يحتل الشكل الإنساني والاحتفاء بالشخوص مكانة مقدسة في لوحات الفنانة والأستاذة الجامعية الدكتورة "كندة معروف"، وهي التي استطاعت في معرضها الفردي "بلا عنوان" تقديم تجربة تشكيلية مختلفة من حيث المضمون، ساعيةً من خلال عملها التدريسي والإداري إلى ربط الفن بالمجتمع.

ثنائيّة العمل

وفي حديثها لـ"المدونة" تقلب الفنانة" معروف" وهي نائب عميد كلية الفنون الجميلة للشؤون الإدارية صفحات من مسيرتها مع الفن ومع العمل الأكاديمي وتقول: «أحببت الرسم منذ الصغر، كانت تلفت انتباهي القصص ذات الرسوم الفنية، ودفعني الشغف لدخول كلية الفنون الجميلة التي تخرجت منها، ثم حصلت على دبلوم دراسات عليا ودبلوم تأهيل تربوي، ثم الماجستير والدكتوراه من كلية الفنون الجميلة من جامعة "دمشق"، وشاركت في عشرات المعارض الجماعية في "سورية" منذ عام 1999 وحتى اليوم منها معرض الشباب، معرض الربيع السنوي، معرض الخريف ومعارض خارجية في "الأردن"، "بلغاريا"، "بريطانيا"».

معايير القبول ليست سهلة، هناك امتحانا قبول الأول رسم بقلم الرصاص والثاني رسم بالألوان، يتقدم الآلاف ويتم اختيار ما يزيد على مئة طالب، وهذا العام تم قبول حوالي مئتي طالب وهو أكبر عدد يتم قبوله في الكلية

"معروف" عضو في لجنة القبول في كلية الفنون الجميلة، وحول معايير القبول وعلاقتها بالطلاب وعن تجربتها في التدريس تقول: «معايير القبول ليست سهلة، هناك امتحانا قبول الأول رسم بقلم الرصاص والثاني رسم بالألوان، يتقدم الآلاف ويتم اختيار ما يزيد على مئة طالب، وهذا العام تم قبول حوالي مئتي طالب وهو أكبر عدد يتم قبوله في الكلية».

في مكتبها

وتضيف: «تربطني بالطلاب علاقة أخوية مع الاحترام، نضحك معاً في بعض الأوقات ونتعامل بطريقة أكاديمية احترافية أثناء العمل، التدريس حالة لا أستغني عنها وأفضلها على أي عمل إداري لأن نقل شغف الفن إلى الطلاب هدفي الأول، لذلك أحاول المزاوجة بين مهنتي كمحاضرة وإدارية بإقامة ورشات عمل في المناطق النائية لربط الفن بالمجتمع، وأقدم ما يمكن للارتقاء بالمجتمع لأن الفن هو مقياس الحضارة».

"بلا عنوان"

وحول معرضها الفردي تقول: «أول معرض فردي لي هو "بلا عنوان" الذي أقيم في صالة "زوايا" في الأول من شهر أيلول عام 2022، وضم حوالي 45 لوحةً من أحجام متنوعة بأسلوب المدرسة التعبيرية واتسم المعرض بالتنوع في التجربة وليس في المضمون، وأردت من خلاله إيصال رسالة مفادها أن الفن موجود حتى ولو كان بلا عنوان، وبإمكانه التعبير عن التشوه الذي سببته الحرب في أنفسنا وملامحنا والأماكن التي نعيش فيها فالوجوه فقدت ملامحها، والمدن فقدت معالمها.. وتناولت في لوحاتي المرأة، الثقافة العربية والمحيط الذي أعيش فيه، حيث أميل إلى المدرستين الانطباعية والتعبيرية وأجد من خلالهما السلام الداخلي، إذ نستطيع من خلال التعبيرية أن نرسم الحالة التي نعيشها، ومن خلال الانطباعية نعطي انطباعنا عن الشيء فالطبيعة ليست بتفاصيلها بل بجمالها وضوئها وعبقها والراحة التي تعطيها للمتلقي».

المرأة في لوحاتها

بحث عن الرّوح

من معرضها الفردي

فيما يتعلق بمراحل العمل الفني ترى الدكتورة "معروف" أن أول هذه المراحل تبدأ مع حيرة الفنان أمام اللوحة البيضاء والخطوط الأولى التي يرسمها، ثم تتوالى ضربات اللون لتحقيق توازن لوني في اللوحة تبعاً لإحساس الفنان، والتوازن بين الألوان الحارة والباردة، بين الضوء والتكوين، وصولاً إلى أصعب المراحل هي التأكد من الشكل النهائي الذي يريده الفنان.

وتعتقد "معروف" أن الصعوبات التي تواجه الفنان التشكيلي المعاصر، هي صعوبات الحياة نفسها التي تساعده على الإبداع الفني لأنها المتنفس الأول والأخير بالنسبة له.

الاحتفاء بالجمال

تبحر الفنانة "معروف" بين جميع الألوان وعن ارتباط الفن بالطبيعة تقول: «هي المنهل الأول للفن الذي يعبر عما نفقده ويمزج بين الحالة الإنسانية من جهة وبين الطبيعة من جهة أخرى، والفن هو الاحتفاء بالجمال وعندما أتناول المرأة أعبر عن ذاتي ضمن أجواء مرتبطة بالطبيعة وهنا يكمن الإحساس الصادق الذي يشبه صدق الطبيعة، فالكتلة والفراغ، الخط واللون، جميعها عناصر موجودة في الطبيعة وتشكل مكونات اللوحة، وأحاول من خلال لوحاتي إيجاد خلق مختلف للطبيعة من خلال نتاج القلب واليد والفكر معاً».

وتشير "معروف" في ختام حديثها لـ"مدونة وطن" إلى أن المشهد التشكيلي السوري المعاصر حاضر بقوة، يعبر عن ذات كل فنان وعن المجتمع بشكل عام هو بحاجة فقط لتسليط ضوء أكبر.

العمق والعفويّة

من جهته يتحدث الدكتور "فؤاد دحدوح" الفنان التشكيلي وعميد كلية الفنون الجميلة عن تجربة "معروف" بالقول: «هي إنسانة رائعة مليئة وعميقة وذات إدراك كبير لديها معرفة بكل الاتجاهات التشكيلية، تعمل بطريقة عفوية مطلقة، تلعب باللون بطريقة طفولية يتخللها العقل، كانت موفقة في معرضها الفردي من ناحية العرض والاتجاه الذي تقدمه، ومن حيث انسجام اللون والشكل والخط، علماً أن الخط غير ظاهر في أسلوبها لأن الكتلة واللون هي الأساس بالنسبة لعملها التشكيلي».

نشير إلى أن د."كندة معروف" من مواليد "حمص" عام 1976حاصلة على جائزتين من معارض خارجية وعلى العديد من الشهادات التقدير، بدأت العمل في كلية الفنون الجميلة عام 2014، تشغل منصب نائب عميد كلية الفنون الجميلة للشؤون الإدارية منذ سنتين.