ما إنْ حلّتْ كارثةُ الزلزالِ على بعضِ المحافظاتِ السورية، حتى أخذَ معظمُ السوريين على عاتقهم المساهمةَ قدرَ المستطاعِ بتخفيفِ الآثار وتبعاتِ ما ألمّ بالسكان ممن فقدوا أحبتهم ومنازلهم وممتلكاتهم تحتَ الرّكام.

مبادرات شبابية

في محافظة "حمص" وكسائرِ المحافظات، انطلقت مجموعاتٌ شبابيةٌ من المجتمع الأهليّ لتنظيمِ قوافل تضمّ مساعداتٍ عينية وغذائيّة وألبسة، ليتم توزيعها على المحتاجين، فقد بادرت مجموعةٌ من الشباب في "حمص" إلى جمع التبرعات وتوزيعها على سكان المناطق المنكوبة في المحافظات المقصودة.

هدفنا واحد، وهو تقديم العون للناس المحتاجين، فمن واجبنا البدهي الوقوف مع إخوتنا السوريين

وعن هدفِ المبادرة، يقول "محمد العوا" وهو أحد المنظمين، لـ"مدونة وطن esyria": «أن فكرةَ المبادرة جاءت بهدف جمع التبرعات وإيصالها إلى مستحقيها، فقمتُ بنشر "بوستات" على الفيسبوك لتنظيم مجموعةٍ تعمل على جمع التبرعات وتوزيعها، حتى بتنا خليةَ عملٍ لا يعرف أحدنا الآخر، ولم يجمعنا سوى حبّ مساعدة إخوتنا في المناطق المنكوبة».

ويضيف "العوا" في حديثهِ: «قررنا العمل بشكلٍ مختلفٍ عن باقي الجمعيات، وهي التوزيعُ للعائلات بأيدينا حصراً والتأكد من أن المعونات تذهب للمحتاجين الفعليين.. وصلتنا تبرعاتٌ من الجيرانِ إضافة لما وصلنا من أشخاصٍ تواصلوا معنا من مختلف مناطق المحافظة، والأهم من ذلكَ هو تبرع السيد "محمود الحلواني" بنقل التبرعات مجاناً على نفقتهِ الخاصة بما في ذلك البنزين».

ويشير "العوا" إلى أنه في المرحلةٍ الأولى، جرى توزيع المساعدات على أربعة جوامع ونادٍ رياضيّ لجأت إليه عوائلَ منكوبة في مدينة "جبلة"، وتم تقديم كل ما يلزم لهم من ألبسةٍ وحرامات وأغذية، وتوصيل سيارة سوزوكي كاملة إلى الأهالي، ويجري حالياً تجهيز سيارة ثانية ستنطلق إلى "حلب" لتقديم المساعدة قدر المستطاع.

"اللّهُ محبة"

لم تتوقّف المبادراتُ الأهليةُ منذُ اليومِ الأوّلِ للزلزالِ، عبر تقديمِ التبرعاتِ والمستلزماتِ المتنوعةِ للمتضررين.

ولأنَّ الكارثةَ آلمتِ جميعَ السوريين ممن همْ داخلَ حدود البلادِ وخارجَها، لمْ تقفْ أيّ مؤسسةٍ رسميةٍ وأهليةٍ ورياضية وثقافيّة وغيرها، من أداءِ واجبها تجاهَ المناطق المنكوبة.

وتحتَ عنوانِ "الله محبة"، انطلقت كنائسُ المحافظة المختلفة لجمع التبرعاتِ العينيةِ والماديةِ والإغاثية، وتقديمها لمستحقيها، مع توافدِ المئاتِ من سكان مدينة "حمص" للتبرع كلّ شخصٍ حسبَ قدرته، ومن بينِ تلكَ الكنائسِ التي أخذتْ على عاتقها دعمَ متضرري الزلزال كنيسة "مار إفرام للسريان" في حي "العدوية" بمدينة "حمص"، التي اتخذت من قاعتها مكاناً لفرز وتنظيم التبرعات الواردة.

ويقول "طوني زياري"، من كشّافة "مار إفرام السرياني" لـ"مدونة وطن": «هدفنا واحد، وهو تقديم العون للناس المحتاجين، فمن واجبنا البدهي الوقوف مع إخوتنا السوريين».

وعن المهام التي يقومون بها يضيف: «نستلم التبرعات من الراغبين ونعمل على تنظيمها وفرزها ومن ثم توزيعها للعائلات المنكوبة التي جاءت إلى المحافظة، ويتم تقديم الحفاضات والألبسة والأغذية إضافة للمعونات المالية.. فنحن لا نؤمّن السكن في الصالة إنما تصلنا احتياجات المهجرين من المحافظات والقاطنين في "حمص" لنقوم بدورنا بإيصالها بشكل منظم».

ويختم بالقول: «الله محبة، ورسالتنا إننا جميعنا سوريون على قلب رجل واحد، والعطاء ليس جديداً علينا، بل هو واجب بدهي أن نقف بجانب بعضنا في الأزمات».

فزعة الخير

مبادرة الشابة "آلاء الطرشة"، ورسالتها من "حمص" إلى كل المحافظات لتلبية طلب العونِ والاستغاثة لمتضرري الزلزال من إخوانها وأهلها.

تقول "آلاء" لـ"مدونة وطن": «أطلقت مبادرتي يوم الإثنين عبر صفحتي على الفيس بوك، لجمع التبرعات وتوزيعها على أهلنا المتضررين، ودعوت الجميع منذ اللحظات الأولى لضرورة الإسراع بجمع ما يمكن للوقوف إلى جانب المنكوبين».

وعن حجم الاستجابة المفاجئة، تشير في حديثها إلى أن ما حصل كان مفاجئاً، حيث تهافت المواطنون إلى المراكز منذ الساعة الأولى لتقديم جميع أنواع المعونات من أغذية وملابس وحرامات.

وتضيف: «المبادرة انطلقت بـ 20 شاباً وشابة يوم الإثنين، إلا أن العدد حالياً تجاوز المئات، وهذا يدل على أن جميع السوريين شعروا بواجبهم تجاه إخوانهم بعد هذا الزلزال ونظمنا عدة قوافل وشاحنات اتجهت مع المتطوعين إلى محافظات "حماة وحلب واللاذقية" لتوزيع المعونات، حيث حاولنا التخفيف عن مصاب أهلنا في تلك المناطق المنكوبة، حيث يتم استلام المواد العينية في حي "المحطة"، مقابل "سيرتل"، من الساعة 2 حتى 9 مساء، مع أهمية التركيز على حليب الأطفال والفوط».

وتختم "آلاء" بالقول: «المصاب واحد ومن واجبنا كأبناء وطن واحد أن نقف إلى جانب بعضنا في الأزمات لإعادة ما دمره الزلزال في أسرع وقت ممكن».