تعقد "ندى الخطيب" من مدينة "شهبا"، بأصابعها خيوط "المكرمة" التي ألفتها وأخذت تتفنن في تشكيل قطع إبداعية منها، لإضفاء مسحة من الجمال على المنازل أو الصالونات، إلى جانب الحقائب والقطع الفريدة التي شغلت وقتها بكل متعة وفرح.

رحلة الإبداع

الشابة التي درست في المعهد السياحي وتخرجت في مرحلة الأزمة وعاشت لحظات الخوف والقلق، لم تجد الفرصة المناسبة للعمل في مجالها السياحي الذي سخرت له كل جهدها، وكان الوقت ثقيلاً على شابة لا ترغب بالبقاء رهينة المنزل وتملك طاقة كبيرة للعمل بشيء مفيد يشغل وقتها، فاستمرت بالبحث لتجد في تجربتها الأولى مع الحياكة تسلية مناسبة حرضتها على الإبداع.

يدهشني تعامل "ندى" مع العمل فهي باستمرار تقدم تصاميم جديدة ولا تمل من التجربة، وفي الغالب كل أعمالها مباعة وأنا ممن شجعتها على افتتاح معرضها الخاص نظراً للإقبال على أعمالها، وقد عرفت بشكل كبير في المنطقة بحياكة خيوط المكرمة

تقول "ندى" في حديثها لـ"مدونة وطن esyria": «بحثت عن عمل أحبه ولا أقوم به مجبرة أو لضرورة العيش، عمل خاص أعمل به بشغف وراحة، ولم تذهب ساعات البحث من دون نتائج مرضية، على العكس وبعد متابعة الفيديو الأول الذي تابعته لحبكة خيوط المكرمة شعرت أن لدي القدرة على التعامل مع هذه النوعية من الخيوط، مع العلم أن كل المقاطع كانت باللغة الإنكليزية واستفدت من خبرتي باللغة لأتمكن من متابعة تفاصيل العمل والبحث عن معاني الكلمات وإعادة تطبيق المراحل بشكل ممتع وسريع».

من أعمال ندى الخطيب

وتضيف: «شعرت أن مجال العمل بخيوط المكرميات نادر، وقلة من السيدات يتعاملن معه في مجال تصميم الستائر وجزء كبير من الإضافات للديكور وتزين المنازل، قمت بشراء الخيوط وباشرت التجارب التي جعلت أوقات الفراغ تتضاءل لأجد أن الوقت في الغالب لا يكفي لإنجاز ما لدي بفيض من السعادة، خاصة عندما أنجز قطعة تتكامل فيها الشروط الفنية والمتانة والجمال».

عشّاق الفنّ

لم تستغرب "الخطيب" الإقبال على أعمالها والطلب الجيد لأنها -كما تقول- تثق أن ما تصنعه بحب سيصل لقلوب عشاق الفن والعمل الجميل، وهكذا بدأت تتلقى طلبات داخلية وخارجية لقطع تحوكها على شكل ستائر من هذا الخيط بألوان العاجي والأبيض، وتشكيلة معينة ووفق الطلب كان آخرها طلب لسيدة من "الأردن" أنجزتها بوقت قياسي وكانت بمواصفات رائعة لاقت إعجاب عدد كبير من السيدات.

ندى تحيك خيوطها بمهارة

ومن خلال المنزل والمشاركة ببعض المعارض منذ ثلاث سنوات بداية العمل، ظلت "ندى" تسوق أعمالها، ولاحظت أن نوعية الطلبات كانت تميل في الغالب للأعمال المعقدة التي أتقنتها في محاولة لتجديد الحبكات، وطريقة عقد الخيوط لتتمكن من تنفيذ نماذج من تصميمها تنسجم مع حجم القطعة والغاية المطلوبة ومنها والمكان الذي ستعرض فيه.

بيت الحرف

"ندى" التي تثق بالعمل الجماعي وأهمية المشاركة وبعد الاطلاع على إعلان عن تجمع لسيدات لإقامة معرض دائم للمنتجات اليدوية، سارعت للالتحاق بالمجموعة، والتواصل معهم لأنها أحبت التجربة ولم تتردد، وتشجعت للمشاركة ضمن فريق مع عدد من السيدات المنتجات وشكلن معرضهن الخاص لتقديم أعمالهن وخلق فرصة للتسويق تضاف إلى المعارض المؤقتة.

مع وفاء أبو خليل في معرض للاعمال اليدوية

وتضيف: «لا يقدر قيمة العمل اليدوي والجهد الكبير الذي نحتاجه لإنتاج قطعة فنية جميلة، إلا من اختبر العمل وعمل بهذا المجال.. هنا في هذا التجمع الذي حمل اسم "بيت الحرف" شعرت أنني وجدت المكان المناسب مع سيدات وشابات عشقن هذه النوعية الخاصة من الأعمال، وسلكن طريق العمل الخاص، بعيداً عن الوظائف التقليدية لتقديم مهارات مختلفة تلبي حاجة السوق وتحقق غاية جمالية إلى جانب تحسين الدخل خاصة في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة».

معرض خاص

تشجع الشابة كل من لديه الرغبة بالعمل بما يناسب مهاراته، وتعلم أن الفرصة غير ميسرة لمن لا يحاول رغم التعب، وتؤكد أنها تعشق العمل رغم المعاناة ورغم كل الصعوبات سواء بأسعار الخامات التي ترتفع بشكل كبير، أو الحاجة للكهرباء والإنارة والإنترنت وكل احتياجات العمل، لكنها ومن خلال تجربتها الخاصة وجدت الطريق المناسب لإشغال ساعات اليوم بعمل يحمل اسمها ويعبر عنها وهي اليوم لا تستطيع الاستغناء عنه وتستعد لتأسيس معرضها الخاص في مدينة "شهبا".

تقول "ندى": «"بيت الحرف" معرض دائم يتحدث عني وعن عدد كبير من الماهرات بالأعمال اليدوية، سأبقى من ضمن فريقه وسأضيف معرضاً جديداً خاصاً بي في مدينتي بناء على طلب الزبائن، وكل ذلك في ظل ارتفاع أسعار خيوط المكرمة التي ارتفعت بما يقارب عشرة أضعاف، ما يضطرنا لرفع السعر لكن مع وجود زبائن يقدرون الفن، نحاول وضع حدود للأسعار لنتمكن من التسويق بما ينسجم مع القدرة الشرائية للزبائن».

جودة وإتقان

"وفاء أبو خليل" تعمل في مجال الأعمال اليدوية، ترى في أعمال "ندى" ميزة تبدأ من الإتقان والجودة وانتقاء الخيوط بجودة عالية أو نوعية التصاميم وتقول: «تابعتها في عدة أعمال من حيث التزامها بالتصميم والإتقان في إنجازه، حيث تراعي ذوق صاحبة أو صاحب الطلب، وهي من الشابات التي تحافظ على استقلاليتها باعتماد كامل على نفسها، لذا نجد في نتاجاتها تميزاً، وبشكل دائم تجذب الانتباه، وحالياً بدأت بالتسويق الخارجي وهذه خطوة متقدمة لها وللمعرض بشكل عام، ولدي ثقة أنها قادرة على التطور في هذا المجال تبعاً لجودة العمل الذي تعطيه كل الاهتمام».

أما "روان الخطيب" التي زينت صالونها بعدد من أعمال "ندى" بخيوط المكرمة وتصاميم متنوعة، فقد أعجبها التزامها بالتصاميم المتفق عليها وجودة العمل وتضيف: «يدهشني تعامل "ندى" مع العمل فهي باستمرار تقدم تصاميم جديدة ولا تمل من التجربة، وفي الغالب كل أعمالها مباعة وأنا ممن شجعتها على افتتاح معرضها الخاص نظراً للإقبال على أعمالها، وقد عرفت بشكل كبير في المنطقة بحياكة خيوط المكرمة».