في زلزال السادس من شباط تغيرت الأحداث وولدت أزمة جديدة من رحم أزمات، لتولد معها مبادرات وحملات تطوعية على امتداد الجغرافيا السورية، للتخفيف من تداعيات الكارثة وبلسمة جراح المنكوبين.

"مدونة وطن" جالت على منطقة "صافيتا ومشتى الحلو والكفارين" والقرى المجاورة، التي انحصرت أضرار الزلزال فيها على بعض التصدعات الخفيفة في بعض المنازل، هذا الأمر الذي لم يحل دون فتح بيوتها ومراكزها لاستقبال عدد من متضرري الزلزال.

بدأت المبادرة تنشط تدريجياً مع ظهور التفاعل الكبير للأهالي الذين عرضوا منازلهم مجاناً وقدموا المواد الغذائية والمساعدات بأنواعها بالتعاون مع الجمعيات الكنائس، حيث وصل عدد العائلات التي تم استقبالها لغاية تاريخه أكثر من 170 عائلة

مبادرات متنوعة

عمل الجميع في المنطقة كخلية نحل ضمن منظمات وجمعيات رسمية، دينية واجتماعية ومبادرات أهلية، وضمن قاعدة بيانات منظمة من خلال "التشبيك" فيما بينها، كمنظمة (الهلال الأحمر، الملتقى الثقافي العائلي في مشتى الحلو، جمعية النهضة الخيرية في عيون الوادي، اليسوعية، رابطة الكنائس الإنجيلية، دير السالزيان، جمعية البنيان، جمعية البتول)، بالإضافة إلى الحملات المجتمعية مثل حملة بلدة يحمور وحملة مارلا سلوم، وكنيسة مشتى الحلو وكنائس الكفارين، كما تم تجهيز مركز إيواء في كفرون حيدر، وكثير من المبادرات الفردية التي شملت الإعانات المالية والعينية، كما قامت جميعها بتسيير سيارات عامة وخاصة محملة بالمساعدات الإغاثية المتنوعة إلى "حلب" و"اللاذقية".

مركز إيواء كفرون حيدر

مشاركة واسعة

حملة مارلا سلوم

جهزت الجمعية ناديها ليصبح على أتم الجهوزية لاستقبال وافدي الزلزال من المناطق المنكوبة، وقامت بتأمين فندق للوافدين الذي استقبل بعضاً من العائلات، وحسب ما يوضح "ميشال حجة" أحد مؤسسي الجمعية، فقد توافدت العديد من المبادرات الفردية التي ساهمت إحداها مؤخراً في إطعام الوافدين المتضررين، كما أرسلت الجمعية 8000 معونة موزعة لأهلنا في "حلب" و"اللاذقية"، وقد شكلت الجمعية لجنة لمتابعة الوضع لدى المراكز القريبة منها لتقديم المساعدات وسدّ النقص الموجود فيها.

وتعد مبادرة "صافيتا البيت" واحدة من المبادرات التي نظمها النادي الأهلي الاجتماعي في "صافيتا"، حيث يؤكد "جورج صايغ" أحد مؤسسي النادي، أنه وانطلاقاً من الواجب الاجتماعي والترابط الإنساني مع المنكوبين، ناشدنا الأهالي بالانضمام لهذه المبادرة من خلال تقديم يد المساعدة ضمن الإمكانيات المتاحة، وظهر التفاعل جلياً بمشاركة الأهالي للوافدين في مؤنتهم المنزلية وطعامهم، وتأمين منازل تؤوي العائلات المتضررة وتوفير وسائل نقل، لاستقدام العائلات، بالإضافة إلى تأمين المحروقات لتزويد وسائل النقل.

مبادرات أهلية من كنيسة كفرون رفقة إلى حلب واللاذقية

ويضيف "الصايغ": «كان التفاعل الإنساني كبيراً فقد فتح الأهالي منازلهم للمتضررين الوافدين من جميع المحافظات المنكوبة، باستقبال يليق بكرامتهم، وتأمين كافة لوازم الحياة الكريمة لهم كما نقوم بالتنسيق والتنظيم مع مندوبين لنا لتقييم الأضرار، ناهيك إلى أن الجمعية قامت بالتشبيك والتنسيق مع جميع المنظمات والجهات المعنية بهذه الخدمات».

الملتقى العائلي

وفي إطار عملية الاستجابة الطارئة التي قدمها الملتقى الثقافي العائلي في "مشتى الحلو" يقول "جورج متري" مسؤول الحملة: «بدأت المبادرة تنشط تدريجياً مع ظهور التفاعل الكبير للأهالي الذين عرضوا منازلهم مجاناً وقدموا المواد الغذائية والمساعدات بأنواعها بالتعاون مع الجمعيات الكنائس، حيث وصل عدد العائلات التي تم استقبالها لغاية تاريخه أكثر من 170 عائلة».

ويشير "متري" إلى النسبة التقريبية لعدد الوافدين من (حلب 70 % - اللاذقية 30%) ويعتبر هذا العدد غير ثابت لأنه في تصاعد، وقد حرصت الحملة على تأمين المواد الرئيسية لهم، كما يعمل فريق متخصص بتقديم الدعم العيني والنفسي لهم، والمبادرة إلى إسعاف الحالات الطارئة.

ويناشد "متري" من خلال "مدونة وطن" المعنيين بالمساعدة في حل بعض الصعوبات التي تكمن في تأمين المحروقات وزيادة ساعات الوصل الكهربائي بسبب جغرافية المنطقة الجبلية الشديدة البرودة، وهناك صعوبة أخرى تكمن في تأمين بعض الأدوية المفقودة، على حد قوله.

المغتربون على الخط

يتوزع أبناء المنطقة في بلدان العالم، وتعتبر الجاليات السورية الرديف الرئيسي في الأزمات والداعم الرئيسي للمبادرات التي تعمل محلياً على الأرض والأمثلة كثيرة، نضيء على إحداها من خلال السفير السوري في "الأرجنتين" "سامي سلامة" والذي يقول: «تعيش جاليتنا في الأرجنتين مع الوطن جميع أحداثه، ومؤخراً ظهر جلياً التفاعل الإنساني بما يخص الزلزال الذي ضرب خاصرة الوطن، حيث عقدنا اجتماعاً منذ الساعات الأولى للزلزال، ناشدنا فيه جميع مؤسسات الجالية، كالنادي السوري والجمعية الثقافية والمؤسسات الدينية والطبية والاستشفائية، وفتحنا حساباً نقدياً في إحدى المصارف الأرجنتينية، كما قمنا بحملة ظهرت نتائجها الممتازة منذ اللحظات الأولى، ومن الملفت موقف وزارة خارجية "الأرجنتين" بتخصيص مساعدات إنسانية تتمثل بإرسال فرق طبية وفرق دعم نفسي في مرحلة ما بعد الزلزال، بالإضافة إلى الأدوية ومواد استشفائية وغيرها من خلال إدارة المساعدات الإنسانية والكوارث في دولة "الأرجنتين"، وتم افتتاح سجل تعازي على أرواح الضحايا، استقطب العديد من الهيئات الدبلوماسية الأرجنتينية ومن سفارات أخرى، وتواجد ممثلي كافة السفارات».

ويشير السفير "سلامة" إلى التفاعل الكبير للمواطنين الأرجنتينيين عند فتحهم للحساب البنكي وسرعة الاستجابة لإيصال هذه المساعدات إلى كافة المتضررين في "سورية" انطلاقاً من الموقف الثابت للحكومة الأرجنتينية برفض العقوبات الاقتصادية.