجسم وهذا يشهد إقبالا كبيرا وخصوصا من قبل الفتيات، وأيضا شراب "قمر الدين" فهو شراب منشط للجسم بشكل عام ويغني عن مشروبات الطاقة التي يقال أنها مفيدة ويزيد من القدرة الدفاعية للجسم، أما شراب "الكمون" الذي يسهم بشكل كبير في عملية الهضم والقضاء على التخمة بعكس ماهو شائع عن دور المشروبات الغازية في ذلك، وللسعلة أيضا مشروب خاص هو "الزعتر البري" الذي أثبت جدارته في القضاء عليها».

شباب وتمر هندي

وأثناء تواجدنا عند محل "دركل" التقينا الزبونة "أم أحمد " التي قالت : «أريد شراء شراب الورد لأنني أقدمه يوميا لأطفالي في رمضان لتعويضهم عن السوائل التي سيفقدونها خلال النهار، بدلا من تقديم المشروبات الغازية والعصائر المصنعة».

أما عن فوائد "الكركديه" يحدثنا الشاب " أنس بيطار " وهو عطار في سوق "البزورية": «هناك معلومة لا يعرفها أحد وهي أن الكركديه عندما يقدم ساخنا يساهم في رفع الضغط وعندما يقدم باراد يساهم في تخفيض الضغط».

**" ياسمرة يا تمر هندي يا أطيب مشروب عندي"....بهذه العبارات البسيطة والقربية من القلب كان يجذب " مالك قلعجي" الملقب "أبو صبحي" زبائنه، وهو بائع التمر الهندي في سوق الحميدية منذ 30 عاما، وعن زبائنه يحدثنا: « لا يمكن وضع مقياس واضح أيهما أكثر إقبالا –الشباب أم كبار السن-، ولكن يمكنني التفريق بين أسباب الإقبال على شرب "التمر هندي"، فالشباب يقبلون وخاصة الإناث بسبب ما أقوم به من حركات للكأس التي بيدي أو أغاني الغزل التي أخاطب بها هذا الشراب، وكأنه عشيقتي، أوبسبب لباسي الشعبي والذي يعكس الفلكلور السوري، ولعل للمسلسلات الشامية مؤخرا دور كبير في جذب السياح إلينا، أما بالنسبة للكبار فهم يتوجهون إلى شربه لأنهم يستمتعون بمذاق "ماء الورد" الذي يضاف إليه».

وفي مقهى "النوفرة" المكان الأكثر شعبية في "دمشق القديمة" التقينا الجيلين ..الجيل الشاب.. والجيل الأكثر شبابا "الختايرة" كما سموا انفسهم، يقول "محمد زين الدين": «بسبب تقليدنا للغرب في كثير من الأحيان وفي كثير من الجوانب سبقناهم في شرب المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وما إلى ذلك من العصائر المصنعة، ولكن إن عدنا إلى تراثنا نجد أننا لسنا بحاجة إلى شرب هذه الأنواع، فنحن أول من صنع عصير التوت الشامي والتمر هندي وقمر الدين وما إلى ذلك... ونعلم تماما أنها طبيعية وأكثر فائدة من المشروبات العصرية المنتشرة إلا أننا وبسبب سهولة تناول المشروبات العصرية وصعوبة تحضير تلك التراثية نلجأ إليها»..

، ولمعرفة الرأي الطبي في هذا المجال، التقينا الدكتورة "دانة حموي" أخصائية تغذية والتي قالت: «المشروبات الغازية توجد فيها مكونات لا فائدة منها، مثلا المياه الغازية التي تسبب سوء هضم ونفخة أايضا تجعل الجسم يطرح الكالسيوم وبالإضافة للحرقة، ولا ننسى السكر الذي يسبب زيادة وزن (السكر والحموض تؤذي الاسنان وتسبب التسوس،فالمشروبات الغازية لا تعتبر بديلا عن الماء حيث أنها تزيد خسارة الجسم للسوائل وفيها نسبة من الكوفيين التي تزيد العصبية».

وعن مشروبات الطاقة تضيف: «إن مشروبات الطاقة لا تقدم أي نوع من أنواع الطاقة للجسم، وإنما هي مجرد حالة نفسية يساعد على تفعيلها مادة الكافيين الموجودة فيها والتي تؤدي إلى تنشيط الجملة العصبية وتنبيهها، فيها خطر كبير على الحوامل ولها تأثيرات سلبية على الكبد، أما شراب الشعير الخالي من الكحول فهو مفيد نوعا ما ولكن يجب الاعتدال في شربه، وفائدته تأتي من كونه نوع من أنواع النشويات».

أما عن تناول القهوة والنسكافيه صباحا فقد حذرت الدكتورة "دانة" من تناولها صباحا فـ «الوقت الصحي لتناولها هو بعد الفطور بنصف ساعة» ...

وقد وجهت الدكتورة "دانة الحموي" نصيحةً إلى الشباب قائلة لا بد من العودة إلى المشروبات التقليدية العشبية أو تناول العصير الطبيعي الطازج وغير المعلب والتعود على شرب المياه أكثر من أي مشروب آخر....