اقتبس حي "سيف الدولة" الذي يعدُّ واحداً من أهم الأحياء الرئيسية بمدينة "حلب"، اسمه من أميرها "سيف الدولة الحمداني"، وحمل الاسم -إضافة لبعده التاريخي- صفة الحي (الجديد القديم)، حيث تميّز بموقعه الجغرافي الجميل الواقع على هضبة جبلية مرتفعة، يطل من خلالها على باقي الأحياء المجاورة له، ومن ميزاته المهمة قربه من مقر الجامعة والمراكز الخدمية والمدينة الرياضية وطريق "حلب دمشق"، كل ذلك جعل الحي قبلة الراغبين من العوائل الحلبية للسكن والعيش، وتشتهر محلات شارعه الرئيسي بتجارة الألبسة الجاهزة وبعض المهن الأخرى مثل الديكور وبيع والمفروشات.

جغرافيا وحدود

يقع حي "سيف الدولة" في الطرف الغربي من المدينة، ويمتد شارعه الرئيسي والتجاري بطول يتجاوز كيلومترين، وتتفرع عنه مفارق أهمها "زينو والدوحة والخزان الأرضي والبربد والمولات"، ويحده من جهة الشمال طريق "الشام ومعهد حلب العلمي وكلية العلوم"، ومن جهة الغرب حي "دار صلاح الدين والحمدانية"، ومن الشرق أحياء "المشهد والإذاعة والزبدية"، يمتاز الحي بجمال بنائه القديم -المصمم على شكل فيلات قديمة مزروعة بالأشجار المثمرة- والحديث الطابقي.

يقول "عبد المنعم فاضل" مختار حي سيف الدولة": <<يعدُّ هذا الحي من الأحياء العريقة والمهمة بالمدينة، ويقال أن (البيكاوات وكبارية) أهل "حلب" القدامى، استوطوا الحي وسكنوه في بداية حقبة الخمسينيات وعمرت فيه الفيلات والبيوت الجميلة، وعدّت تلك المباني بوقتها بمنزلة المنتزه لهم بعيداً عن صخب وضوضاء الأحياء القديمة، وبسبب قربه من طريق "حلب الشام" ازداد طلب الناس على شراء المنازل فيه حتى وصل عددهم الحالي إلى ما يقارب نحو 27 ألف نسمة، ونظراً لكبر مساحة الحي وقبل مدة قصيرة تم فصل حي الإذاعة من الجهة الشرقية عنه ليصبح الأخير حياً مستقلاً، واقتصر "حي سيف الدولة" على الجهة الغربية وهو الأكثر بالبناء وبالكثافة السكانية والمحلات والمرافق الخدمية".

السوق والمول التجاري بحي سيف الدولة

طابع تجاري

دوّار الكرة الأرضية - حي سيف الدولة

يغلب على الحي الطابع التجاري وخاصة تجارة الألبسة الجاهزة والتفصيل، وبسبب موقعه المميز تم بناء أكثر من (مول) للأغراض التجارية، ما ضاعف من إقبال الزبائن عليه ومن كل أحياء المدينة الأخرى.

ويضيف" فاضل" بأن الحي مخدمٌ من جميع النواحي اللوجستية والخدمية ويتوسطه مركز ضخم للبريد، عدا عن وجود الكم الكبير من المدارس والحدائق والعيادات الطبية والخزان الأرضي.

"عبد المنعم فاضل ومهند شيخ ديب وأحمد بي وياسر قلعة جي"

ويختم المختار "فاضل" بالقول: "اشتهر أبناء حي سيف الدولة بالتعاضد والتكاتف ووقوفهم بجانب بعضهم البعض في الأفراح والأحزان والضائقات المالية والمناسبات والأعياد".

توسع عمراني جديد

نتيجة الإقبال المتزايد على السكن فيه توسع الحي بالبناء كثيراً، حتى وصل لتخوم حي "صلاح الدين والحمدانية"، وعن ذلك يقول الكابتن "مهند الشيخ ديب" لاعب المنتخب الوطني السابق لكرة القدم: <<ولدت ودرست في هذا الحي العريق وأعرف كل أزقته ومحلاته، وما يميّزه عن باقي أحياء المدينة الأخرى هدوءه وموقعه المهم وقربه من الجامعة ومركز المدينة "باب الفرج" معاً، إضافة لتوفر كافة الخدمات الضرورية بداخله، مترافقاً مع جمال البناء فيه والذي يتنوع بين الفيلات القديمة والتجارية الحديثة، وهناك توسع عمراني كبير في كل شوارعه الفرعية نتيجة رغبة كثيرين بالسكن فيه>>.

التعليم هو الأساس

يشتهر أهالي "حي سيف الدولة" بحث أبنائهم على الدراسة والتعليم، لذلك يعد من الأحياء المثقفة مع الحفاظ على تعلم باقي المهن الحرفية، وتنتشر العديد من المدارس والمعاهد التعليمية الخاصة التي يقبل عليها الجميع بكثافة، ما ساعد على خلق وتنشئة جيل واعٍ ومثقف يتابع دراسته العليا بالجامعات الحكومية والخاصة، وتكثر فيهه عيادات الأطباء ومكاتب المهندسين والمحامين والمحاسبين.

العم "أحمد بي" من أبناء الحي يقول : <<تعود أصولي لحي "قاضي عسكر" بـ "حلب" القديمة، وأتى بنا والدي في بداية السبعينيات لحي "سيف الدولة" وسكنا هنا.. يعد حينا هذا من أجمل أحياء المدينة لما فيه من ميزات وخواص اجتماعية، وما زلت أذكر كيف كانت أغلب الأراضي حول منزلنا زراعية وأشجارها كثيفة، وعندما كنا نصعد فوقها نرى بالعين المجردة الحافلات القادمة على طريق "حلب الشام" ، لقد نهض الحي وتطور كثيراً في بداية السبعينيات وبات قبلة للزائرين والراغبين بالسكن فيه نتيجة موقعه الجغرافي المهم>>.

حديث الذكريات

أما الحاج "ياسر قلعة جي قبوات" مؤذن "جامع آمنة" يقول: <<كل القاطنين في حي "سيف الدولة" جاؤوا من أحياء "حلب" القديمة، وأنا من حارة "الأعجام"، وفي منتصف الستينيات تشارك والدي "سليم قلعة جي قبوات" مع أصدقائه "حج عبد القادر حصري" و"حج أحمد كرمان" و"حج يحيى وأخيه يوسف مزيد"، بمشروع خيري من أموالهم الخاصة لشراء قطعة أرض لبناء أول مسجد في "حي سيف الدولة" سمي بمسجد "آمنة بنت وهب" وانتهى البناء فيه بداية السبعينيات، وداخل مسجدنا هذا كانت تقام السهرات الرمضانية بالإنشاد والذكر، ويجتمع أهالي الحي مع بعضهم على موائد الإفطار والسحر والمناسبات والأفراح والأحزان، حي "سيف الدولة" يعدُّ من أقدم الأحياء الحديثة، لقد كبر الحي وتوسع أضعاف مضاعفة عن أيام زمان>>.

تم إجراء اللقاءات والتصوير داخل "حي سيف الدولة" بتاريخ العشرين والواحد والعشرين من شهر آب لعام 2022.