لم يكد يمضي سوى عام ونصف العام فقط على البدء بمشروعه الثقافي، حتى تمكّن الشاب "نيرودا عيسى"، من تأسيس مكتبته في مدينة "القامشلي" التي زوّدها بآلاف العناوين ووضعها في خدمة القرّاء وبالمجان، كل ذلك حبّاً بالقراءة وبالكتاب.

رغم الصعاب

تضم المكتبة أكثر من 60 ألف كتاب، وحتّى يحقق مشروعه النجاح المطلوب، دمج مشروع المكتبة بمقهى متميز.

أسعى لتوفير أجواء فنية واجتماعية وإحياء جلسات تراثية وفلكلورية ضمن المكتبة، بشكل دوري، مع حرصي على إنجاز مبادرات دائمة، تكون فاعلة وإيجابية، لتحقيق هدفي الرئيسي

يقول "نيرودا" عن فكرته ومشروعه: «بدأت بتنفيذ فكرتي قبل عام ونصف العام تماماً، وضعتُ كل إمكاناتي المادية، مُسخراً كل وقتي وجهدي لنجاح المشروع، وأنا أعلم أن فكرتي في ظل هذه الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة والكثيرة لم تكن مُحفّزة ومشجّعة، ومع كل ذلك افتتحت مكتبة ثقافية ضمن مدينة "القامشلي" بمواصفات راقية جداً، حاولت دمج عناوين ومبادرات أخرى مع المكتبة تكون مشجعة لأبناء المنطقة لينهلوا من القراءة ويعودوا للكتاب بعد قطيعة واضحة من الغالبية».

العين على الشباب

تعدّ مكتبة "نيرودا" التي أطلق عليها "القلعة" أوّل مكتبة في مدينة "القامشلي" بالمواصفات تلك، حيث خصص لها مساحة كبيرة تصل إلى 300 متر، وفيها 60 ألف كتاب منوع، من بين الكتب روايات مختلفة وكتب أدبية وفكرية وتاريخيّة ودراسات، وعناوين أخرى كثيرة وعديدة هذا ما أضافه "نيرودا".

حبّه للقراءة وغيرته على شباب منطقته بشكل خاص، دفعاه ليخطو تلك الخطوة في افتتاح مشروعه الثقافي الخاسر مادياً والرابح مجتمعياً، حسب كلامه، ويضيف: «وضعتُ في حساباتي بأن مشروعي لن يكسب أي ربح مادي، وخاصة أنني وضعتُ الكتب بشكل مجاني خدمة للزوّار والقراء، المهم عندي تحقيق أهدافي بإعادة الجميع إلى القراءة والمطالعة، وبالأخص الشباب، وأنا بذلك أساهم بتقديم خدمة الثقافة للمجتمع، ومن بين الأهداف التي أسعى لتحقيقها من خلال مكتبتي، جمع القراء والمثقفين في هذا المكان، وفتح جلسات ثقافية وأدبية فيه، فهي عامل إيجابي لجذب القراء والمثقفين، وإحياء هذا المشروع الأدبي جاء في ظرف صعب يمر به البلد، فيه جملة من التحديات والصعوبات، وهي أيضاً كانت ضمن حساباتي، مع ذلك تصديت للمهمة ومستمر بها».

مبادرات ثقافية

يستهدف "نيرودا" بمشروعه طبقات المجتمع كافة، فهي ليست مقتصرة على فئة معيّنة، ويأمل من الشباب استغلال هذه الفرصة بالشكل المناسب، وخاصة أن هذه الكتب بكل عناوينها وتنوعها وأعدادها لم تكن متوفرة في المنطقة في الفترة الماضية، ولدت كل هذه العناوين بولادة مكتبة أسماها مكتبة "القلعة" الثقافية.

"نيرودا" يضفي باللوحات الفنية والجلسات الثقافية والتراثية على مكتبته "القلعة"، عوامل جذب للأهالي والشخصيات الثقافية، قال عن ذلك: «أسعى لتوفير أجواء فنية واجتماعية وإحياء جلسات تراثية وفلكلورية ضمن المكتبة، بشكل دوري، مع حرصي على إنجاز مبادرات دائمة، تكون فاعلة وإيجابية، لتحقيق هدفي الرئيسي».

مقصد للقراء

حظيت المكتبة باحترام وإعجاب الكثير من أهالي وأبناء المنطقة، إذ تتميز بمواصفات مثالية مشجعة لمحبي العلوم والقراءة والمطالعة لكي يمضوا وقتاً جميلاً ومفيداً فيها، كما هو الحال مع الشاب "عمر عبد الله" مدرّس اللغة العربيّة الذي يتواصل بشكل دائم مع المكتبة، حيث يتنقّل بين رفوفها وفي كل أرجائها، وخاصة أن المكتبة منظمة ومصممة بطريقة رائعة حسب كلامه، وأضاف: «إنها إنجاز ثقافي حقيقي، ولوحة فنية وأدبية واجتماعية متكاملة، يقدم صاحبها صرحاً ثقافياً عظيماً للمنطقة، رغم كل الصعوبات وظروف الحياة الاقتصادية التي صنعتها الحرب، نفّذ فكرته وحقق حلمه، وقد شاركتُ مع طلابي بإنجاز حلقات أدبية مهمّة ضمن المكتبة، بتعاون وتسهيلات كبيرة من قبل الشاب "نيرودا"».

"نيرودا عيسى" من أهالي مدينة "القامشلي" ولد عام 1989، تمّت زيارته في مكتبته "القلعة" بتاريخ 21 تموز 2022 وأنجز اللقاء بالتاريخ ذاته.