لم يكد يمضي سوى عام واحد فقط على ولادتها، حتى تحولت "مساحة رؤيا" التابعة للجمعية السورية للتنمية الإجتماعية في "درعا"، إلى طوق نجاة لعشرات النساء والشباب في المحافظة، والذين قدمت لهم الجمعية وعبر "رؤيا" دورات نوعية في صناعة المشاريع الصغيرة، وقد أثمرت قصص نجاح لعشرات السيدات اللواتي أتاحت لهن الجمعية تأسيس مشاريعهن بعد أن قدمت لهن مستلزمات العمل المجانية والدعم بعد التخرج.

مساحة أمان

افتتحت "مساحة رؤيا" في حي "الكاشف" بمدينة "درعا" المجاور للعيادات الشاملة، في منتصف العام الماضي 2021 كي يقدم خدماته للسيدات والشباب، من خلال تخصيص الفترة الصباحية حتى الواحدة ظهراً للسيدات وبعد ذلك الوقت للشباب، كما توزعت خدمات المركز حسب الوضع الاجتماعي للشريحة المستهدفة، من السيدات من ذوي الإعاقة والمعيلات لأسرهن (الأرامل والمطلقات)، إضافة للسيدات الأشد فقراً والأكثر احتياجاً.

وكي يشتد أزر السيدات ذوات الحالات الاجتماعية الخاصة، وجدت خدمات برنامج "مساحة رؤيا" وأفكار مشاريعه، التي جاءت بعد جلسات نقاش مركزة مع المستفيدات اللواتي التزمن بعد الإعلان من قبل المركز، وتسجيلهن في سبيل تأمين فرصة عمل من خلال اتباع أحد البرامج بقصد إنشاء مشروع تتحقق من خلاله مساحة أمان للسيدات، تتمثل بتوفير دخل وريع متطوّر، يحقق لهن مساحة أمان.

نساء وشباب

يوضح عضو النواة الإدارية للمنطقة الجنوبية في المركز "ربيع الريشان" أن الفئات العمرية المستهدفة تشمل الذكور من عمر الرابعة عشرة وحتى الخامسة والثلاثين، بينما السيدات لا سقف محدد للعمر، حيث تستقبل "رؤيا" أعماراً حتى الستين سنة، وتشمل برامج عمل المساحة عناوين كثيرة، كالمشاريع الصغيرة والمبادرات المجتمعية وتدريبات مهارات الحياة إضافة للتدريبات المهنية والحرفية.

وعودٌ على بدء قد تتعامل "رؤيا" مع فئات عمرية تحت الرابعة عشرة تحت عناوين توعوية وإرشادية وترفيهية، وأحياناً دورات تقوية للمواد والمناهج التعليمية.

يضيف "الريشان" : "بعد جلسات نقاش مركَّزة داخل مساحة الأمان والمكان التي توفرها "رؤيا" للسيدات من أجل معرفة احتياجهن للدورات المهنية الاكثر رغبة يتم الاستجابة لمطالبهن، وبعد تأمين ميزانية العمل يبدأ الشروع بالدورة والتي تتراوح ساعاتها ما بين ال 90و120ساعة حسب مقتضيات الدورة، وهذا الأمر ينطبق على فئات الشباب، فبعد إعلان المركز عن دوراته التي سيقيمها واستقبال الشباب، ثم يتم الاختيار من قبل اللجنة التي تتبع لـ"رؤيا" الأفراد التي تنطبق عليهم الشروط ليتم فيما بعد المباشرة بالدورة وفق رؤيا وبرنامج نظري وعملي واضح، يؤهل السيدات والشباب في نهاية الدورة لأن يصنع كل منهم مشروعه الخاص، بدعم كامل من المركز من خلال تقديم مستلزمات العمل الذي تؤهله فيما بعد أن يصنع مشروعه".

و للإشارة، فقد صادف وجودنا في المركز، إنتهاء دورة لصيانة الموبايل، تم على إثرها توزيع مستلزمات خاصة بالعمل يستطيع المستفيد من خلالها فتح مشروعه الخاص، وتحقيق دخل معيشي مناسب.

دورات نوعية

يتركنا "الريشان" كي يتابع عمله في مهمة خارج حدود المدينة، وننتقل بالحديث مع السيدة "لاء عودة" منسقة "مساحة رؤيا" للسيدات، لتكشف لنا عن تنفيذ دورات لغة الإشارة التي تكتسب طابع الريادة على مستوى الدعم ، حيث تُقدَّم للأفراد مُقدمي الرعاية، إضافة للصم والبكم والكوادر التدريسية بمراكز الصم والبكم والمنظمات والجمعيات لجهة التعامل مع الحالات التي تعاني من الصم والبكم، إضافة إلى أنه يمكن أن يستفيد من الالتحاق بهذه الدورات المجانية، الأشخاص المهتمون بهدف تمكين المستفيدين من الاندماج في المجتمع، وممارسة حياتهم الطبيعية بعد خضوعهم لتلك الدورة المقسمة على ثلاثة مستويات (مبتدئة ومتقدمة ومرحلة مخارج الحروف) .

تتابع "العودة" الحديث: "إضافة لما تم ذكره أقيمت في فترة سابقة من العام الجاري 2022 دورات للغة بريل للمكفوفين، ولعل اللافت هنا أن الكادر التدريسي للدورات اللاحقة، تم اختيارهم من ضمن المستفيدين السابقين من دورات "رؤيا"، حيث يتدرج المستفيد في هذه الدورة لمستويين مبتدئ ومتقدم، هذا بالتوازي مع إقامة دورات في محو الأمية.. كما تُقام جلسات توعية للسيدات فيما يخص العنف القائم على النوع الإجتماعي من خلال تقديم الدعم النفسي إلى جانب جلسات نوعية بـ RH التي تعنى بالنظافة الشخصية".

خارج المساحة

إلى جانب ما تم ذكره على لسان السيدة "عودة"، ثمة خدمات يتم تقديمها للسيدات المستفيدات خارج" مساحة رؤيا"، مثل صيانة الموبايل والتي تُعد الأولى من نوعها على مستوى المحافظة، وصيانة الأدوات المنزلية ودورات في تربية النحل ودورات في الصناعات الغذائية، والتي تشمل ثلاثة محاور "زراعة الفطر وتصنيع الكونسروة والألبان والأجبان بكل أنواعها"، إضافة لدورات في قيادة الحاسوب Icdl، وتمنح المستفيدات والمستفيدون شهادات مصدقة من قبل وزارة الصناعة والجمعية المعلوماتية، من أجل مزاولة المهنة بشكل رسمي، هذا إلى جانب افتتاح دورات حسب الاحتياجات والطلب من قبل سيدات "مساحة رؤيا".

وتشير" العودة" إلى أنه جرى تنظيم دورة مؤخراً استفاد منها 22 شاباً، تناولت تدريب مهارات التوظيف بالمنظمات الإنسانية والجهات الرسمية والقطاع الخاص، وكيفية كتابة ال CV وأصول المقابلة وجمع البيانات والإكسل المتقدم، كما أن دورات "مساحة رؤيا" يستفيد منها جميع أبناء المحافظة، وبيانات المستفيدين من السيدات والشباب تؤكد ذلك، فمنذ انطلاق "مساحة رؤيا" منتصف العام الماضي استفادت 457 إمرأة من سيدات حوران بعد التحاقهن بإحدى دورات المساحة وتخرجهن منها، هذا إلى جانب تخريج 162شاباً بمهن مختلفة.

وبشيء من التفصيل تبين "العودة" من خلال الأرقام، أنه استفادت منذ إنطلاق رؤيا 315 سيدة من خلال التحاقهن بدورات للصناعات الغذائية ، و 23 مستفيدة من دورة تربية النحل، فيما عدد السيدات اللواتي استفدن من دورة صيانة الموبايل بلغ 18 سيدة، والصيانة المنزلية 18 سيدة، أما بدورة قيادة الحاسوب icdl بلغ عدد المستفيدات 83 سيدة.

بينما المستفيدون في مساحة الشباب في الحدادة والنجارة بلغ مناصفة 50 شاباً، وفي دورة المحاسبة 19مستفيداً والصناعات الغذائية والجوال والصيانة المنزلية للأدوات الكهربائية 22 لكل منها وبلغ عدد المستفيدون29 مستفيداً في دورات قيادة الحاسوب icdl .

تجارب نجاح

عدد من النساء المستفيدات تحدثن للمدونة عن تجاربهن مع المركز ومدى استفادتهن من خدماته، وبينت السيدة "س.بريدي" من بلدة "عتمان" أنها التحقت بدورة تربية النحل حسب رغبتها، وتخرجت منها بعد شهرين حيث قدمت الجمعية لها ولزميلاتها حقيبة مستلزمات مجانية بهدف متابعة وتطوير ٱلية عملها، وتتكون الحقيبة من فرازة عسل وعتلة وداخون وقلم تجميع غذاء الملكات وبدلة لباس النحل وخلية نحل هي خطوة على طريق التأسيس.

السيدة "البريدي" تطمح إلى دعم مشروعها ،حيث أصبح لديها ست خلايا نحل.

بدورها اتبعت السيدة "م.مسالمة" لأكثر من شهرين دورة في الصناعات الغذائية "أجبان والبان، كونسروة، فطر" وحصلت على مستلزمات العمل، وتبين أن عقبة الانطلاق هي وجود المكان الخاص للمشروع وتأمين المواد الأولية من أجل التأسيس وإثبات الوجود، وهي تأمل أن يستمر الدعم من خلال المساعدة في تأمين المكان والمواد الأولية ولو لفترة محددة.