حمل الدكتور "وليد فوزي قرعوني" حفنة من تراب قريته "بريكة" ووضعها فوق طاولته في "سويسرا"، وكان يستمد منها القوة والطاقة الإيجابية ليواصل عطاءه ومسيرته الإبداعية في الطب، حتى بات أول طبيب نفساني في "سويسرا" يتخصص في الطب النفسي والمعالجة الاستعرافية والسلوكية للأمراض النفسية وتطبيق المعالجة الذاتية والصدى البيولوجي.
النشأة والحنين
يروي الدكتور "وليد قرعوني" لمدوّنة وطن eSyria سيرة حياته فهو من مواليد "فنزويلا" سنة 1967، نشأ في كنف أسرة متفانية في كسب الرزق الحلال، كان والده الراحل يعمل بالتجارة وتولت والدته الراحلة مهمة تشجيعه هو وأخوه على مواصلة العلم.
ويتابع الدكتور "وليد" بالقول: "كان لوالدتي الحصة الأكبر في رعاية الأسرة بحكم سفر المرحوم الوالد إلى "فنزويلا" وقضاء حياته متنقلاً بين سورية و"فنزويلا" إلى حين وفاته رحمه الله عام 1989، بدأت حياتي في "سورية" في قريتي "بريكة" بين 1969 و1977، إذ عشت طفولتي الأولى على أرضها وتعلمت حتى نهاية الصف الرابع الابتدائي في مدرستها، كان لهذه الأعوام الثمانية التي عشتها في قريتي أثراً بالغاً في تكوين الملامح الأساسية لشخصيتي المحبة بل العاشقة لتراب قريتي المقدس، لدرجة أنني أحتفظ دائماً في مكتبي "بسويسرا" بحفنة من ترابها ألمسه بين الفينة والأخرى بحنين شديد وبكل إجلال كلما وصلت درجة اشتياقي لتنفس هوائها العليل إلى ذروتها… لقد زرت أماكن سياحية كثيرة بقصد الاستجمام والراحة ولكني لم أستنشق أبداً أعذب من هوائها الذي ينعش روحي ويجدد حيويتها".. وبين عامي 1977 و1985 أكملت الدراسة في مدينة "السويداء" حتى نلت الشهادة الثانوية الفرع العلمي وتمكنت من التسجيل في كلية الطب البشري في جامعة "دمشق" وتخرجت منها عام 1992".
واثق الخطوة
كان هدف الدكتور "قرعوني" هو التخصص في الطب النفسي والمعالجة النفسية، وعن ذلك يقول: "ترددت كثيراً في الاختيار بين اختصاصي "الطب النفسي والمعالجة النفسية" وبين "الأمراض العصبية"، وكان قراري حاسماً في اختيار الطب النفسي ومعالجة الأمراض النفسية نظراً لتفاعلي الشديد مع معاناة الناس عامة والمرضى خاصة، ونظراً للسبق العلمي الكبير في أوروبا لجامعة "جنيف" في مجال تدريس الطب النفسي وممارسته، فقد جعلتها وجهتي لمحاولة إجراء الاختصاص فيها وأنهيت دراساتي العليا مع "البورد الأوروبي" في الاختصاص الأساسي في الطب النفسي ومعالجة الأمراض النفسية سنة 2002، وبالوقت نفسه وفي جامعة "جنيف" بين عامي 1998 و2002 أنهيت دراستي التخصصية في مجال المعالجة الاستعرافية والسلوكية للأمراض النفسية، وبين أعوام 1995 و2001، نلت شهادة الاختصاص في الطب البديل في مجال المعالجة، أو الـHomeopathy من المدرسة السويسرية ومقرها في "لوزان" فكنت أول طبيب نفساني بسويسرا متخصص في المعالجة الاستعرافية والسلوكية للأمراض النفسية والمعالجة وتطبيقها، وقد تم تعييني رئيساً لقسم الإسعاف في الطب النفسي في المشفى الجامعي بـ"جنيف" من عام 2001-2003، قبل أن أتركه لتطوير تطبيق المعالجة الإستعرافية والسلوكية للأمراض النفسية في القطاع الشرقي من "كانتون" Vaud وعاصمته "لوزان".
ويتابع الدكتور "قرعوني" بالقول: «قررت تأسيس مشروعي الخاص، إذ عملت في عيادتي الخاصة في "جنيف" لمدة أربع سنوات قبل أن أنتقل إلى مدينة "إيفردون" في كانتون Vaud، وقررت الاستقرار فيها وفتحت مركزاً طبياً يتضمن ست عيادات متخصصة معترف عليه كمركز تعليمي تخصصي لنيل شهادة الاختصاص لدى المعالجين النفسيين واستطعنا تخريج 24 معالجاً نفسياً متخصصاً حتى الآن".
التميز والإبداع
يشير الدكتور "قرعوني" أنه بعد الإثبات العلمي الهائل لتطبيق الفيزياء الكونية في المعالجة الطبية سنة 2014 من قبل البروفيسور الشهير "مونتانيير" الحائز على شهادة "نوبل" عام 2008، قررت دراسة تخصص تطبيق الصدى البيولوجي في معالجة الأمراض بـ"سويسرا" وأنهيت دراستي سنة 2016 إذ كان لي شرف السبق العلمي في أن أكون أول طبيب نفساني يحوز على هذا الاختصاص وأول من يطبقه في معالجة الأمراض النفسية، والمركز الذي أسسته هو المتفرد في "سويسرا" بتطبيق المعالجة المثلية والصدى البيولوجي لعلاج الأمراض النفسية إضافة إلى التطبيق الأساسي للطب النفسي حسب الطب التقليدي".
الطبيب الإنسان
وفي الجانب الإنساني ذكرت "المهندسة هيام القطامي" وهي الناشطة في الشأن الاجتماعي والمديرة السابقة للعديد من الدوائر الرسمية: «يعمل الدكتور "وليد فوزي قرعوني" بصمت مطبق فهو واحد ممن يقدمون الأعمال الخيرية الإنسانية في قريته "بريكة" مانحاً وراسماً العديد من الابتسامات الوضاءة على محيا أناس يرغبون بكرامة العيش، فهو يمد يد العون لهم، إضافة إلى الجمعيات الأهلية التي تعنى بالشأن العام والتنمية، وتعد مكانته العلمية في الأوساط الأجنبية وخاصة في "سويسرا"، مكانة مرموقة في مجال الطب النفسي وبعد حصوله على "البورد الأوربي" بات الطبيب الأول في اختصاصات متنوعة في هذا المجال، والأهم حفنة التراب التي حملها معه ووضعها في وعاء زجاجي يفخر بها في أوروبا على مكتبه أينما ذهب، وهو يردد دائماً رائحة تراب قريته "بريكة" تكسبه الطاقة والقوة والإنسانية".